تعيش مدينة بيت لحم الفلسطينية أجواء عيد ميلاد السيد المسيح من دون مظاهر الفرح والاحتفالات، إذ تقرّر عدم إضاءة شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد كما هو المعتاد، والاستعاضة عن ذلك بمجسم لحجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة.
ويمثّل المجسم الذي نفّذه الفنان الفلسطيني، طارق سلع، مغارة الميلاد وسط ما بدا أنّه منزل مدمر، وأطلق عليه “الميلاد تحت الأنقاض”، في إشارة رمزية إلى الدمار الذي يشهده قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل، إضافةً إلى تماثيل لعائلة فلسطينية في أثناء النكبة.
وأُضيئت الشموع وأقيمت الصلوات في ساحة كنيسة المهد بحضور عدد من رجال الدين والمسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى السلطة الفلسطينية والمواطنين.
بيت لحم حزينة لأنّ غزة حزينة
في هذا السياق، أعرب القسيس منذر إسحق، راعي كنيسة الميلاد اللوثرية الإنجيلية في بيت لحم، عن تضامن المدينة مع أهل غزة في وجه آلة القتل الإسرائيلية.
وفي حديثٍ إلى الميادين، قال القسيس إسحق، إنّ “هذا العام لن يكون هناك احتفالات في الميلاد، في أرض الميلاد فلسطين، لأنّها تمرّ بمحنة كبيرة جداً، ومن المستحيل الاحتفال وهناك حرب إبادة في غزة”.
وأضاف أنّ “بيت لحم حزينة لأنّ غزة حزينة، فنحن شعبٌ واحد وأرضنا واحدة، ناهيك عن مسحييي غزة الذين يحتفلون بالميلاد بأصعب الظروف”.
وعن مجسّم “الميلاد تحت الأنقاض”، بيّن القسيس إسحق للميادين أنّ “صورة الطفل يسوع وسط الأنقاض هي ليست صورة غريبة وإن كانت صورة صعبة، لأنّها تُعبر عن واقع أهلنا في غزة وواقعنا في فلسطين”.
ولفت إلى أنّ “فكرة المغارة كانت تجسيداً لمعنى الميلاد في واقع الألم والاحتلال الذي نمر به، ففي أرض الميلاد يأتي العيد والفلسطينيون تحت الأنقاض ومشردون وبيوتهم تُهدم”.
كذلك، أكّد القسيس إسحق للميادين أنّ “المجسّم هو رسالة، بينما العالم يحتفل بأبهى الطرق بطفل الميلاد، أنّنا في فلسطين نريد وقف حرب الإبادة في غزة”.
بدوره، قال رئيس بلدية بيت لحم، حنا حنانيا، خلال حفل افتتاح العمل الفني، إنّ “غزة حاضرة هنا، إذ إنّ المغارة ليست عادية بل مدّمرة بفعل القصف، وبين جدرانها تحتضن العائلة المقدسة من خلال شكلها الذي يُماثل خارطة غزة، والأطفال الذين ارتقوا شهداء كالملائكة ينظرون من السماء”.
وأضاف حنانيا أنّ “ضوء المغارة خافت جداً بسبب القصف والموت، وفي الوسط تحتضن مريم العذراء الطفل يسوع، مُعلنةً الحياة الجديدة للبشرية جمعاء”.
وأوضح أنّ “كلّ شيء استثنائي هذا العام، إذ يحل عيد الميلاد المجيد في ظل ظروف صعبة جداً، راح ضحيتها الآلاف بين شهيد وجريح في غزة، فيما تشرد آلاف آخرون”.
كما أكّد حنانيا أنّ “بيت لحم، ولأول مرةٍ لا تضع شجرة الميلاد، ولن تُضيء شوارعها، بحيث سيقتصر العيد على الشعائر الدينية فقط”، مشدداً على أنّ ذلك “التزام أخلاقي ووطني، فشلال الدم يغيّب أي إمكانية للفرح”.
يُشار إلى أنّ سكان مدينة بيت لحم اعتادوا أن تبدأ احتفالات عيد الميلاد بإضاءة شجرة كانت توضع في ساحة الكنيسة بعلو ثمانية أمتار تزينها المصابيح.
وتبدأ الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي احتفالاتها بعيد الميلاد بإقامة صلاة قداس منتصف الليل في كنيسة بيت لحم.