قسّمت مسودة القانون الصهيوني، الذي أعده عضو الكنيست عميت هاليفي، عن “حزب الليكود” الحاكم الذي يقوده بنيامين نتنياهو، المسجد الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط الجامع القبلي جنوباً للمسلمين، في حين تخصص قبة الصخرة حتى الحد الشمالي للمسجد لليهود تماماً.
وإعادة تعريف المسجد الأقصى إسلامياً، بصفته مبنى الجامع القبلي حصراً، وأن كل ما سواه غير مقدَّس إسلامياً، يجعل المقدسات الإسلامية جزءاً من وحدة سياسية خاصة تحت وصايتها، بالمخالفة للحقائق التاريخية، وانتهاكاً لفكرة “الوضع الراهن”، أو “الوضع القائم” المعروف بــ “ستاتيكو”.
لذا، من خلال هذه الورقة البحثية سنقوم بتفنيد الروايات الدينية اليهودية بشأن وجود هيكل سليمان؛ أو معبد القدس؛ أو “بيت همقداش” (“بيت المقدس”، أو “المعبد”)، بحسب التسمِيَة اليهوديَّة، وتسليط الضوء على المبادئ القانونية الدولية للسيادة على الأماكن المقدسة في القدس المحتلة.
ينص مشروع القانون التفصيلي، الذي أعده هاليفي على التالي:
– التخلص من الدور الأردني في المسجد الأقصى تماماً، وإنهاء دور الأوقاف الإسلامية، ووضع خطة تدريجية لتحقيق ذلك.
– إتاحة المجال لليهود لدخول “جبل الهيكل” من كل الأبواب، كما يدخل المسلمون، وعدم اقتصار حركة اليهود على باب المغاربة.
– تحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية إلى إقامة الطقوس التوراتية في المسجد.
– تخصيص المساحة، التي تبدأ من صحن الصخرة حتى أقصى شمالي المسجد لليهود، وهي تشكل 70% تقريباً من مساحة المسجد الأقصى.
يُذكر أن هذه هي المحاولة الأولى لصياغة مسودة قانون إسرائيلي لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً، والثالثة محاولة صياغة قانون لتقسيم الأقصى بالمطلق، بحيث سبقتها محاولتان لتمرير قانون تقسيم المسجد الأقصى زمانياً في عامي 2014 و2015، ونصت تلك المسودات حينها على تخصيص المسجد الأقصى لليهود في أيام أعيادهم الدينية، وهو ما حاولت الحكومة الصهيونية فرضه بالفعل في 16 أيلول/سبتمبر 2015، على مدى أسبوعين، الأمر الذي أدى إلى انطلاق هبة القدس في 3 تشرين أول/ أكتوبر 2015.
روايات ملفقة
لعل أسوأ ما جاء في المشروع الصهيوني أنه أعاد تعريف المسجد الأقصى إسلامياً بصفته مبنى الجامع القبلي حصراً، وأن كل ما سواه من ساحات الحرم غير مقدس إسلامياً؛ أي تُخصص لليهود قبة الصخرة التي ستتحول إلى “الهيكل” المزعوم، حتى الحد الشمالي لساحات الحرم. والسؤال المطروح هنا: هل شهد هذا الموقع بناءً دينياً يهودياً في التاريخ القديم؟
يزعُم بعض كَتَبَة التاريخ، استناداً إلى “العهد القديم/التناخ”، أنه أُقيمَ في القرنِ العاشر قبل الميلاد، معبد يهودي بناهُ المَلِك سليمان. ووفقاً للكِتاب المقدَّس، فإن داود هو صاحب فكرة بناء هيكل ثابت للرَّب، بدلاً من خيمة الشهادة المتنقِّلة.
من القضايا المهمة، التي تشير إلى مغالطات المؤرخين وتبنيهم وجهة نظر التناخ، وأحياناً كثيرة المغالاة فيها، موضوع “المملكة الداودية – السليمانية”، فمعظم الذين كتبوا في هذا الموضوع من الباحثين التوراتيين، أشاروا إلى أن هذه المملكة، التي عادة ما تُرْبَطُ بالفترة الممتدة من (960 -930 ق.م)، كانت أعظم إمبراطوريات المشرق العربي، وأن حدودها امتدت لتغطي كل بلاد الشام، ولم تقتصر على فلسطين فحسب.
