نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أمس الجمعة، مقالاً تحت عنوان “الغرب حاول عزل روسيا لكنه لم ينجح”، تناول الإستراتيجية الغربية تجاه روسيا عقب شنها هجوماً ضد القوات الأوكرانية قبل عام.
وقالت الصحيفة الأميركية إنّه بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، شكّل الغرب ما بدا وكأنه “تحالف عالمي ساحق”، إذ دعمت 141 دولة إجراءً للأمم المتحدة يطالب روسيا بالإنسحاب، لكن الغرب “لم يربح الكثير كما يبدو”.
وأضاف المقال أنّ 47 دولة إضافية بما فيها الهند والصين امتنعت عن التصويت أو فوتت التصويت، ومنذ ذلك الحين قدمت العديد من تلك الدول دعماً اقتصادياً أو دبلوماسياً لروسيا، كذلك فإنّ بعض الدول التي وافقت في البداية على إدانة روسيا بدأ بالتحرك نحو موقف أكثر حيادية.
وفي حين أنّ التحالف الغربي الأساسي “لا يزال قوياً” بشكل ملحوظ، بحسب الصحيفة، إلا أنّه لم يقنع بقية العالم بعزل روسيا، وبدلاً من ذلك تشرذم العالم.
ولفتت الصحيفة إلى أن نصف العالم يرى الحرب الأوكرانية مشكلة أوروبية وأميركية، وبدلاً من اعتبارها تهديداً وجودياً تركز هذه الدول بشكل كبير على حماية مصالحها وسط الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية.
وفي هذا الصدد، سلط المقال الضوء على الالتفاف الروسي على العقوبات الغربية، قائلاً إنّ العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب بدت وكأنها تقوض قدرة موسكو على استمرار الحرب، لكنها لم تكن مدمرة كما كان يأمل الغرب.
وبحسب الصحيفة، فإنّ الصين وتركيا زادت صادراتها إلى روسيا أكثر بكثير من مستويات ما قبل الحرب، فيما انخفضت صادرات البلدان الأخرى عندما بدأت الحرب قبل أن تعكس مسارها منذ ذلك الحين.
وحلّت السيارات الصينية محل الإمدادات الروسية السابقة من الشركات الغربية، كذلك صدّرت الصين المزيد من الآلات وأشباه الموصلات إلى موسكو.
وقالت الصحيفة إنّ البضائع الأخرى التي تنتجها الشركات متعددة الجنسيات والتي لم يعد من الممكن تصديرها مباشرة إلى روسيا “تتدفق الآن عبر دول ما بعد الاتحاد السوفياتي”.
وبحسب ما ورد في المقال، قد تؤثر العقوبات الغربية في روسيا “في المدى الطويل”، وقد “لا يزدهر” الاقتصاد الروسي بسرعة، إلا أنه قوي بما يكفي لمواصلة الحرب.
وأرسلت الولايات المتحدة وشركاؤها المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، فيما حاولوا قطع إمدادات روسيا من المعدات العسكرية من خلال فرض قيود تمنع العديد من الشركات من بيع التكنولوجيا الحيوية إلى روسيا.
هذه الجهود كانت “أقل تأثيراً”، فكوريا الشمالية شحنت “عدداً كبيراً” من قذائف المدفعية إلى روسيا، كما زودتها إيران بالمسيرات الانتحارية، وواصلت دول أخرى بما في ذلك الصين تزويد موسكو بالرقائق الدقيقة وغيرها، حسبما جاء في المقال.
وأضاف أنّ العديد من الحكومات في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا والشرق الأوسط التي تربطها علاقات رسمية قوية بالولايات المتحدة وأوروبا “لا ترى الحرب على أنّها تهديد عالمي”.
وبحسب الصحيفة، كسبت روسيا أصدقاء من خلال الدعاية وتعاقد عدد متزايد من الدول مع الروس وشراء الأسلحة الروسية.
وأشار المقال إلى أن أميركا اللاتينية، بعلاقاتها الطويلة مع الولايات المتحدة، صوتت إلى حد كبير إلى جانب جارتها الشمالية لإدانة روسيا، لكن “الشقوق بدأت تظهر بشكل أكثر بروزاً في الأشهر الأخيرة”.
وتشكل عشرات الدول المجموعة الأساسية التي تدعم أوكرانيا من خلال تقديم المساعدة العسكرية أو معاقبة روسيا، لكن حتى بين الدول الغربية لم تكن الوحدة مثالية، بحسب “نيويورك تايمز”.
ولفتت إلى أنّ المجر فرضت عقوبات على روسيا بصفتها عضواً في الاتحاد الأوروبي، إلا أنها أجلت العديد من قرارات الاتحاد التي تتطلب الدعم بالإجماع، ورفض آخرون ممن قدموا الدعم العسكري لأوكرانيا فرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
وبعد عام على الحرب، رأت الصحيفة الأميركية أنّ إستراتيجية روسيا تبدو واضحة، وهي انتظار الغرب ولا سيما أنّ الدول الأوروبية قلقة من تأثير خسائر الحرب في اقتصاداتها وأنّها ستتخلى عن دعمها للعقوبات وتسليم الأسلحة لأوكرانيا.
واعتبرت أن الدول المحايدة ستستمر في زيادة التجارة مع روسيا. وربما، وفقاً لما جاء في المقال، حتى الولايات المتحدة، بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، ستتعب من الحرب وستضغط على أوكرانيا للاستسلام لبوتين.