أمر رئيس “حكومة الوحدة الوطنية” الليبية في طرابلس عبد الحميد الدبيبة بإيقاف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش احتياطياً، وإحالتها للتحقيق، على خلفية لقائها وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين في روما، كما سرّبت وسائل الإعلام الإسرائيلية في وقت سابق.
خبر اللقاء التطبيعي أثار ردود أفعال منددة على المستوى السياسي والشعبي. إذ أعلن “حزب العدالة والبناء” في ليبيا استنكاره لما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، عن لقاء المنقوش بكوهين.
وطالب “حزب العدالة والبناء”، في بيان، “رئيس الحكومة بإقالة وزيرة الخارجية فوراً من منصبها، لإقدامها على هذا اللقاء المشبوه”، مؤكداً أنّ “هذه الخطوة المسيئة لمشاعر جميع الليبيين تقتضي إيضاحاً وافياً في وسائل الإعلام”.
وأضاف أنّ “هذه الخطوة الخطيرة التي جرت تمثل خطاً أحمر يجب عدم المساس به”.
وفي السياق نفسه، أكّد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا وأحد أبرز اللاعبين السياسيين في البلاد، خالد المشري، تعليقاً على الأنباء عن لقاء بين كوهين والمنقوش، أنّ “هذه الحكومة يجب إسقاطها”.
وأضاف المشري أنّ “هذه الحكومة قد تجاوزت كلّ الخطوط الممنوعة والمحظورة الدينية والوطنية والقانونية”.
وفي السياق، طالب “حزب التغيير” الليبي، الحكومة بتحديد موقفها أمام الليبيين من هذه الخطوة غير المقبولة، كما طالبها باتخاذ الإجراءات المناسبة وتقديم الاعتذار للشعب الليبي.
وشدد “حزب التغيير” الليبي على رفضه القاطع لأي علاقات مع الكيان الصهيوني وتحت أي ذريعة كانت.
هذا ودعا عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا سعد بن شرادة، رئيسي المجلس الرئاسي والحكومة إلى إحالة الوزيرة المنقوش إلى القضاء.
النائب الليبي عبد السلام من جهته، حمّل المجلس الرئاسي المسؤولية عن خطوة المنقوش، بصفته مسؤولاً عن وزارة الخارجية.
بدورهـا، طالبت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي نجوى وهيبة المجلس حكومة الوحدة بتوضيح حقيقة لقاء الوزيرة المنقوش بوزير خارجية الاحتلال.
ليبيون يحرقون العلم الإسرائيلي
ميدانياً، قام متظاهرون بإحراق العلم الإسرائيلي، خلال تظاهرات في مدينة الزاوية الليبية وفي تاجوراء، عقب الأنباء عن اللقاء التطبيعي مع الاحتلال.
المتظاهرون في تاجوراء شرقي ليبيا أغلقوا شارعاً رئيساً احتجاجاً على اللقاء التطبيعي، كما هددوا بتصعيد الموقف والاتجاه إلى طريق السكة حيث مقر حكومة الدبيبة.
هذا وتفاعل الليبيون بغضب عبر وسائل التواصل، منددين بفعل “الخيانة” الذي ارتكبته المنقوش.
الخارجية الليبية: “ما حدث في روما لقاء غير رسمي وغير معد مسبقاً”
وفي أول تعليق لها على ما سرّبته وسائل إعلام إسرائيلية حول اللقاء بين كوهين والمنقوش، أكدت وزارة الخارجية الليبية “الالتزام الكامل بالثوابت الوطنية تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”، مشددة “على التمسك بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين وهذا موقف راسخ لا تراجع عنه”.
وأضافت الخارجية الليبية أنّ “الوزيرة المنقوش رفضت عقد أي لقاءات مع أيّ طرف ممثل للكيان الإسرائيلي وما زالت ثابتة على ذلك الموقف بشكل قاطع”.
وتابعت أنّ “ما حدث في روما لقاء غير رسمي وغير معد مسبقاً أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي”. مؤكدة أنّه “لم تجر أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات، بل أكدت الوزيرة ثوابت ليبيا بنحو غير قابل للتأويل”.
