موقع المغرب العربي الإخباري :
كان الجيش الإسرائيلي قبل نتنياهو هو صاحب الحل والربط في القضايا الإستراتيجية ولكن نتنياهو نجح في تقزيم هذا الدور والحد من تمكين الجنرالات المتقاعدين من إستلام مناصب مدنية وبذلك تحولت إسرائيل كباقي الدول لتصبح دولة لها جيش، والجيش يصدع لأمرة الساسة فأصبح كالعصا بيد الراعي يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه وله فيها منافع كثيرة، ويبدو أن هذا الوضع لن يستمر طويلا بعد أن لاحظ القادة العسكريون إنحدار وإنحطاط إسرائيل لمستويات أثرت على سمعتها السياسية وسمعة مواطنيها وأصبحت كيانا منبوذا في العالم يرتكب جرائم بطرق غير أخلاقية، ولا يلتزم بالقانون الدولي بل يتمرد عليه في صورة أشبه بالخارجين عن القانون، فخرج علينا الناطق الرسمي للجيش الإسرائيلي ليحدثنا بما صدرت إليه الأوامر من رئاسة الأركان فكان حديثه يمثل إنقلابا ناعما على حكومة نتنياهو عندما إقتنع الجيش بما قاله وزير الخارجية الأردني في الأيام الأولى للحرب بأن حماس فكرة ولا يمكن القضاء عليها أي أن الجيش الإسرائيلي إعترف بعد ثمانية أشهر من حرب الإبادة بما كان يجب أن يعترف به منذ الساعات الأولى للحرب، وبما أفصح به وزير الخارجية الأردني آنذاك.
وهذا الإنقلاب الناعم يجسد إنقساما واضحا بين الجيش والمستوى السياسي وكأن الجيش بدأ يسعى لكبح جماح المستوى السياسي المتطرف وإستعادة زمام المبادرة مع صمود المقاومة الفلسطينية وشعب غزة وتحقيق إنتصارات غير مسبوقة على قوات العدو حيث يصر نتنياهو على التضحية بالجنود وبالأسرى وبالشعب الإسرائيلي حفاظا على مستقبله السياسي، وهذه الحقيقة باتت أكثر وضوحا للجيش فقرر الخروج عن صمته ويلتقي مع السياسة الأمريكية في وسط الطريق لكبح جماح المتطرفين ومنعهم من تدمير اسرائيل وبات الأمر محرجا للمتطرفين، فليس لديهم إمكانية ولا أي طاقة لمواجهة الجيش الذي يحظى بثقة الإسرائيليين.
وما عقد المشهد أكثر وأكثر هو هدهد حزب الله الذي إستطاع الوصول الى حيفا ومناطق أخرى حيوية حيث تم عرض فيديو يمثل بنكا جديدا للأهداف الحيوية في مدينة حيفا وعاد الهدهد إلى قواعده سالما دون أن يلتقطه أي رادار من خطوط الدفاع الجوي المنتشرة ثم جاء خطاب السيد حسن نصرالله ليؤكد العزم على إجتياح الجليل وصولا إلى حيفا إذا قرر العدو الصهيوني مهاجمة لبنان مما دب الرعب في قلوب الإسرائيليين، وربما يتدافعون بفعل هذا الخطاب وذلك الهدهد على النزول للشارع لإسقاط حكومة نتنياهو ومن الأفضل لنتنياهو المحصن بالمتطرفين أن يخلع عباءة التطرف وينغرس في المفاوضات ويصدع للمبادرة العربية بحل الدولتين، وبذلك يمنح الشعب الإسرائيلي أملا ومستقبلا للعيش بسلام إلى جانب العرب والمسلمين بدلا من الإنتقال من حرب إلى أخرى وتكبده خسائر فادحة.
ونحن نعلم أن الإعلام الصهيوني لا يعلن عن الخسائر الحقيقية فخسائره تمثل خمسة أضعاف ما يتم الإعلان عنه فلم يبقى له من دبابات الميركافا بفعل صواريخ الياسين ما يمكنه من الإستمرار في هذه الحرب ولا شن أي حرب على حزب الله فأي تفكير بهذا الخصوص لن يكون نزهة، وسيتحول الهجوم لمقبرة للشعب الإسرائيلي فلن تميز صواريخ حزب الله ومحور المقاومة بين مدني إسرائيلي وعسكري إذا قررت إسرائيل فتح حرب شاملة، لذلك أنا أنصح نتنياهو وفريق المتطرفين الصهاينة أن يجنحوا للسلام ويوافقوا على شروط المقاومة الفلسطينية كما جاءت لفتح أبواب الحياة أمام الشعب الإسرائيلي الذي يعرضه نتنياهو للموت والخطر.
حفظ الله المقاومة وحفظ الله أمتنا العربية والإسلامية والنصر قادم من عند الله بإذن الله.
عميد أردني متقاعد
انسخ الرابط :
Copied