تقول رابطة “إسنشيالي مايوركا” إن معدل إشغال الفنادق الفاخرة بلغ في المتوسط بشكل مستمر خلال العام الحالي 90%، كما تشير التوقعات إلى أن الجزيرة ستحقق بحلول نهاية 2021 نحو مليار يورو (1.14 مليار دولار).
اشتهرت جزيرة مايوركا الإسبانية بأنها مقصد لإقامة الاحتفالات منخفضة التكلفة للسياح الألمان والبريطانيين، حيث تحفل الجزيرة بكثير من المناظر الطبيعية الجميلة والبلدات الساحرة، ومن بينها بلدة بالما القديمة الرائعة، التي تعد أحد أسباب تزايد انجذاب كبار الأثرياء في العالم لزيارة مايروكا.
ثري صيني في مايوركا
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي رُصد اليخت الفاخر للملياردير جاك ما الذي يعد أغنى شخص في الصين راسيا عدة أيام قبالة الساحل الجنوبي الغربي لمايوركا.
وكان هذا الملياردير مؤسس “علي بابا” -أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في العالم- اختفى عن الأنظار بضعة أشهر، بعد أن انتقد بحدة الهيئة المنظمة للتجارة في الصين العام الماضي.
وتمثل حقيقة أن أول زيارة دولية معلومة لجاك ما بعد خلافه مع بكين قادته إلى مايوركا دليلا على أن الجزيرة أصبحت جذابة لأشخاص يمتلكون ثروات كبيرة مثله.
وعلقت صحيفة “مايوركا تسايتونغ” التي تصدر بالألمانية على هذه الزيارة بقولها إن الملياردير الصيني (57 عاما) جاء إلى الجزيرة للتسوق وممارسة رياضة الجولف، ويرجح أيضا أنه كان يريد شراء عقارات فيها.
وذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” -التي تمتلكها مجموعة “علي بابا”- أن جاك ما توجه إلى مايوركا لعقد صفقات تجارية.
السياحة الفاخرة
ومهما كان الهدف من الزيارة، فإن جاك ما يعد واحدا من كبار الأثرياء في العالم الذين تتجه أنظارهم إلى مايوركا، حيث أصبحت السياحة الفاخرة “تطورا مدهشا”، وفقا لما يقوله جيسوس كوارتيرو رئيس شركة “فانيتي ويلكم” التي تقدم الخدمات السياحية الراقية، ومقرها بالما.
وارتفع عدد زوار الجزيرة إلى مستويات قياسية عام 2019، وشهدت زيادة أكبر خلال العام الحالي -رغم جائحة كورونا- وذلك وفقا لتقديرات كوارتيرو الذي يرأس أيضا رابطة “إسنشيالي مايوركا” للشركات المروجة للجزيرة كمقصد سياحي فاخر.
وقال كوارتيرو لوكالة الأنباء الألمانية “تروج مايوركا لنفسها الآن بوصفها واحدة من أهم المقاصد السياحية الأوروبية الفاخرة”.
وخلال عطلة الاحتفال بيوم القديسيين نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي كانت طويلة في كثير من الدول الأوروبية، كانت جميع المتاجر والفنادق ذات 5 نجوم في بالما محجوزة مسبقا، حسب بيانات رابطة “أسفاما للفنادق”.
وصرح رئيس “أسفاما” خافييبر فيش لصحيفة “ألتيما هورا” اليومية بأن الطلب الكبير على السفر الفاخر يتواصل منذ عدة أسابيع.
وتدعم إحصاءات كثيرة أخرى هذا القول؛ ففي يوليو/تموز الماضي شهدت مايوركا وصول 2685 طائرة خاصة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 60% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019.
وتقول رابطة “إسنشيالي مايوركا” إن معدل إشغال الفنادق الفاخرة بلغ في المتوسط خلال العام الحالي نسبة 90%، كما تشير التوقعات إلى أن الجزيرة ستحقق بحلول نهاية 2021، نحو مليار يورو (1.14 مليار دولار). وتوضح الرابطة أن السياحة الفاخرة تعني أن ينفق السائح 5 آلاف يورو في المتوسط يوميا.
وقال خوردي ريبا (من خدمة السيارات الليموزين “ليمو مايوركا”) لصحيفة “ألتيما هورا” إن “زبائننا من الساسة ورجال الأعمال ونجوم السينما والرياضة وغيرهم من كبار الأثرياء الأقل شهرة -ويبلغ إيجار الفيلا 50 ألف يورو في الأسبوع، وإيجار اليخت 60 ألفا في الأسبوع- ونحن نشهد حالة من الرواج”. وهناك كثيرون يستفيدون من هذا التطور، وبينهم وكلاء العقارات.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، نقلت صحيفة “إل باييس” اليومية عن كارلوس سيجوي، وهو وكيل عقارات في مايوركا، أن “قطاع العقارات الفاخرة يزداد قوة أكثر من أي وقت سابق، حيث يشتري مليونيرات أوروبا المنازل الآن بشكل محموم”.
الطبقة الرفيعة من السياح
ويقول كوارتيرو إن الطبقة الرفيعة من السياح تغزو الآن “كل شبر من الجزيرة”، كما يتابع المستثمرون الأجانب بشكل وثيق التطورات الجارية في مايوركا، وأعلنت سلسلة “إيكوس” للفنادق الفاخرة مؤخرا ضخ استثمارات بنحو 110 ملايين يورو، لتحويل فندق “بلاو بورتو بيترو” في المنطقة الجنوبية الشرقية من الجزيرة إلى منتجع فاخر شامل الخدمات، وهو يعد ثاني مشروع تقيمه الشركة خارج اليونان.
وفي حين تصدرت زيارات أمثال جاك ما وبارونات النفط ومليونيرات روسيا وسويسرا عناوين الأخبار في مايوركا، نجد أن معظم السياح من أصحاب الثروات الكبيرة يأتون من ألمانيا، على حد قول كوارتيرو، رغم أن أرقام الزوار الرسمية لعام 2021 لم تعلن بعد.
ويلاحظ أن حزب العمال الاشتراكي الإسباني -الذي يحكم منذ عام 2015 جزر البيلار التي تتمتع بالحكم الذاتي- ظل يسعي منذ فترة طويلة للحد من سياحة الاحتفالات ذات الميزانيات المنخفضة في الجزيرة.
وقال عمدة بلدة “بالما” خوسيه هيلا مرارا “لسنا بحاجة هنا للسياح الذين يتطلعون إلى تناول الكحوليات طوال الأسبوع”.
ومع ذلك، لا يشعر كل شخص في مايوركا بالاقتناع الكامل بهذا الاتجاه الذي عبر عنه العمدة، حيث يحذر خوان -الذي يدير متجرا للهدايا التذكارية- من أن كثيرا من الأنشطة التجارية الصغيرة والمطاعم التي تمكنت من التغلب على جائحة كورنا لا تزال تعاني، مضيفا “لا زلت أريد نوعية السائح الذي يشتري مني الهدايا التذكارية والمشروبات الغازية”.