موقع المغرب العربي الإخباري :
في عالم تكثر فيه الحروب والأزمات بهدف السيطرة على التجارة العالمية وخطوط الانتاج الاستراتيجي للدول المسيطرة على القرار الدولي وهي ذاتها الممانِعة لإحداث أي تغيير يتناسب وواقع عالمنا اليوم الذي بات معروفا بعالم أحادي القطبية بزعامة أمريكا، وفي سبيل إبقاء هذه الهيمنة تستمر امريكا بافتعال الحروب والازمات في الدول المناهضة لهيمنتها فكانت حروب الشرق الأوسط وحرب اوكرانيا التي قد تشعل حربا عالمية غير معروفة النتائج وتعمل على الحفاظ على عدم الاستقرار في الدول ذات المواقع الاستراتيجية الفاعلة والمؤثرة في حركة التجارة العالمية، من هنا يأتي دور امريكا في تحريك اذرعها كالكيان الاسرائيلي وقوى الارهاب الذي استخدمته سابقا في تحييد الاتحاد السوفييتي سابقا من ساحة التوازنات الدولية، ومنذ احتلال اسرائيل لفلسطين وهي تقوم بتمرير مصالح امريكا في المنطقة وإن كانت معركة طوفان الاقصى بكل ما حملته خلال الشهور الماضية من آمال وآلام تحت عنوان الحرية والكرامة لفلسطين الا انها ببعدها الاستراتيجي تحمل عنوان أكثر واقعية المتمثل بإنهاء المشروع الامريكي وقتله المتمثل بسيطرة الليبرالية الامريكية على ثروات الشعوب الشرق الاوسطية من البوابة الفلسطينية .
وما ان اشتد الصراع وفشلت امريكا واسرائيل بتحقيق نصر خاطف على المقاومة الفلسطينية وجبهات الاسناد المتمثلة بحزب الله وأنصار الله ومن خلفهما كل من سورية خيمة المقاومة وإيران، والهزائم الكبرى التي اصابت صميم هذه القوى الاستعمارية بدءا بمعارك الجنوب التي اتسعت رقعتها لتطال العمق الاسرائيلي بالإضافة لسيطرة انصار الله على قرار العبور الاستراتيجي لحركة التجارة الامريكية الغربية في البحر الاحمر وبحر العرب والمحيطين الهندي والهادئ، والنتائج الهامة خلال هذه الاشهر الطويلة .
أمام هذا المتغير الكبير في تاريخ الصراع مع الكيان الاسرائيلي وفشله في تحقيق اهدافه التي هي اهداف امريكية بامتياز ظهرت المقاومة بأوج قوتها وثباتها وما تمتلكه من قدرات احدثت فرقا كبيرا لناحية امتلاك المقاومة للاسلحة الاستراتيجية الدقيقة التي لعبت دورا كبيرا في ادارة الصراع فكان الهدهد بأجزائه عوضا عن الضربة التي قسمت ظهر البعير الاسرائيلي والامريكي على مستوى الاستخبارات المتمثل بالفيديو المصور الذي بثته المقاومة الاسلامية اللبنانية عماد٤ وما تركه من أثر في الداخل الاسرائيلي على مستوى المؤسسات والمستوطنين وهذا الاثر شكل ضربة موجعة وانتصارا على الوجود الامريكي وقواعده وشبكات تجسسه في المنطقة .
لذا سعت اسرائيل وبتنسيق عالي مع امريكا للبحث عن موقع استراتيجي في دول محور المقاومة يتحول لحدث كبير عبر وسائل اعلامهم ليحل محل مدن حزب الله في السلاسل الجبلية وتحاكي ردا عسكريا صهيونيا على هذه المواقع فكان الخيار الامريكي الصهيوني لمركز البحوث العلمية في مصياف السورية هو المكان الا ان السيناريو الذي احتاجته اسرائيل والمكنات الاعلامية كان غير موفق وهو اختيار نفس النغمة التي استخدمتها لمدة ثلاثة عشر عاما من الحرب على سورية المتمثلة بالسلاح الكيماوي فهذه الرواية ضعيفة .
اما عن عملية الانزال الاسرائيلي في مصياف والرواية التي كذبتها وسائل اعلام العدو نفسها فهي ان حصلت غير معروفة النتائج فإيران افشلت السردية الاسرائيلية عندما طالبت النتنياهو بنشر مقابلات وصور للأسيرين الايرانيين التي ادعت حكومة الكيان بأسرهما ولم تقم اسرائيل بنشر اي صور او فيديوهات تثبت مزاعمها .
اما بالنسبة لاستهداف موقع في جبال مصياف لانتاج الصواريخ الدقيقة اقول ان اسرائيل تدرك جيدا بأن دور سورية محوري في عملية طوفان الاقصى وهي لم تنكر دعمها للحق الفلسطيني وللمقاومة والسلاح الذي ارهق الكيان في معركة الشمال هو سلاح مطور في البحوث العلمية السورية وهذا ما يبرر ذهاب الكيان لتكرار اعتداءاته على هذا المركز لعدة مرات وفي هذه المرة كان هناك استنفار من قبل العصابات الارهابية كما هو في منطقة ال ٥٥ كم حيث الاحتلال الامريكي .
اما في نتائج هذا الاعتداء لا ننكر ان هناك خسائر على مستوى الشهداء وعلى مستوى المؤسسات الخدماتية إلا انه لنا ان نتساءل ماذا حل بالعناصر الصهاينة الذين نفذوا عملية الانزال هل عادوا سالمين الى مواقع خدمتهم ؟ هل هناك اسرى من هؤلاء العناصر احياء او أموات هذه التساؤلات ستجيب عليها الايام القادمة، إما حربا أكثر اتساعا وشمولية او سنرى الاسرائيلي يلهث وراء الحلول السياسية لانقاذ ما تبقى من صورته الممزقة .
وفي الختام لابد من ان نشير الى دور سورية التي تقود المعركة من الخلف وهي التي دفعت أثمانا باهظة ومازالت تدفع ثمن مواقفها المشرفة من القضية الفلسطينية وما حدث في مصياف قد يكرر على شكل اعتداء لكن على الجميع قبل ان يتبنى أن يفهم النتائج فمدن عماد مغنية عصية عن التدمير والصواريخ الدقيقة والهدهد سيبقيان علامة فارقة في حرب طوفان الاقصى وعلى القادة الصهاينة العمل الدؤوب لإزالة الأثر وهذه المهمة قد تحتاج لعقود وما على قوى العدوان الا ان تقبل برسم الخرائط التي خطتها المقاومة والمغادرة كما غادرت روزفلت .
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
انسخ الرابط :
Copied