تاريخ النضال في الوطن العربي يثبت لنا حجم التضحيات والأثمان الباهظة التي دفعت لأجل إعادة المجد والكرامة لهذه الأرض، فرغم الخيانة وتصارع البعض على حب السلطة وكسب المال، إلا أن هناك قادة نبعوا من حب الإيمان والعقيدة وعشقوا درب الشهادة في سبيل الله عز وجل، وهؤلاء هم جسر الأمة العربية والإسلامية وبدمائهم الزكية وصلنا إلى عزتنا وبقيت أرضنا تحيا بالأمن والاستقلال.
الشهداء هم أنبل من في الأرض ودفعوا حياتهم من أجل الكرامة ومن أجل أن يبقى الإسلام وتبقى العزة العربية، وعندما نتكلم عنهم وعن سيرتهم فنحن لا نملك سوى اليسير عن مطات حياتهم وما بذلوه من تضحيات وعانوا من أجلنا ومن أجل الأرض ومن أجل الأقصى والقدس الشريف.
الشهيد الحاج قاسم سليماني، هو شهيد القدس وقد واجه خلال سنوات حياته الكثير من المصاعب والأعداء والتكفيريين لينال الشهادة عن عشق كما نالها الشهداء الأبرار، سيرة حياته عطرة بالتضحيات والمثابرة في نصرة المظلومين ونصرة الشعوب المقهورة من إجرام المستعمرين والصهاينة.
والأمير خالد الجزائري الذي ولد بالعاصمة السورية دمشق، يوم 20 فبراير 1875، وهو حفيد الأمير عبد القادر الجزائري، تعلم في دمشق العربية والفرنسية، وزاول هناك دراسته الابتدائية، ثم انتقل لباريس التي زاول فيها دراسته الثانوية.
مسيرة القائد سليماني في النضال السياسي والعسكري لم تكن إلا لنصرة الحق، وقد شهد من كان معه في ميادين الحرب كيف كان يتعامل مع المجاهدين وكم كان متواضعا وداعم لمعنوياتهم القتالية، وهذا ما يعكس عن اهتمامه الكبير بالهدف الأساسي وهو الانتصار على العدو وتحقيق الأمن والأمان للشعوب المستضعفة.
لقد استند الأمير خالد الجزائري في نضاله السياسي السلمي على إصلاحات 1919، وكذا نتائج مؤتمر فرساي التي أقرت بحق الشعوب في الاستقلال، ما دفعه إلى الدعوة للإصلاح والمساواة بين الفرنسيين والجزائريين، في الحقوق والواجبات السياسية والاجتماعية.
كل شعوب الوطن العربي والإسلامي عرفت من هو الجنرال سليماني، القائد الشجاع الذي لم يتراجع أبدا في أي معركة خاضها مع الأعداء، لقد كسر هيبة دول الاستكبار واستطاع أن ينشر مفهوم المقاومة في جميع الوطن العربي ليعلم الشباب أن الارض والكرامة تحتاج إلى تضحيات ودماء زكية.
استطاع الأمير خالد فرض خطابه السياسي بالمشاركة في الانتخابات، والعمل على خلق نخبة سياسية جزائرية، تناضل من أجل حقوق الشعب الجزائري في العدالة والانتخاب والمساواة.
خاطب الأمير خالد الرئيس الأميركي ويلسون، في رسالة دافع فيها عن الحقوق السياسية للجزائريين، كما راسل الرئيس الفرنسي هيريو، بنفس المطالب، وخلال زيارة الرئيس الفرنسي ميليران للجزائر عام 1922، خطب الأمير خالد أمامه، مطالبا إياه بالمساواة بين الجزائريين والفرنسيين، ونتيجة لقوة خطابه السياسي السلمي، قرّرت فرنسا نفيه عام 1923.
رغم تواجده في المنفى في بلاد الشام، واصل الأمير خالد نضاله من أجل تمكين الشعب الجزائري من حقوقه المشروعة، وبتاريخ 09 يناير 1939، توفي بدمشق.
اغتال الكيان الصهيوني والأمريكي القائد سليماني ليكشفوا للعالم وهنهم وخوفهم وخيبتهم أمام هذا القائد العظيم، اغتالوه غدرا لأنهم لا يملكون الشجاعة للمواجهة، لقد عبروا عن حقدهم وسياستهم الإجرامية والتي لا تختلف اطلاقا عن سياسة تنظيم داعش الإرهابي والذي تم القضاء عليه بفضل الله والمقاومة والشهداء والقادة الأبرار.