الخارجية الليبية نفت جملة وتفصيلاً “ما ورد من استغلال من قبل الصحافة العبرية والدولية”، مجددة رفضها التام والمطلق للتطبيع”. وأكدت مرّة أخرى أن موقفها ثابت تجاه القضية الفلسطينية.
مسؤول لييبي: لقاء المنقوش وكوهين حدث صدفةً
في غضون ذلك، نقل الملحق الإعلامي السابق في السفارة الليبية في تونس جمال الكافالي عن مصدر بحكومة الدبيبة، أنّ “المنقوش كانت في لقاء مع نظيرها الإيطالي حين جاء وزير خارجية إسرائيل”.
وأضاف الكافالي أنّ “وجود المنقوش بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي لم يتجاوز الـ10 دقائق”، فيما أكّدت الوزيرة للحاضرين “رفض ليبيا التطبيع مع إسرائيل”.
وأكّد أنّ ما صرحت به وسائل الإعلام الإسرائيلية بخصوص عرض المنقوش التعاون التام مع “إسرائيل” غير صحيح تماماً.
كما لفت إلى أنّ رئيس الحكومة الليبية أعطى أوامره بفتح تحقيق فوري في الواقعة، ومن المتوقع صدور بيان لاحقاً من وزارة الخارجية.
إعلام إسرائيلي: “اللقاء سبقه اتصالات”
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية كشفت، في وقت سابق اليوم الأحد، أنّ وزير الخارجية في حكومة الاحتلال إيلي كوهين “التقى سراً” بوزيرة الخارجية الليبية في حكومة عبد الحميد الدبيبة، نجلاء المنقوش، في إيطاليا، في خطوة أولى تهدف إلى بحث العلاقات بين “إسرائيل” وليبيا.
وقالت “القناة الـ 12” الإسرائيلية إنّ “هذا الاجتماع يُعدّ الأول على الإطلاق بين وزيري خارجية إسرائيل وليبياظ، وقد جرى الأسبوع الماضي في إيطاليا، باستضافة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني”، كاشفةً أنّ كوهين قال خلال اللقاء إنّ “حجم ليبيا وموقعها الاستراتيجي يمنحان العلاقات معها أهمية كبيرة وإمكانات هائلة لإسرائيل”.
كما كشف المعلّق السياسي في “القناة 12” يارون أبراهام أنّ اللقاء بين كوهين والمنقوش في إيطاليا “سبقه عدة مكالمات هاتفية بين الوزيرين”.
ويأتي ذلك فيما ليبيا منقسمة بين حكومة طرابلس برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة وحكومة أسامة حماد التي تعمل في الشرق بدعم من البرلمان والقائد العسكري خليفة حفتر.
ويذكر أنّ الحديث عن تطبيع ليبي محتمل مع “إسرائيل” ليس بالأمر المستجدّ، ففي عام 2021، أُشيع في الإعلام الإسرائيلي عن “محاولات إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وليبيا”.
وقالت صحيفة “معاريف” إنّ زعماء طرابلس الرسمية “يفكرون ملياً باحتمال الدفع قدماً بإقامة الحوار مع إسرائيل عبر علاقات دبلوماسية رسمية، لاستخدام ذلك ورقة لعب أمام منافسيهم”.
وقال الدبيبة لصحيفة “معاريف”، حينها، إنّ القرار في موضوع إقامة العلاقات مع “إسرائيل” يجب أن يتم اتخاذه من قبل الشعب الليبي، مشيراً إلى أنّ “هذا الموضوع سيناقش لاحقاً”. ومع ذلك، فهو أيضاً لم يستبعد هذه الاحتمالية تماماً، بحسب الصحيفة.
كذلك، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، آنذاك، أنّ صدام حفتر حمل من أبيه رسالة إلى “إسرائيل” يطلب فيها مساعدة سياسية وعسكرية إسرائيلية مقابل تعهده بإقامة علاقات دبلوماسية مستقبلية بين “إسرائيل” وليبيا.