تتسرب جزيئات البلاستيك الدقيقة إلى كل بقاع الأرض من حولنا، ولكن، هل تم اكتشاف أي أثر لها داخل جسم الإنسان؟
بحسب تقرير لموقع “سان إيى ناتيرال” الفرنسي، يمكن ابتلاع أو استنشاق اللدائن الدقيقة والنانوية-وهي عبارة عن جزيئات بلاستيكية صغيرة للغاية يبلغ قياسها أقل من 5 ملليمترات وأقل من 100 نانومتر على التوالي-دون أن تدرك ذلك. وعادة ما يكون مصدرها النفايات البلاستيكية والألياف الاصطناعية من الملابس والإطارات ومنتجات العناية الشخصية وحتى المنتجات الغذائية.
في هذا الشأن، أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nanomaterials أن اللدائن الدقيقة يمكنها عبور الحاجز الدموي الدماغي والدخول إلى الدماغ بعد تناولها. تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الفئران التي تغذت على اللدائن الدقيقة والنانوية (MNPs) احتوت على هذه الجسيمات في أدمغتها بعد ساعتين فقط من ابتلاعها، بآلية غير معروفة سابقًا.
هذه الدراسة التي قادها لوكاس كينر-Lukas Kenner وفريقه من الباحثين، حققت في آثار اللدائن الدقيقة والنانوية MNPs على أدمغة الفئران، ووجد الباحثون أن جزيئات البلاستيك يمكن أن تزيد من خطر الالتهاب، والاضطرابات العصبية، وكذلك الأمراض التنكسية العصبية، مثل مرض الزهايمر أو مرض باركنسون.
إذا حدث ودخلت هذه اللدائن الدقيقة والنانوية إلى الدماغ، يعتقد الباحثون أنها يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض الخطيرة. وقال لوكاس كينر، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، في بيان: “في الدماغ، يمكن أن تزيد جزيئات البلاستيك من مخاطر الالتهاب أو الاضطرابات العصبية أو حتى الأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر أو باركنسون“.
وفقًا لما ترجمته “وطن“، توجد اللدائن الدقيقة في كل مكان في بيئتنا ومن المعروف الآن أنها توجد عند الحيوانات حول العالم، وكذلك في المشيمة البشرية. يمكن للجزيئات أن تدخل جسم الإنسان من خلال شرب المياه من الزجاجات البلاستيكية وتغليف الطعام، ويقدر أن الشخص الذي يشرب المياه المعبأة يمكنه تناول ما يصل إلى 90000 من الجزيئات البلاستيكية سنويًا.
لا جرم في أن الدراسة مهمة لأنها توضح أن المواد البلاستيكية الدقيقة والنانوية (MNPs) يمكنها عبور الحاجز الدموي الدماغي، على الرغم من أنها طبقة واقية تمنع دخول معظم المواد الغريبة إلى الدماغ. في السابق، لم يكن من الواضح ما إذا كانت اللدائن الدقيقة والنانوية MNPs يمكن أن تدخل الدماغ، لأن العديد من مسببات الأمراض والجزيئات الأجنبية فشلت في عبور هذا الحاجز الوقائي.
في اليياق نفسه، استخدم الباحثون الفئران لدراسة كيفية تحرك اللدائن البلاستيكية الدقيقة والبلاستيك النانوي بأحجام مختلفة عبر الجسم وكيف يمكن أن تغزو الدماغ. وقد استخدموا ستة فئران للتجربة، وقاموا بإعطاء الجسيمات عبر الفم لثلاثة منهم. ثمّ قتل الباحثون الفئران بعد ساعتين إلى أربع ساعات، وأخذوا عينات من أدمغتهم لاختبار لدائن MNPs.
وجد الفريق أن لدائن MNPs الأصغر قد عبرت الحاجز الدموي الدماغي وكانت موجودة في الدماغ بعد ساعتين فقط من ابتلاعها. أما بعض الجسيمات الأكبر حجمًا التي تم إدخالها إلى الفئران لم تعبر الحاجز، ما يشير إلى أن الجسيمات كانت مدعومة بصغر حجمها، لكن الباحثين أرادوا التعمق أكثر في كيفية عبورها الحاجز الدموي الدماغي بالضبط.
علاوة على ذلك، استخدم الباحثون المحاكاة الحاسوبية لاكتشاف آلية النقل السلبي في الدماغ، وتساعد في ذلك جزيئات الكوليسترول الموجودة على سطح الغشاء. كما سمح هذا الاكتشاف برسم خرائط لآلية نقل MNP جديدة.
من جانبهم، يأمل الباحثون أن يساعد نموذج آلية النقل الجديدة الخاص بهم في تحسين فهمنا للمغذيات الدقيقة وآثارها الصحية على الأبحاث المستقبلية.
وأوضح Lukas Kenner: “لتقليل الضرر المحتمل لجزيئات البلاستيك الدقيقة والبلاستيكية على البشر والبيئة، من الضروري الحد من التعرض وتقييد استخدامها في أثناء إجراء مزيد من الأبحاث حول تأثيرات لدائن MNPs”.