في الوقت الذي أعلن فيه انحيازه المطلق إلى جانب “إسرائيل” في ما وصفه “دفاعها المشروع عن النفس”، قرر الغرب، وعلى رأسه دول في الإتحاد الأوروبي معاقبة المؤسسات الثقافية والتعليمية الفلسطينية، في سياق الحرب المسعورة على الفلسطينيين داخل وخارج قطاع غزة.
فقد صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن التكتل الأوروبي “يجب أن يراجع مساعداته المالية”، مضيفة أنه “من المهم أن نراجع بعناية مساعداتنا المالية لفلسطين.. لم ولن يذهب تمويل الاتحاد الأوروبي إلى حماس أو أي كيان إرهابي البتة، وبالتالي سنراجع الملف بأكمله مرة أخرى الآن في ضوء تطورات الوضع على الأرض”.
وعلى هذا الأساس علّق الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي مساعداته التنموية للفلسطينيين، مقرراً إعادة تقييم جميع برامجه الحالية وتأجيل ميزانيات مشاريع عام 2023 كافة حتى إشعار آخر.
إزاء هذه الخطوة، أعلنت مجموعة من المؤسسات الفلسطينية التي تتوزع أنشطتها بين العمل المجتمعي والثقافة والتعليم والتنمية الاجتماعية والنفسية، أن منظومة التمويل الدولية تثبت أنها أداة في صندوق أدوات الهيمنة الاستعمارية في منطقتنا.
هكذا أصدرت جمعيات من بينها، “معهد إدوارد سعيد للموسيقى”، و”فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية”، و”فرقة المسرح الشعبي”، و”يبوس للإنتاج الفني”، و”مركز خليل السكاكيني”، و”مسرح عشتار”، وغيرها عشرات الجمعيات، أصدرت بياناً صرحت فيه بوضوح أنها ستضع نصب أعينها “هدف الانفكاك عن المعونات الأجنبية، واستبداله بحشد الموارد الإنسانية وتوظيفها، وبناء روح التطوع والعطاء والتشاركية”.
وجاء في البيان: “إن تحكّم الدول والنخب الأجنبية بتمويل مؤسساتنا، وتهديدهم بالخنق المالي للعمل المجتمعي في كافة مجالات الحياة إذا ما رفع الفلسطيني رأسه وقاوم الاستعمار، لا يختلف عن تهديد إسرائيل بقطع الماء والكهرباء والدواء والغذاء”.
وأضاف: “في هذه الأيام، علينا أن نوضح الرؤيا، مهما صعب منالها وابتعد مداها: إرادة وطموح الشعب الفلسطيني أن يمتلك خبزه وماءه وعمرانه، وإرادة المؤسسات الفلسطينية أن تعمل في مجتمعها من دون معونة من أحد، مستقلة في مواردها وحرّة في قرارها”.
ورأت الجمعيات الموقعة على البيان أن المؤسسات الأجنبية التي تحمل خطاباً حقوقياً متنوراً، قد انكشفت مع حرب الإبادة التي يشنها العدو ضد الفلسطينيين، وهي “مؤسسات تنضح بالاستعلاء الاستعماري الذي لا يتعاطف مع الفلسطيني إلا إذا كان راكعاً. فقد رأينا اصطفاف جزء كبير من المؤسسات الاجنبية وموظفيها إلى جانب البروباغاندا الإسرائيلية، مساهمين بنشر الأكاذيب الخالصة وتشريع الإبادة العرقية”.