وعلى الرغم من أن التوراة لا تكلّ عن مديح عصر داود وسليمان وعدّه العصر الذهبي الإسرائيلي، والإشادة بما يقال عن إنجازات عصرهما الثقافية والعمرانية والإدارية، فمن الطبيعي أن نتوقع العثور على أثر واحد على الأقل يعود إلى تلك المرحلة، عمرانياً كان أم وثيقياً أو نقشاً، أو ما إلى ذلك، لكن الحقيقة، حتى هذه اللحظة، أنه لم يتمكن الآثاريون من العثور على أي دليل يشير، صراحة أو كناية، إلى المملكة الداودية – السليمانية في فلسطين.
إن مصدرنا الوحيد عن أعمال داوود وسليمان وعن دوريهما السياسي والعمراني هو التناخ، والتناخ وحده، إذ لم يعثر المنقبون على أي أثر من هذا الدور. فلا توجد مصادر تاريخية تدعم السجل التوراتي، كما لا تساهم المخلفات الأثرية في إيضاح ذلك.
على الرغم من أن الأثريين ليس في إمكانهم إظهار دليل على أن “هيكل سليمان” كان له وجود في القرن العاشر قبل الميلاد، فإنه يجري في علم الآثار الإنجيلي استخدام التصورات عن هيكل سليمان بصفتها من مفاهيم الترتيب الزمني لتاريخ بني إسرائيل، وهو ما يرفع الأسطورة الإنجيلية إلى مصافّ الحقيقة التاريخية ([1]).
يقول الباحث التاريخي السويدي، هانس فوروهاجن، إن “وصف الكتاب المقدس هذا هو الوثيقة الوحيدة التي لدينا عن “هيكل سليمان”. فالمبنى لا وجود له في حوليات الآشوريين أو البابليين، ولا وجود له في النقوش التي عُثر عليها في أنحاء متعددة من “الأرض المقدسة”، كما لا توجد أي مكتشفات أثرية تشير إلى أن هيكلاً كبيراً وُجد في أورشليم خلال القرن العاشر قبل الميلاد”. ([2]).
في هذا السياق، يقول أوسشكين، أستاذ الآثار في “جامعة تل أبيب”، إنه “من منظور علم الآثار ليس هناك ما يمكن معرفته عن جبل الهيكل في القرنين العاشر والتاسع ق.م”. أمّا جين كاهل، أستاذة الآثار في الجامعة العبرية، فتقول إنه “ليس هناك أي بقايا أثرية في القدس يمكن أن تعرَّف بثقة بأنها تعود إلى أي بناء سماه “الكتاب””.
ويؤكد ذلك نايلز لمكه، أستاذ الدراسات التوراتية في جامعة كوبنهاغن قائلاً إنه: “لم يكتشف نقش واحد يعود إلى زمنهما [داود وسليمان]، ولم تكتشف كسرة واحدة من بناء عظيم” ([3]).
يدحض توماس طُمسن، في كتابِهِ “الماضي الخرافي (التوراة والتاريخ)”، مفهوم بناء الهيكل السليماني، بصفته مركزاً لعبادة يهوه، قائلاً إن “تلك الصور لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي. إننا نعرفها فقط كقِصَّة، وما نَعرفهُ حول هذه القِصص، لا يُشجِّعنا على معاملتها، كما لو أنها تاريخيَّة” ([4]).
تزداد المسألة تعقيداً مع التوغل في قراءة نصوص “الكتاب” عن مكان الهيكل التي تدعى “هيكل سليمان” قائماً على جبل موريا (وهو الذي عُرف بعد باسم جبل الهيكل (Temple Mount)، وهو الموقع نفسه الذي يقوم عليه الحرم القدسي الشريف. فأين جبل موريا؟ للإجابة عن هذا السؤال، تجدر العودة إلى ما أوردته الآثارية “الإسرائيلية” ريفكا جونين (Rivka Gonen) عن نوعِ التزييفِ القائم من اختلاط الأسماء، بحيث قالت “إن إحلال جبل موريا، حيث بَنى سليمان المعبد، مَحَل أرض الموريا؛ وهو تعبير جغرافي غامض، لا يمكن أن يكون قد حَدث في فترة الهيكل الأول؛ لأنهُ لم تَجرِ أي إشارة إلى جبل موريا، في أي من الأسفار، باستثناءِ سِفرِ أخبار اليوم… وسِفرِ الأيام كِتاب مُتأخِّر؛ فهو من عمل المحرَّرين، في زمنِ ما بعد العودة من المنفى، في بابل. وهكذا يبدو أن إحلال جبل موريا، محل أرض الموريا، كان المقصود به أن يُسبغ على هيكل سليمان، وأكثر من ذلك على الهيكل الذي كان قد بُنِيَ حديثاً [الهيكل الثاني]، هالة المكان الذي شَهَدَ حادثة تربيط إسحق التذكاريَّة” ([5]).
