كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن إقالة وزارة الخارجية الأمريكية لكبير المسؤولين الإعلاميين للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية شاهد قريشي، الاثنين الماضي، بعد خلافات متعددة حول كيفية توصيف السياسات الأمريكية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، خاصة المخطط المثير للجدل لإعادة توطين مئات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة.
التعازي للصحفيين الشهداء
أشارت “واشنطن بوست” إلى أن إقالة “قريشي” جاءت بعد أيام من نقاش داخلي حاد بشأن إصدار بيان إعلامي تضمن عبارة “لا ندعم التهجير القسري للفلسطينيين في غزة”، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ووثائق راجعتها الصحيفة الأمريكية.
وكان قريشي صاغ هذه العبارة التي تشابه تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي قال في فبراير إن الولايات المتحدة لن تتابع “خطة إخلاء” لغزة.
قيادة وزارة الخارجية اعترضت على هذا الطرح، وأصدرت تعليمات للمسؤولين بـ”حذف هذا السطر وتنظيفه”.
في السياق ذاته، وقع خلاف آخر في وقت سابق من الشهر الجاري عقب استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للصحفي أنس الشريف وصحفيين آخرين في مدينة غزة، ما أدى إلى استشهادهم.
وبينما ادعت إسرائيل أن “الشريف” كان عضوًا في حماس، وهو ما نفته مؤسسته الإعلامية، أوصى قريشي بتضمين عبارة تقول: “نحزن لفقدان الصحفيين ونعبر عن تعازينا لعائلاتهم”، لكن قيادة وزارة الخارجية اعترضت في بريد إلكتروني أُرسل في 10 أغسطس، قائلة: “لا حاجة لرد.. لا يمكننا إرسال التعازي إذا لم نكن متأكدين من تصرفات هذا الشخص”.
فرض تسميات إسرائيلية
كشفت الوثائق التي راجعتها “واشنطن بوست” أن ديفيد ميلستين، كبير مستشاري مايك هاكابي السفير الأمريكي لدى إسرائيل، كان أبرز معارضي قريشي داخل الوزارة.
ووصف مسؤولون مطلعون ميلستين بأنه معروف بمواجهة الموظفين في أنحاء الوزارة دفاعًا عن الحكومة الإسرائيلية، وأنه “يبدو حريصًا بشكل مفرط على إرضاء المسؤولين الإسرائيليين ويتدخل بشكل متكرر في أمور تتجاوز نطاق مسؤولياته”.
وشهد يوليو الماضي اشتباكًا حادًا بين ميلستين ومسؤولين آخرين عندما سعى الأول لإصدار بيان باسم وزير الخارجية ماركو روبيو يدين أيرلندا لنظرها في تشريع يحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية، ما أثار قلق الدبلوماسيين الأمريكيين في أوروبا.
كما اختلف ميلستين وقريشي أخيرًا حول إصرار الأول على إشارة وزارة الخارجية إلى الضفة الغربية باسم “يهودا والسامرة”، وهو الاسم التوراتي للمنطقة المستخدم داخل إسرائيل، إلا أن قريشي تمكن في النهاية من حذف هذا التوصيف من مذكرة ميلستين حول زيارة رئيس مجلس النواب مايك جونسون للمنطقة، واستبدلها بالمصطلح المعترف به دوليًا “الضفة الغربية”.
تداعيات القرار
لم تقدم وزارة الخارجية مبررًا واضحًا لإقالة قريشي، لكن المتحدث باسم الوزارة تومي بيجوت ألمح إلى انحرافه عن أجندة البيت الأبيض، قائلًا: “الموظفون الفيدراليون يجب ألا يضعوا أيديولوجياتهم السياسية الشخصية قبل أجندة الرئيس المنتخب بحق”.
من جهته، أكد “قريشي” لصحيفة “واشنطن بوست” أنه لم يتلق تفسيرًا لإقالته، مشيرًا إلى أن توصياته كانت تخضع دائمًا للمراجعة الداخلية وأنه كان له “سجل مثبت في قدرته على توجيه رسائل الرئيس ترامب وروبيو في النقاط الإعلامية العامة”.
أشار مسؤولون أمريكيون، وفقًا لما نقلته “واشنطن بوست”، إلى أن إقالة قريشي بعثت برسالة مثيرة للقلق لموظفي وزارة الخارجية بأن التواصل الذي ينحرف عن الرسائل المؤيدة بقوة لإسرائيل لن يُتسامح معه، حتى لو كان متماشيًا مع السياسة الأمريكية طويلة الأمد.