عام صعب عاشته أوروبا في ظل تضخم متزايد وارتفاع غير مسبوق في أسعار الطاقة، ما حرك موجات احتجاجية متكررة في القارة العجوز.
وليست تداعيات الحرب في أوكرانيا ببعيدة عن تلك الأوضاع الصعبة في أوروبا في ظل تمويل واسع وغير محدود لكييف لمواجهة العملية العسكرية الروسية، ترافقت مع عقوبات غير مسبوقة ضد موسكو.
تلك التداعيات بدورها أحدثت تأثيرا سلبيا على غالبية الاقتصادات الأوروبية، فزادت معدلات التضخم والركود لأرقام قياسية، وهو دفع البعض لاعتبار ما تعانيه أوروبا ودفع بالناس في مناطق عديدة للتظاهر بـ”لعنة بوتين”.
ولا تكاد تمر فترة دون مظاهرات أو إضرابات في دولة أوروبية رئيسية، إثر تزايد أعباء الحياة بشكل كبير في العام الذي أوشك على الانتهاء، أو تنظيم بعض الجاليات مظاهرات تندد بأمور تخص هذه الجاليات.
وفي بروكسل، قبل أيام، تحدى أكثر من 15000 متظاهر البرد القارس للمطالبة بمزيد من الإجراءات لحمايتهم من ارتفاع أسعار الطاقة ومواجهة التضخم الجامح.
وتسببت الاحتجاجات، المدعومة من النقابات الثلاث الرئيسية بالبلاد، في تعطيل الخدمات العامة في جميع أنحاء بلجيكا، خاصة أنظمة السكك الحديدية ومترو الأنفاق في العاصمة وحولها وكذلك مطار بروكسل الدولي.
ومع تزايد الضغط على الناس بسبب ارتفاع الأسعار، طالبت النقابات بزيادات في الأجور في وقت تحقق فيه شركات مثل عمالقة الطاقة أرباحًا ضخمة في ظل عدم وجود ضرائب كافية على رأس المال.
احتجاج في ألمانيا
وقبل هذه المظاهرة بأسبوع، كان مئات الألمان على موعد مع احتجاج مماثل، بعد أن صرخ رجل عبر مكبر صوت “تخلص من شعورك بالعجز.. انزل إلى الشارع”، وردد صراخه حشد يسير خلفه في مدينة هاله الألمانية.
وكانت المخاوف الرئيسية للمتظاهرين هي ارتفاع تكاليف الطاقة، إذ حثوا الحكومة على إصلاح وإعادة فتح خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 إلى روسيا، ومكافحة التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 70 عامًا.
ولم تكن هذه المظاهرة أول احتجاج من نوعه في البلاد، إذ راقب المراقبون بدرجات متفاوتة من الانبهار والرعب، على مدار الأشهر الماضية، اتحادي اليمين واليسار المتطرفين لأول مرة للتعبير عن الغضب، حيث تحول “الخريف الحار” إلى ما يطلق عليه البعض “شتاء الغضب”.
ففي ١٠ أكتوبر/تشرين الأول و١٣ سبتمبر/أيلول الماضيين، نزل الآلاف في الشوارع في عدة مدن ألمانية، احتجاجًا على سياسة الطاقة. لكن تمت أيضًا مناقشة سياسة الحكومة الفيدرالية تجاه روسيا وقواعد كورونا، في مشاهد تكررت كثيرا في ٢٠٢٢.
وعلى سبيل المثال، شهدت ولاية ساكسونيا أنهالت الألمانية وحدها، ما يقرب من 3000 مظاهرة هذا العام ضد سياسة كورونا وضد السياسة الألمانية في الحرب الأوكرانية، وفق تحليل أجرته شبكة “إم آر دي”.
وبحسب التحليل، شهدت الولاية ما لا يقل عن 80 مظاهرة كل أسبوع، خاصة في بداية العام. الخلفية كانت في المقام الأول إجراءات إغلاق كورونا وبدء الحرب الروسية في أوكرانيا، ثم تطور الوضع في نهاية العام ليشمل التضخم وأسعار الطاقة.
ضيق من الحرب الغربية الروسية غير المباشرة
وقبل أيام، نشر الأكاديمي الأمريكي، ستيف هانكه، على حسابه بـ”تويتر”، مقطع فيديو يقول إنه لمظاهرة ضد الغلاء والحرب في روسيا في مدينة ميونخ الألمانية.
وكتب هانكه “الشعب الألماني يخرج إلى الشوارع للاحتجاج على العقوبات المفروضة على روسيا والتضخم.. المتظاهرون يضيقون بحرب الغرب غير المعلنة مع روسيا”، وفق ما رصدته “العين الإخبارية”.
وفي تصريحات تابعتها “العين الإخبارية”، توقع المؤرخ الألماني مارتن إتش غاير تزايد المظاهرات والاحتجاجات المرتبطة بالتضخم في الفترة المقبلة.
وأوضح غاير “أعتقد أن احتجاجات الجماعات الفردية، ستزداد، فالتضخم يدفع الناس إلى الشوارع”، مضيفا “لقد رأينا مؤخرًا الكثير من الأشياء التي تحدث لم نكن نتوقعها قبل عامين”.
وكالات