ومع ذلك، هناك إصرار عجيب في الكتابات الدينية والتاريخية، يعوزه الدليل الأثري على أن يكون موقع الهيكل في جبل موريا، بمعنى أن يكون في إطار الحرم القدسي الشريف.
لم يكن، إذاً، ثمة موقع في محيط القدس يُعرف باسم جبل موريا كان سليمان بنى عليه الهيكل. إن قصة بناء الهيكل السليماني غير قابلة للتصديق، وإنها مجرد تلفيق توراتي.
علاوة على ذلك، لا نجد في كلِ سوَرِ القرآن الكريم، التي تتحدَّث عن داود، وابنه سليمان، أقل دليل، أو حتى تلميح، بشأن وجودِ مثل هذا الهيكل المزعوم، في فلسطين، فعندما فتح المسلمون بيت المقدس (636 ميلادياً)، لم يكُن يوجد أي أثر لمعبد يهودي، ولا حتى ليهودي مُقيم. وهذا يبدو جَليّاً من وثيقةِ الأمان، التي أعطاها الخليفة عمر بن الخطاب لأهلِ إيليا، فلقد تضمَّنت الوثيقة نصاً على “ألاّ يَسكُن بإيليا (القدس)، معهم أحد من اليهود”، ويتَّضِح من هذا النَص، أنه لم يكُن هناك أي أثر يهودي في القدس، بالإضافة إلى أنه لو عَلِمَ بأن هناك قُدسِيَّة لمدينة القدس عند اليهود، لَمَا نَصَّ على ذلك، في العهدة الشهيرة؛ وهذا يؤكِّد ما ذهبنا إليه، بشأن عدم وجود “هيكل سليمان”، في فلسطين.
انتهاك فكرة “الوضع الراهن”
يشير المصطلح اللاتيني “ستاتيكو” إلى الوضع القائم، ويُستخدم للدلالة على “الحالة الراهنة”، أو “الوضع الراهن”، وإبقاء الوضع على حالة من دون تغيير، فهو الوضع القائم قبل حدوث التغيير. وتسعى الثورات والانقلابات والتحركات الحاسمة لتغيير الوضع الراهن أو إطاحته؛ أي العودة إلى حالة ما قبل الحرب ([6]).
كلمة الـ”ستاتيكو” معروفة جداً بين الطوائف المسيحية في القدس. في الواقع، فإن “الفرمان”، الذي أصدره السلطان العثماني عثمان الثالث في عام 1757م، هو الذي بدأ يعرف بالـ”ستاتيكو”؛ أي إبقاء القديم على قدمه، وفيه تحددت حقوق كل طائفة في الكنائس، ولا سيما في كنيسة القيامة، وكذلك تحددت الحقوق فيها بأدق التفاصيل ([7]).
تلك المبادئ، التي جاءت في القانون الصادر عن الدولة العثمانية بتاريخ 2 آب/أغسطس 1852، أبقت السيادة على الأماكن المقدسة في القدس للمسلمين.
ويرتبط مبدأ “الستاتيكو” تاريخياً بالأماكن المقدسة، ويتمثل بأن يبقى الوضع القائم على ما هو عليه، بحيث لا يحق لأحد المس به، وهو أساساً على الوضع الراهن الذي يختص بكنيسة القيامة وساحتها وكنيسة العذراء مريم في الجثمانية، وكنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة الصعود على جبل الزيتون في القدس، ودير السلطان على سطح كنيسة القيامة ([8]).
إن جوهر “الوضع الراهن” أو “ستاتيكو”، يُعَد جزءاً من المعاهدات الدولية، كمعاهدة باريس عام 1855، ومعاهدة برلين عام 1878، والتي نصت على ضرورة المحافظة على الوضع الراهن فيما يتعلق بالأماكن المقدسة ([9]). ووسّعت هذه المادة الترتيبات لتشمل كل الأماكن المقدسة، وليس المسيحية فقط.
