تضررت سوريا بفعل الزلزال المدمر الذي هزّ عدة أقاليم جنوبي تركيا اليوم الاثنين، والذي بلغت قوته 7.9 درجات على مقياس ريختر.
وأفاد مراسلنا بأنّ إجمالي عدد ضحايا الزلزال ارتفع إلى أكثر من 592 شخصاً في مختلف المحافظات السورية، فيما صُنّفت سرمدا منطقة منكوبة.
وبحسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة السورية، ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال إلى 371 وفاة و1089 إصابة، معظمها في اللاذقية وحلب وحماه وطرطوس، مؤكّدةً أنّ هذه الحصيلة غير نهائية.
ووفقاً للوزارة، تمَّ رفع الجاهزية في أقسام إسعاف المشافي في كل المحافظات، واستنفار فرق الاستجابة التي تقوم بنقل الإصابات إلى المشافي، لافتاً إلى أنّه تم تطبيق خطة الطوارئ العامة وخطة الإمداد للمستلزمات والأدوية لتزويد الأماكن المتضررة بها.
انهيار أكثر من 60 مبنى في اللاذقية
كذلك، أفاد مراسل الميادين في اللاذقية بأنّ 80 شخصاً على الأقل توفوا، وأُصيب 300 آخرون في حصيلة أولية جراء الزلزال الذي ضرب المحافظة الذي أدى إلى انهيار أكثر من 60 مبنى بشكلٍ كلي وجزئي، وتشققات في مئات المنازل، مع استمرار أعمال رفع الأنقاض في مناطق عددية في المحافظة.
وتسبب الزلزال الذي سجل بقوة 7.8 على مقياس “ريختر” بانهيار 21 مبنى بشكلٍ كامل في شوارع الرميلة والغزالات والرميلة في مدينة جبلة، ما أدى إلى وفاة أكثر من 30 شخصاً ونحو 200 إصابة، إذ تعمل آليات الدفاع المدني والإطفاء وباقي القطاعات الحكومية على رفع الأنقاض في ظل الظروف الجوية الصعبة لإخراج العالقين تحتها.
وانهار عدد من الأبنية في أوتستراد دمسرخو والرمل الجنوبي وبعض الطوابق في دوار الأزهري والعوينة في مدينة اللاذقية. ووقعت أضرار كبيرة وتشققات في العشرات من المنازل في المدينة، ما أدى إلى وفاة عدد من سكانها وإصابة آخرين.
كذلك، سُجل انهيار عدد من المنازل فوق رؤوس قاطينها في قرى فديو وبستان الباشا وسطامو والحفة، وتم تسجيل عدد من الوفيات والجرحى، إضافة إلى إخراج عدد من الناجين من تحت الأنقاض، مع الاستمرار بأعمال رفع الأنقاض وإخلاء بعض الأبنية من قاطنيها بعد حدوث تشققات فيها جراء الزلزال.
وقامت محافظة اللاذقية بشكلٍ عاجل بتأمين مراكز إيواء للسكان الذين تضررت منازلهم جراء الزلزال، وتقديم المساعدات الإغاثية والغذائية العاجلة للمتضررين.
وسارع عشرات الآلاف من السكان إلى إخلاء منازلهم عقب وقوع الزلزال في محافظة اللاذقية، إذ غصّت الشوارع والساحات والطرق العامة بالأهالي ليل الاثنين وحتى ساعات الصباح، خوفاً من هزات ارتدادية كانت قد تتالت عقب الزلزال الشديد، مع استنفار كامل الطواقم الطبية لنقل الوفيات والجرحى إلى المشافي.
انهيار حي كامل في ريف إدلب السورية جراء الزلزال
أظهرت مشاهد مصورة ملتقطة عبر طائرة مسيرة حجم الدمار الذي لحق بمنطقة تابعة لمحافظة إدلب السورية من جراء زلزال قوي ضرب فجر اليوم الاثنين مناطق جنوب تركيا وشمال سوريا، وخلف مئات القتلى والجرحى، وشعر به عدد من دول المنطقة.
وأُرسلت 27 سيارة إسعاف و7 عيادات متنقلة من دمشق وريف دمشق والقنيطرة وحمص وطرطوس كمؤازرة لحلب واللاذقية، فيما تم إرسال 4 سيارات شاحنة محملة بالأدوية والمستلزمات الجراحية والإسعافية إلى حلب واللاذقية وحماه.
