قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إنّ “مسؤولين غربيين يعتزمون تحذير الإمارات العربية المتحدة بشأن التجارة مع روسيا”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين قولهم إنّهم “يعتزمون الضغط بصورة مشتركة على الإمارات هذا الأسبوع، لوقف شحنات البضائع المتوجهة إلى روسيا، والتي يمكن أن تساعد موسكو”.
وأشار التقرير إلى أنّ مسؤولين من واشنطن وعواصم أوروبية سيبدأون، اليوم الإثنين، زيارة الإمارات في إطار حملة جماعية عالمية، “لإبقاء المنتجات ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استعمالها في أنشطة مدنية وعسكرية بعيداً من أيدي الروس، بما في ذلك رقائق الكمبيوتر والمكونات الإلكترونية”.
وتتمتّع الإمارات، الدولة العضو بتحالف “أوبك +” للنفط الذي يشمل روسيا، بعلاقات جيّدة مع موسكو، على الرغم من ضغوط الغرب للمساعدة في “عزل روسيا”. كما لم تحذُ الإمارات حذو الدول التي فرضت عقوبات على موسكو.
ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق عند سؤالها عن تقرير “وول ستريت جورنال”.
الإمارات شريك جيد لروسيا
يُذكر أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التقى نظيره الإماراتي، محمد بن زايد آل نهيان، في حزيران/يونيو الماضي، في سانت بطرسبورغ الروسية.
وخلال اللقاء، أكد الرئيس الروسي أنّ العلاقات بين البلدين تتطور بنجاح وتفيد البلدين، مضيفاً: “أعلم أنّ الاقتصاد والمجال الاجتماعي يتطوران بنشاط كبير تحت قيادتكم. وبهذا المعنى، فإنّ الإمارات شريك جيد ومريح للغاية بالنسبة لنا”.
وأشار بوتين إلى أنّ “العلاقات بين روسيا والإمارات تتطور بنجاح كبير”، لافتاً إلى أنّ “الأمر الرئيسي هو أنها تفيد كلّاً من روسيا والإمارات”.
بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ الغرب مارس ضغوطاً على دول الخليج كي تنضم إلى العقوبات ضد روسيا، إلّا أنّ هذه الضغوط لم تحقق نتائج.
وقال لافروف، على هامش منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، إنّ هناك ضغوطاً غربيةً على الدول الخليجية لزعزعة علاقاتها بروسيا، مشيراً إلى أنّ علاقة موسكو “بجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي لها تاريخ طويل”.
الإمارات “تغرف” من المنتجات النفطية الروسية
وقبل أشهر، تحدثت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن إقبال دول الخليج على استخدام المنتجات الروسية النفطية داخلياً، حتى أصبحت هذه الدول تشكل مراكز تخزين وتجارة رئيسية لهذه المنتجات.
وأضافت الصحيفة أنّه منذ العقوبات الغربية بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا، تدخّلت شركات حكومية من الإمارات للاستفادة من الأسعار المخفّضة للمنتجات الروسية.
وعلى الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة، تستخدم دول الخليج المنتجات الروسية المخفّضة داخلياً، بما في ذلك لأغراض الاستهلاك والتكرير، وتصدير براميلها بأسعار السوق، ما يعزز أرّباحها.
ووفقاً لـ”وول ستريت جورنال”، أصبحت دول الخليج، وخاصةً الإمارات، مراكز تخزين وتجارة رئيسية لمنتجات الطاقة الروسية، التي لا يمكن شحنها بسهولة في جميع أنحاء العالم.
وقالت الصحيفة الأميركية إنّ هذا التحول هو مثال على العواقب غير المتوقعة للعقوبات الغربية.
وبحسب التقرير ذاته، تضاعفت صادرات النفط الروسية إلى الإمارات أكثر من 3 أضعاف لتصل إلى مستوى قياسي، بلغ 60 مليون برميل، خلال العام الماضي.
علاقة أبو ظبي بواشنطن “تحت الاختبار”
وفي آب/أغسطس الماضي، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إنّ الإمارات العربية المتحدة، التي ساعدت ثروتها بتحقيق نفوذ عالمي كبير، تختلف عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بـ”عزل روسيا”، والحد من العلاقات مع الصين.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، “صديق للولايات المتحدة”، لكنه في الوقت ذاته “زار روسيا مرتين في العام الماضي للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، وفي حزيران/يونيو، تم تكريم بلاده في حدث الأعمال الرئيسي للرئيس الروسي كضيف شرف”.
وفي السياق، قالت الصحيفة إنّ نية القوات الجوية الإماراتية والصينية التدرب معاً لأول يمثّل تغييراً كبيراً لدولة خليجية غنية بالنفط، “تعتمد منذ فترة طويلة على الطائرات المقاتلة الأميركية، والحصول على الأسلحة والأمن من واشنطن”.
وبحسب الصحيفة، توضح هذه العلاقات المتوسعة كيف أنّ زعيماً شرق أوسطياً “تراه الإدارة الأميركية شريكاً، يصوغ مساره المستقل بشكل متزايد”.
وحقق المسؤولون الأميركيون نجاحاً محدوداً في إقناع ابن زايد بالانسجام مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك، استفادت الإمارات “من تدفقات النفط والذهب والأموال الروسية، والتي غذّت مجال العقارات في مدينة دبي”، وفق الصحيفة.
وشددت “نيويورك تايمز” على أنّ “الإمارات علاقاتها مع كل من الخصوم الأميركيين والدول النامية مثل الهند تحسّباً ليوم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة القوة المهيمنة في العالم”.