عندما احتل البريطانيون القدس بقيادة اللنبي في 11/12/1917م، أعلم السكان بأن “مدينتكم محترمة في نظر أتباع الديانات الثلاث الكبرى وترابها مقدس في نظر الحجاج والمتعبدين الكثيرين من أبناء الطوائف الثلاث المذكورة منذ قرون وأجيال. أود أن أحيطكم علماً بأن كل بناء مقدس، ونصب ومكان مقدس أو معبد أو مقام أو مزار أو أي مكان مخصص للعبادة من أي شكل وإلى أية طائفة من الطوائف الثلاث سيُصان ويحتفظ به عملاً بالعادات المرعية وبالنسبة إلى تقاليد الطائفة التي تملكها” ([10]).
تم تكريس جوهر “الوضع الراهن” أو “ستاتيكو” في القانون الدولي من خلال عدد من الصكوك القانونية، وأكدها البريطانيون في عام 1923 بعد توليهم الانتداب، في محاولة لفهم “الوضع الراهن” بصورة أفضل، كلفت الإدارة العسكرية البريطانية ليونيل جورج آرتشر كاست، وهو جندي بريطاني حاصل على تعليم كلاسيكي، لإجراء ملخص عام لـ”الوضع الراهن” في الأماكن المقدسة.
وفي عام 1929 نُشرت الوثيقة النهائية لـ “الوضع الراهن”، وسرعان ما أصبحت النص المعياري بشأن هذا الموضوع ([11]).
فالسيادة التاريخية على الأماكن المقدسة كانت للمسلمين، وعلى أثر الاضطرابات التي وقعت في شهر آب/أغسطس 1929، أرسلت الحكومة البريطانية لجنة “حائط البراق الدولية” عام 1930. كانت المشكلة الرئيسة، التي واجهت اللجنة يومذاك، تتمثّل بمحاولة الجماعات الصهيونية قلب “الوضع الراهن” بالنسبة إلى الأماكن المقدسة، إذ ركزت جهودها منذ البداية على حائط البراق، متَّبعةً أساليب تدريجية تصاعدية تتنهي بها إلى أن “للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير. إن أدوات العبادة و(أو) غيرها من الأدوات التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط، إمّا بالاستناد إلى أحكام هذا القرار وإما بالاتفاق بين الفريقين، لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له” ([12]).
واســتمرّ تطبيــق “الوضع الراهن” خلال فتــرة الانتداب البريطانــي، بــل تـم إدراجـه ضمن فكرة “الحقوق القائمة” فـي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم 181، بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، والذي عُرف بـ”التوصية بخطة تقسيم فلسطين”، بحيث نص في الفصل الأول، بعنوان “الأماكن والأبنية والمواقع الدينية”، على أنه:
1- “لا تنكر أو تمس الحقوق القائمة المتعلقة بالأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية.
2- فيما يختص بالأماكن المقدسة، تضمن حرية الوصول والزيارة والمرور، على نحو ينسجم مع الحقوق القائمة لجميع المقيمين والمواطنين في الدولة الأخرى، وفي مدينة القدس، وكذلك للأجانب من دون تمييز في الجنسية، على أن يخضع ذلك لمتطلبات الأمن القومي والنظام العام واللياقة. كذلك تضمن حرية العبادة، على نحو ينسجم مع الحقوق القائمة، على أن يخضع ذلك لصيانة النظام العام واللياقة” ([13]).
وأقر مجلس الوصاية، التابع للأمم المتحدة، النظام الخاص بمدينة القدس في صيغته النهائية في نيسان/أبريل 1950، والذي يدعو فيه كلاً من “إسرائيل” والأردن إلى التعاون من أجل تنفيذ هذا النظام.
وكان من أبرز النقاط التي وردت في النظام: “تكون الأماكن المقدسة موضع عناية الحاكم، وفي حالة نشوب أية خلافات يقوم الحاكم بحلها على أساس الحقوق المستقرة “الوضع الراهن”..” ([14]).
قامت منظمة “اليونيسكو” بصياغة عدد من القرارات، التي ترتبط بالقدس والمسجد الأقصى. ومن هذه القرارات ما أصدرته في الدورة الــ 200، بحيــث أصــدرت عام 2016 القرار المعروف باسم قرار “فلسطين المحتلة”، والذي ينفي وجود أي ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق، ويعدّهما تراثاً إسلامياً خالصاً.