وبحسب مدير عام المركز الوطني لرصد الزلازل رائد أحمد، فإن المناطق الأكثر تأثراً هي تلك القريبة من مركز الزلزال في إدلب واللاذقية وحلب، مؤكّداّ أنّ الزلزال هو الأقوى خلال العمر الاستثماري للشبكة الوطنية للرصد الزلزالي في سوريا، أي منذ عام 1995.
وبحسب أحمد، حدثت وستحدث هزات ارتدادية تباعاً، لكنها أضعف بكثير من قوة الزلزال الذي وقع، موضحاً أن حالة عدم الاستقرار الزلزالي ستكون مستمرة، ولكنها بهزات أضعف تأثيراً وضمن حدود 5 درجات.
وأكّد مدير عام المركز الوطني لرصد الزلازل أنّ تضرر الأبنية وتأثرها بالهزات سيكون وفقاً لاستجابة هيكل بنائها ومقاومتها للزلازل.
150 حالة وفاة في حلب وريفها
أفاد مراسلنابوقوع أكثر من 50 ضحية في حلب في حصيلة أولية للزلزال المدمر، موضحاً أن عدد طواقم الإنقاذ في حلب قليل جداً، والإمكانات ضعيفة نتيجة الحرب والحصار على سوريا.
وقال مراسلنا نقلاً عن مصادر سقوط 60 حالة وفاة بفعل الزلزال في ريف حلب الشرقي الواقع خارج سيطرة الدولة.
وأعلن الدفاع المدني السوري الموجود في مناطق خارج سيطرة الدولة شمال غربي البلاد أنّ ما لا يقل عن 147 شخصاً لقوا حتفهم، ووصف الوضع بالصعب جداً، مؤكّداً أنّ مدينة حلب هي الأكثر تضرراً، وأنّهم بحاجة إلى مساعدة دولية.
وقالت مصادر محلية إنّ مدن حارم وسرمدا وأطمة والدانا وترمانين شمال إدلب هي الأكثر تضرراً في المدينة جراء الزلزال الذي أدى إلى انهيار عشرات الأبنية بشكلٍ كامل فوق قاطينها، ما أدى، وفق حصيلة أولية بحسب مصادر طبية، إلى وفاة أكثر من 150 شخصاً وإصابة المئات، مع استمرار رفع أعمال رفع الأنقاض بحثاً عن ناجين.
وأكّدت المصادر أنّ عشرات المفقودين ما زالوا تحت الأنقاض، ويسمع نداء استغاثات من تحت بعض الأبنية المنهارة في مدينتي حارم وسرمدا، إضافة إلى تضرر عدد من الأبنية السكنية في مدينة إدلب وخروج آلاف الأهالي من منازلهم إلى الشوارع وبقائهم فيها حتى ساعات الصباح.
أعمال رفع الأنقاض مستمرة في حماه
في مدينة حماه، أدى الزلزال إلى انهيار بناء سكني بشكلٍ كامل في حي الأربعين، ما تسبب بسقوط ضحايا وجرحى بالعشرات داخله، علماً أن أعمال رفع الأنقاض ما زالت مستمرة فيه. وإضافة إلى ذلك، سُجل عدد من الانهيارات الجزئية في عدد من الأبنية السكنية المجاورة، وتضرر عدد كبير من المنازل، وتوثيق حالات تشقق في أخرى تم إخلاؤها من قاطنيها ونقلهم إلى مراكز إيواء مؤقتة.
وأفاد مسؤول في الهلال الأحمر السوري بأنّ هناك مبنى من 7 طوابق انهار بالكامل من جراء الزلزال وعمليات البحث عن مفقودين مستمرة، مبيناً أنّ 125 شخصاً كانوا داخل المبنى المنهار في حي الأربعين تم إنقاذ 45 منهم حتى الآن.
أما في ريف حماه، فقد كشفت مصادر محلية للميادين نت انهيار بناء مؤلف من 3 طوابق في ناحية عين الكروح في سهل الغاب شمال غرب حماة، ما أدى إلى وفاة طفل وإصابة عدد من المدنيين، إضافة إلى إنقاذ عائلة وإخراجهم من تحت الأنقاض في بلدة الحوائق في سهل الغاب.
