ويرجع مؤرخون كثر سبب إطلاق تسمية «شحات» إلى شح المياه في هذه المدينة التاريخية بعد أن نضبت عيون مياهها العذبة التي كانت تروي سكانها في العصور الغابرة. فهي باختصار، وحسب هذا الطرح، مدينة العيون الشاحات، بالرغم من أن هذه الفرضية في التسمية لا تبدو منطقية ولا تجد سندا يدعمها أو دليلا علميا يؤكدها.
تعتبر المدينة من أجمل المدن الليبية من الناحية الحضارية والتاريخية، كما اعتُبرت واحدة من أجمل المدن في الوطن العربي، وتقع في المرتبة الثالثة من هذه القائمة، كما تحتوي على عدد من الأماكن ذات القيمة التاريخية والأثرية، ومنها: الحمامات اليونانية، والرومانية، ومعبد أبوللو، والمذبح الخاص به، وقلعة الاكرابوليس، ومسرح هرقل، والسور الخارجي الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى القرن الثاني للميلاد، والكنائس البيزنطية، ورواق هرمس، وبوابة الحرم الرومانية، ونافورة الحورية قوريني، وقصر جايوس ماجنوس، كما وصلت إليها بعض الشخصيات التاريخية المهمة؛ ومن أشهرهم: الإغريقي أفلاطون.
تأسست المدينة التاريخية الليبية سنة 631 قبل ميلاد المسيح عن طريق رحالة وتجار يونانيين كانوا يترددون على السواحل الشرقية لشمال افريقيا، أي المنطقة الواقعة ما بين أقصى شرق بلاد النيل من ناحية البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى خليج سرت الليبي. فما يقع بعد سرت من ناحية الغرب الليبي وصولا إلى سواحل المحيط الأطلسي، كان خاضعا لنفوذ قرطاج التي اقتسمت مع الإغريق شمال القارة السمراء وتوسعت في غرب المتوسط في كل الاتجاهات الممكنة وأقامت المستعمرات في غرب القارتين السمراء والعجوز وفي كثير من جزر المتوسط.
شهدت شحات عصرها الذهبي في القرن الرابع قبل الميلاد حيث نمت وازدهرت واحتلت موقعها في الخريطة القديمة لأهم المدن الكبرى وكانت تعتبر لدى اليونانيين، وفي عصر ما، أكثر أهمية من العديد من مدنهم الكبرى. ازدهر فيها النشاط الزراعي واستغلها الإغريق أفضل استغلال خاصة وأن أغلب أراضيهم تطغى عليها الجبال والجزر البركانية الصغيرة المتناثرة في بحر إيجه والبحر الأيوني.
تتصل المدينة مع مدينة درنة بطريقين؛ هما: الطريق الرئيسي الداخلي الذي يعبر القبة، وهو امتداد لطريق ليبيا الداخلي، بالإضافة إلى طريق الساحر الذي يعبر برأس الهلال وسوسة.
ذكرت شحات (قورينة) في النسخة العربية من الانجيل باسم القيروان: مرقس 15-21 “فسخّروا رجلا مجتازاً كان آتيا من الحقل وهو سمعان القيرواني أبو ألكسندرس وروفس ليحمل صليبه”. كما ذكرت في التوراة في سفر المكابيين.
وبسبب مرورها بأربع دول عبر تاريخها، فقد توفرت المدينة على مرافق وصل عددها إلى 26 مرفقا بين المسارح والأسواق والحمامات والأقواس وغيرها. وحصلت شحات على جائزة أحسن مدينة سياحية في مهرجان لندن السياحي عام 2007، لكنها اليوم تعاني من العبث بها في وضح النهار، رغم وقوع مركز الحكومة في البيضاء على بعد 10 كم فقط منها، إلا أن أجزاء منها تم حفرها بواسطة الجرافات وبناء مساكن خاصة من قبل الأهالي، كما أظهرت صور نشرها نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي. أما وسطها، فلم يسلم من خربشات ذكريات المراهقين وحتى شعارات ثورة فبراير/ شباط.
وبسبب غناها بأندر الآثار وأثمنها، لم تسلم من السرقة، وبحسب مصلحة الآثار الليبية، ففي عام 2018، أحبطت رابع محاولة سرقة لآثارها.