نشر معهد “شاثام هاوس” البريطاني تقريراً، تحدث فيه عن العلاقات بين شركات التكنولوجيا الكبرى، وصناع السياسات، ومجتمع المساءلة عبر الإنترنت، والتي عدّها علاقات عدائية ومسيسة، أدت “إلى تدهور الجهود المبذولة لمكافحة التضليل”.
وجاء في التقرير أنّ الانتخابات الأميركية ستجري “في أكثر مساحة معلومات ملوثة، ومتدهورة في الذاكرة الحية”، إذ يُعَدّ “التدفق المستمر للبريد العشوائي الممكّن من الذكاء الاصطناعي، والتزييفات العميقة، والميمات، وقوداً للاتجاهات طويلة الأمد في الإعلانات السياسية الرقمية الشخصية، وتفكك وسائل الإعلام المحلية، وضعف البنية التحتية الرقمية للديمقراطية أمام سوء الاستخدام والانتهاكات”.
وستجري هذه الانتخابات أيضاً في ظل أجواء من الغموض، بحيث “تجد المنظمات، التي كانت تاريخياً تسلط الضوء على تهديد المعلومات المضللة، نفسها معزولة، وتواجه دعاوى قضائية ومضايقات، وتم تقليص وصولها إلى البيانات وقطع تمويلها”.
وهذا “تغيير حديث نسبياً. فعلى الرغم من الشعور بعدم الارتياح في بعض الأحيان، فإن الحكومات والمنصات التكنولوجية والمجتمع المدني سابقاً كانت تتواصل فيما بينها، وكانت تتصارع بشأن شكل الحياة الرقمية وقواعدها وقيمها”.
وأشار تقرير “شاثام هاوس” إلى عمل الصحافيين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني على ملء الفراغ الذي خلفته المساءلة، بسبب التنظيم البطيء، والحوكمة غير العادلة والمتجذرة في تردد الحكومات الغربية في التدخل في وسائل الإعلام أو الحريات الشخصية”.
ولفتت أعمال هذا “المجتمع” إلى الانتباه للأماكن التي كانت فيها العمليات والمؤسسات والنظم الديمقراطية والسياسية “تتأكّل بسبب الانتقال إلى الإنترنت، وأحياناً حتى قبل أن تكون الشركات المسؤولة عن التكنولوجيا على دراية بذلك. وشمل ذلك كشفاً مثيراً لمحاولات استخدام المنصات التكنولوجية لتقويض العمليات الديمقراطية في الولايات المتحدة، مثل فضيحة كامبريدج أناليتيكا في عام 2018”.
وفي السياق، تحدثت “فايننشل تايمز”، في وقت سابق من هذا العام، عن تخوف الخبراء من أن يكون عام 2024 العام الذي يكون فيه لعمليات التزييف العميقة وغير القابلة للاكتشاف تأثير كارثي في الانتخابات.
وطوال أعوام كثيرة، شكّلت المعلومات المضللة عبر الإنترنت عاملاً مهماً في الانتخابات، لكن التطورات السريعة الأخيرة، والتي شهدتها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تشير إلى أنّ التعامل مع وسائل الإعلام بات أرخص وأسهل من أي وقت مضى، بفضل سوق جديدة نشطة من الأدوات القوية، مثل “تشات جي بي تي” و”الأوبن إي آي” و”ميدجورني” وغيرها من أدوات إنشاء النصوص والتسجيلات والفيديو. وفي الوقت عينه، أصبح من الصعب على نحو متزايد اكتشاف الوسائط المُتلاعَب بها، أو المركَّبة.