وذكرت مصادر رسمية أنَّ الحصيلة الأولية لوفيات الزلزال في محافظة حماه بلغت حتى الآن 23 ضحية، إضافة إلى انهيار نحو 25 مبنى بشكلٍ كلي وجزئي في عدد من أحياء المدينة، مع استمرار أعمال رفع الأنقاض.
“نداء استغاثة” من الهلال الأحمر
أكّد أمين عام الهلال الأحمر السوري خالد عرقسوس، أنّ هناك نقصاً شديداً في الأدوية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات في ظل كارثة الزلزال الذي ضربت البلاد، وأضاف: “نعاني من نقص كبير في التجهيزات الخاصة بمثل هذه العمليات وخصوصاً تلك التي تستخدم في إزالة الأنقاض”.
وأشار عرقسوس إلى أنّ فرق الهلال الأحمر لا تزال تعمل على انتشال جثث من تحت الأنقاض، مؤكّداً أنّنا “نرى مصابين تحت الأنقاض ولكن لا نستطيع الوصول إليهم بسبب نقص المعدات”.
أضرار الزلزال تطال مواقع أثرية سورية
وأفادت المديرية العامة للآثار والمتاحف بأنّ التقارير الأولية الواردة من بعض المحافظات أشارت إلى وقوع أضرار طالت بعض المواقع الأثرية نتيجة الهزة الأرضية فجر الاثنين.
وذكرت المديرية، في بيان لها، أنّ “قلعة حلب تعرضت لأضرار طفيفة ومتوسطة، منها سقوط أجزاء من الطاحونة العثمانية، وحدوث تشقق وتصدع وسقوط أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية، كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة، وسقطت أجزاء من الحجارة، منها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار”.
وذكر البيان أنّ بعض القطع الأثرية المتحفية داخل خزن العرض تعرض للضرر، وظهرت تصدعات وتشققات على واجهة المتحف الوطني في حلب”، متابعاً: “تنتظر المديرية العامة للآثار والمتاحف مزيداً من المعلومات الدقيقة خلال الساعات المقبلة عن حالة الكثير من المواقع في أغلب المحافظات”.
ووفقاً للبيان، فقد تعرض حي العقبة التاريخي المتاخم لسور المدينة الغربي لأضرار وانهيارات، وهو غير بعيد عن باب أنطاكية. كذلك الأمر في حي الجلوم التاريخي، إذ حدثت أضرار بالغة، منها سقوط أسقف غمس وجدران وأجزاء من واجهات.
تضامن عربي وعالمي مع ضحايا سوريا
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيريه السوري بشار الأسد عن استعداد بلاده لتقديم المساعدة اللازمة لتجاوز آثار الزلزال الذي ضرب سوريا فجر اليوم.
وتقدّم بوتين في برقيته بخالص التعازي بالضحايا الذين سقطوا جرّاء الزلزال، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
بدوره، أكّد رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأسد وقوف بلاده مع سوريا وتضامنه معها جرّاء الزلزال المدمر، وتقدم بخالص التعازي بمئات الضحايا الذين سقطوا، مؤكداً أنّ بلاده على أتمّ الاستعداد لمساعدة الشعب السوري على تجاوز آثار هذه الكارثة.
كذلك، أعربت سلطنة عمان في بيان رسمي عن تضامنها مع كل من تركيا وسوريا، وتقدمت بخالص تعازيها ومواساتها لأسر ضحايا الزلزال المدمر الذي وقع جنوب تركيا، وللشعبين التركي والسوري، وتمنت الشفاء العاجل للمصابين.
وتقدمت الجزائر بتعازيها الخالصة لأهالي الضحايا وحكومتي وشعبي تركيا وسوريا إثر الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، وخلّف خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية، بحسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج.
وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية في بيانٍ: “أجرينا اتصالات سريعة ومتتالية بوزيري النقل والصحة السوريين، ناقلين إليهما التعازي باسم رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ومجلس الوزراء، ومؤكدين أن لبنان دولةً وشعباً على أتم الاستعداد لتقديم كل المساعدات الممكنة، وضمن الإمكانيات المتاحة، في كل ما تطلبه الدولة السورية لمواجهة تداعيات الزلزال الذي ضرب الليلة الماضية شمالها ومناطق ودولاً أخرى أيضاً”.