موقع المغرب العربي الإخباري :
ختمت مقال “في معركة تحرير الأوطان ينتصر الشرفاء و الأحرار..” بدعوة عامة إلى كافة الشرفاء بضرورة دعم غزة الأبية بكل السبل الممكنة، و عدم الإكتفاء بالدعاء، فالدعاء وحده لا يكفي، و إنما ينبغي أن ندعمها بالأفعال و المواقف الملموسة، و أضعف الإيمان الإمتناع عن دعم الظالمين و المشاركين في الحصار والقصف، ودعمهم من جيوبنا بإقتناء بضائعهم و سلعهم وخدماتهم، فسلاح المقاطعة سلاح فعال و سريع التأثير..
و ضرورة العمل على تحرير أوطاننا من التبعية المذلة للمستعمر السابق و للمؤسسات الدولية المالية وغيرها، التي تكرس التخلف و العجز التنموي و النكوص الحضاري، وإجمالا نقول أن الدول العربية، شأنها شأن باقي الدول التي خضعت للإستعمار لن تستطيع الخروج من نفق التخلف إلا بالقطيعة التامة مع النخب الموصومة بالاستيلاب الثقافي والانبهار بحضارة الغير، هذه النخبة هي عين الوبال ومصدر كل الشرور ، هذه النخبة التي تحمل أكثر من جنسية و هوية، و تتكلم بأكثر من لسان ، هذه النخبة المسكونة بالمال و الثروات ، المرعوبة من الوقوف في وجه المستعمر والمحتل، المتوددة له، والمستورة لمقررارته، والأكلة على موائده من الصعب أن تحرر الأوطان أو تخرجها من دائرة التبعية و التخلف و الحرمان …
و مادمنا أشرنا إلى ضرورة دعم غزة شعبيا و بكل السبل الممكنة و المتاحة، و عدم الاعتماد على النظم الحاكمة ، و التي تقدم دعما في السر و العلن لجهود الصهاينة ، و يدعمونهم بكل السبل الممكنة و المتاحة ، بغرض منع كل إنتصار تحققه المقاومة الفلسطينية، و هنا نطرح سؤال إضافي : لماذا ترفض كل الدول العربية –إلا من رحم ربي- إستمرار حماس في حكم غزة؟ و لماذا يتقاسمون هذا المطلب مع قيادات تل أبيب وواشنطن و باريس و لندن؟
و سنجد الجواب عن هذا السؤال في تحدي الهوية و إشكالية الهوية و خطر الهوية، التي تتعرض اليوم لحملة إبادة شرسة ، من خلال الحرب على المساجد و التراث الثقافي الغزاوي و الفلسطيني بشا عام ، فالحرب التي تشن على الغزة لأزيد من 130 يوما و تصدرها الصهاينة و حلفاءهم من الصليبيون الجدد و الخونة العرب المعاصرين، لا تشن على قطاع أرضي بعينه ، و لا ضد حركة مقاومة بعينها ، و لكنها حرب ضد قيم أخلاقية و دينية و مقومات روحية و تراث ثقافي إستطاع من خلاله المسلمين السيادة على شرق العام و غربه ، طيلة قرون طويلة، و الخوف من عودة هذا النموذج التحرري و الأخلاقي لترع عرش السيادة ..
و من المفارقات الغريبة و غير المفهومة، أن الصهاينة و حلفاءهم يعترفون و يحرصون على إعلان يهودية دولتهم التي قامت على الاحتلال و الإغتصاب و على الأكاذيب و الأضاليل و الأساطير، ، لكن هؤلاء الذين لا يجدون حرجا في قيام دولة يهودية، يرفضون جملة و تفصيلا التسليم و القبول بإسلامية أي دولة عربية …
و نعيد التأكيد مجددا ، أن الشعوب العربية أمام منعطف تاريخي حاسم، فالنصر الذي حققته المقاومة الفلسطنية في طوفان الأقصى 7 أكتوبر و الذي تأكد و تعزز بالصمود الأسطوري في وجه ألة القتل و التدمير الصهيو-صليبة ..ينبغي لهذا النصر التاريخي و التضحيات الجسام أن تتحول لفتح جديد و لإستقلال حقيقي و شامل يبدأ من أرض فلسطين و يمتد لباقي البلدان العربية التي لازالت منقوصة السيادة و لا تملك قرارها..
و هذا الاستقلال الحقيقي لن يتحقق مالم تتكاتل و تتكاثف جهود و سواعد هذه الشعوب و قيادتها الحقيقية لا الشكلية، و عدم السماح للقوى الأجنبية بفرض أجندتها على أي بلد من بلدان الأمة المغاربية و العربية، كما يجري الأن في السودان و سوريا و اليمن و ليبيا ، و كذلك في مصر عبر خنقها إقتصاديا و إغراقها في المديونية الخارجية و هو ذات المنهج الذي يسير عليه بلدي المغرب ..
هذا ناهيك عن ما يحدث على أرض فلسطين المحتلة التي تقاوم اليوم بهويتها الأصيلة ، الكيان الصهيوني الذي ينوب عن مستعمري الأمس كافة ، لقد إجتمع فيه ما تفرق في غيره من أشكال الاستعمار عبر التاريخ..و للحديث عن الاستقلال و الهوية بقية .. و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون ..
كاتب و أستاذ جامعي
انسخ الرابط :
Copied