وعبّر القرار عن “بالغ استيائه من امتناع إسرائيل، القوة المحتلة، عن وقف أعمال الحفر والأشغال المتواصلة في القدس الشرقية، ولا سيما في المدينة القديمة وحولها. ويطلب مجدداً إلى إسرائيل، القوة المحتلة، حظر كل هذه الأشغال وفقاً للواجبات التي تفرضها عليها أحكام اتفاقيات اليونيسكو وقراراتها المتعلقة بهذا الموضوع، ويطالب إسرائيل، القوة المحتلة، بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائماً حتى شهر أيلول/سبتمبر من عام 2000، إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية السلطةَ الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد الأقصى/الحرم الشريف. ويطلب إلى إسرائيل، القوة المحتلة، احترام الوضع التاريخي الذي كان قائماً. ويؤكد مجدداً، في هذا الصدد، وجوب التزام إسرائيل صونَ المسجد الأقصى/الحرم الشريف وأصالته وتراثه الثقافي، وفقاً للوضع التاريخي الذي كان قائماً، بصفته موقعاً إسلامياً مقدَّساً مخصصاً للعبادة. ويؤكد مجدداً أن منحدر باب المغاربة جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى/الحرم الشريف، ويستنكر مواصلة إسرائيل اتخاذ تدابير وقرارات أحادية الجانب فيما يخص منحدر باب المغاربة” ([15]).
باختصار، يمكننا القول إن مسودة القانون الصهيوني بتقسيم المسجد الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، لن يكون في مقدورها اختراع حقيقة تاريخية بشأن وجود هيكل سليمان، أو معبد القدس؛، أو “بيت همقداش” (“بيت المقدس”، أو “المعبد”)، فهي، في الأساس مُلفقة، مثلما أثبتت ذلك كل البحوث الأركيولوجية.
ولن يقدم البرهان على يهودية “الحائط الغربي”، وهو الأمر الذي نفته لجنة “حائط البراق الدولية” عام 1930، بالتأكيد على أن “للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي”، ويُعَدّ هذا القانون انتهاكاً خطيراً لفكرة “الوضع الراهن”؛ “الوضع القائم”؛ “ستاتيكو”.
المراجع
(1) هانس فوروهاجن، فلسطين والشرق الأوسط بين الكتاب المقدس وعلم الآثار، ترجمة: سمير طاهر، ط1، القاهرة، الكتب خان للنشر والتوزيع، 2017، ص 182.
(2) المرجع نفسه، ص 187.
(3) د.عصام سخنيني، القدس تاريخ مختطف وآثار مزورة، ط1، اللجنة الملكية لشؤون القدس، عمان، 2009، ص (110- 111). وأيضاً د. عصام سخنيني، تهافت التأريخ التوراتي، ط1، عمان، الأهلية للنشر والتوزيع،2018، ص 171.
(4) تومس طمسن، الماضي الخرافي (التوراة والتاريخ)، ترجمة: عدنان حسين، ط2، دمشق، قدمس للنشر والتوزيع، 2003، ص 268.
(5) سخنيني، مرجع سبق ذكره، ص (148-149).
(6) د. عصام سخنيني، تهافت التأريخ التوراتي، ط1، عمان، الأهلية للنشر والتوزيع،2018، ص 171. وأيضاً د.عصام سخنيني، القدس تاريخ مختطف وآثار مزورة، ط1، اللجنة الملكية لشؤون القدس، عمان، 2009، ص (110- 111).
(7) د. أحمد حسين عبد الجبوري، القدس في العهد العثماني (1640 ــ 1799م)، ط1، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع،عمان، 2010، ص 98.
(8) مؤسسة القدس الدولية، تهويد القدس وآليات المواجهة السياسية والإعلامية، ط1، بيروت، 2017. (د. رياض حَمُّود ياسين، الدور الأردني: الواقع وآفاق التأثير، ورقة بحثية ضمن ورشة العمل التي عقدت في بيروت ــ 26/10/2016، ص 145).
(9) شذا الخطيب، القدس العربية ثلاثون عاماً من التهديد والتحدي، مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، 2001، ص 111.
(10) عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، ط4، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2007، ص 576.
)11 (Marshall J. Breger, Yitzhak, and Leonared Hammer, Holy Places in the Israeli-Palestinian
Conflict: Confrontation and Co-existence, Routledge Taylor Francis Group, London and
New York, 2010, p 24.
(12) «الحق العربي في حائط المبكى في القدس، تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عام 1930»، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1968، ص (9- 143).
(13) قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي ـ الإسرائيلي، المجلد الأول: 1947ـ 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1993.
(14) سالم الكسواني، المركز القانوني لمدينة القدس، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1977، ص200.
(15) Occupied Palestine: draft decisions (ara) – UNESCO Digital Library.