بعد صراع طويل مع المرض ونتيجة منع سلطات الاحتلال له من مغادرة قطاع غزة لمتابعة العلاج، توفي أمس الأحد التشكيلي الفلسطيني فتحي غبن الملقب بــ “فان غوخ غزة”.
ونعت وزارة الثقافة الفلسطينية، الفنان فتحي غبن (1946)، الذي شكل رحيله “خسارة للفن الفلسطيني الذي شهد على يده انتقالات هامة تجاه تجسيد الحياة الفلسطينية واللجوء الفلسطيني والمخيم وتقاليد الحياة في البلاد التي نذر حياته لتخليدها في فنه”.
ونشر أحدهم صورة له رفقة فتحي غبن على “فيسبوك” قال فيها إنها آخر له جمعته بالراحل، ناقلاً عنه قوله قبل وفاته بأيام “بموت …. بدي اتنفس”، حيث كان يعاني غبن من ضيق في التنفس وبحاجة إلى السفر للخارج لاستكمال علاجه بسبب نقص الأدوية والأوكسجين في غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي.
ويعتبر غبن من رواد الفن التشكيلي الفلسطيني بعد النكبة، حيث عاش حياة المخيم بكل تفاصيلها، وتعد لوحته “الهوية” التي أنجزها عام 1984، تنبؤاً باندلاع الانتفاضة، وذلك عبر مشهد يصور المقلاع ورمي الحجارة.
وولد فتحي غبن في قرية هربيا داخل أراضي 1948، وكان من الفنانين الذين طغت موهبتهم على التقنيات، فشارك في عشرات المعارض في فلسطين والعالم العربي والعالم، بما فيها المعارض الشخصية والجماعية. كما احترف النحت بالطين، واستخدم في رسوماته مختلف الأدوات والألوان. كما أنه أحد مؤسسي جمعية التشكيليين في قطاع غزة، ورابطة التشكيليين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعلم غبن الفن بالممارسة، وعاش في مخيم جباليا، واحترف الفن عام 1965، وعمل مدرساً في مدرسة النصر النموذجية الإسلامية في غزة، قبل أن يصبح مستشاراً في وزارة الثقافة، وقد أطلق عليه بعض النقاد والأصدقاء “فان غوخ غزة”.
وتتميّز لوحات الراحل التي رسمت في أغلبها بألوان الزيت، بازدحام العناصر والشخصيات فيها، وبتركيزها على الثيمة الفلسطينية كعناصر التطريز الفلسطيني، ومفتاح العودة، والكوفيه الفلسطينية، وغصن الزيتون.
كما تعرض الفنان الراحل للاستغلال مرات كثيرة، حيث كانت لوحاته تباع بأثمان باهظة لا يصله منها شيء، وعاش طوال حياته فقيراً، وهو يقول عن ذلك “بعض من اشترى لوحاتي بسعر بخس في غزّة خرج ليبيعها بآلاف الدولارات، وأنا لا أستطيع السفر كي أطالب بحقي”. كما ذهب الكثير من ريع لوحاته إلى “منظمة التحرير الفلسطينية”.
ومرّ الفنان غبن بحالة نفسية غاية في السوء بعد قصف بيته في منطقة النصر غرب غزة، والذي كان يحوي معظم لوحاته التي احترقت إثر القصف، فضلاً عن خسارته لأفراد من عائلته في المجزرة “الإسرائيلية” المتواصلة في القطاع.