موقع المغرب العربي الإخباري :
في ظل غياب أي أفق لوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، ومع تزايد الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون في الضفة الغربية، والقدس، وباقي الأراضي المحتلة بحق الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي غير محدود، يتصاعد نقاش حاد في الولايات المتحدة الأمريكية بين أبناء الجالية العربية والإسلامية حول أي مرشح أمريكي للرئاسة قد يساهم في وقف شلال الدماء في غزة.
فمرشح الحزب الجمهوري الأسبق، دونالد ترامب، لم يجد أي حرج عندما صرح أمام الجالية اليهودية مؤخرًا بأن إسرائيل “مساحتها صغيرة ويجب العمل على تغيير ذلك”. وفي المناظرة الأخيرة بينه وبين بايدن، وصف الأخير أمام الملايين من المشاهدين الأمريكيين بأنه “أصبح مثل الفلسطيني”، مما يدل على استخدامه كلمة “فلسطيني” كنوع من القذف والازدراء. بالإضافة إلى ما فعله عندما كان رئيسًا، حيث حاول التسريع في تصفية القضية الفلسطينية من خلال إعطاء الضوء الأخضر للجانب الإسرائيلي لفعل ما يشاء في الضفة الغربية والقدس الشرقية من تهجير للفلسطينيين وسرقة أراضيهم. كما أهداهم هضبة الجولان على طبق من ذهب، وجر المغرب والسودان والبحرين والإمارات لتوقيع معاهدات أبراهام وتوسيعها في المستقبل القريب، مما دفع المجتمع الصهيوني إلى أقصى اليمين، وتدفقت المليارات من أموال العرب نحو الكيان الصهيوني لدعم الاحتلال والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، في سابقة لم تحدث في تاريخ التطبيع العربي الإسرائيلي من قبل.
أما مرشحة الحزب الديموقراطي هاريس، فلا تتوقف عن تذكير الجميع بشكل شبه يومي بأنها تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، متجاهلة حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه وتقرير المصير. وذكرت في أكثر من مناسبة أنها تؤيد سياسة بايدن في الشرق الأوسط وستواصل نفس السياسة في حال فوزها. وفي مؤتمر الحزب الجمهوري الأخير، أُعطي أهل أحد الأسرى الصهاينة منبرًا للتعبير عن خوفهم على ابنهم الأسير، بينما مُنع جميع المعارضين لحرب غزة وأهالي مئات الآلاف من الغزيين الذين استشهدوا أو أُسروا من إلقاء أي كلمة في هذا المؤتمر.
وفي خضم محاولة عدد من المسلمين والعرب في أمريكا توحيد الصفوف، خصوصًا في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان، وفلوريدا، وأوهايو، وبنسلفانيا، لتوجيه صفعة لكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي من خلال التصويت لمرشحة حزب الخضر جل ستاين؛ عبر أمير غالب، عمدة مدينة هامترامك في ولاية ميشيغان، وهي المدينة الوحيدة في الولايات المتحدة التي تمتلك حكومة إسلامية بالكامل، عن دعمه للرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر. في الوقت نفسه، وجهت واحدة من كبرى المؤسسات الإسلامية في أمريكا، Emgage، طعنة في ظهر جميع المعارضين لسياسات بايدن تجاه غزة بإعلانها دعمها للمرشحة الديمقراطية رغم تلطخ يديها بدماء المسلمين.
فلدى منظمة Emgage تاريخ حافل بخذلان قضايا العرب والمسلمين في أمريكا؛ ففي عام 2020، تم استبعادها من مجلس المنظمات الإسلامية الأمريكية، الذي يتألف من أكثر من 30 منظمة اسلامية، بعد أن رفضت Emgage الاستجابة لطلبات إنهاء علاقاتها مع الجماعات المؤيدة لإسرائيل والمعادية للمسلمين، وعلى رأسها AIPAC، وشارك أعضاء مجلس إدارة وموظفو منظمة Emgage أيضًا في “مبادرة القيادة الإسلامية” (Muslim Leadership Initiative)، وهي رحلات إلى إسرائيل تهدف إلى الترويج لصورة إيجابية للعلاقات مع إسرائيل، يديرها معهد شالوم هارتمن، الذي تربطه علاقات وثيقة بالجيش الإسرائيلي.
وفي شهر أكتوبر من عام 2023، ومع بدء حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل في غزة، لم تجد Emgage أي حرج في تقديم طوق نجاة لبايدن مع بدء حملته الانتخابية، من خلال لقائه في البيت الأبيض، رغم مقاطعة عدد من المؤسسات الدينية والحقوقية لهذا اللقاء، ورفض بايدن الاجتماع بأي منظمة إسلامية انتقدت دعمه الأعمى لدولة الاحتلال. وفي المؤتمر الديمقراطي الأخير، طلب أحد أعضاء Emgage من ولاية فلوريدا من مندوب مسلم منتخب نزع الكوفية الفلسطينية التي كان يرتديها احتجاجًا على سياسات الحزب الديمقراطي تجاه حرب الإبادة في غزة.
من المرجح أن تتشتت أصوات العرب والمسلمين، كما حدث في الانتخابات السابقة، بين مرشح هذا الحزب أو ذاك، دون أن تترك تأثيرًا ملموسًا على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة؛ وبالتالي، لن يحدث أي تغيير مهم في السياسة الأمريكية تجاه القضايا التي تهم العرب والمسلمين في أمريكا.
كاتب فلسطيني
انسخ الرابط :
Copied