اقتربت نيجيريا بالشراكة مع المغرب من الإطلاق الفعلي لأعمال تشييد خط أنبوب للغاز بين البلدين، وهو مشروع استراتيجي تعوّل عليه الرباط كثيرا لربط دول غرب أفريقيا ومن ثم تمديد الخط إلى أوروبا في خطوة ثانية.
وكشف المدير العام لمؤسسة البترول الوطنية النيجيرية المملوكة للدولة يوسف عثمان في تصريح نقلته صحيفة “نيجيريان نيوز دايركت” المحلية الاثنين الماضي، قوله إن “الحكومة الفيدرالية النيجيرية تستعد لبناء خط أنبوب غاز بين نيجيريا والمغرب” وأنها “استكملت خطط تجسيد هذا المشروع الكبير”.
ونجح المغرب بفضل دبلوماسيته النشطة مع دول أفريقيا خلال السنوات الأخيرة في انتزاع هذه الصفقة المهمة من بين يدي الجزائر التي كانت تسعى إليها منذ 2001.
وفي تحول لافت للعلاقات التجارية بين البلدين، اتفق العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بخاري في ديسمبر 2016 خلال زيارته إلى العاصمة أبوجا، على إنشاء هذا الخط الذي يتوقع مروره عبر 11 دولة.
وتضمن الاتفاقية توفير استثمارات لمدّ الخط من أنبوب للغاز مستخدم منذ العام 2010 يربط بين نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وصولا إلى المغرب عبر المحيط الأطلسي بطول يبلغ نحو 5660 كيلومترا.
وفي فبراير الماضي، قال الملك محمد السادس والرئيس النيجيري بخاري إنهما يعتزمان مواصلة المشاريع الاستراتيجية وإنجازها في أقرب الآجال، خاصة خط الغاز بين البلدين، وإحداث مصنع لإنتاج الأسمدة في نيجيريا.
ويقول محللون إن خط الغاز الضخم يشعل التكهنات حول احتدام المنافسة بين المغرب والجزائر في المستقبل، خاصة مع تتالي اكتشافات الغاز القابلة للاستثمار تجاريا في شمال المغرب.
وأشار عثمان إلى أنه تم الانتهاء من دراسة الجدوى، ويجري التصديق على قرار التمويل النهائي، الذي لم يحدده بالضبط. وقال إن “المشروع الضخم سيمر عبر مسار خط أنبوب الغاز لغرب أفريقيا وستستفيد منه عدة دول في القارة”.
وكان البلدان قد قررا أن يتكفل صندوقيهما السياديين، وهما إثمار الموارد (إثمار كابيتال) المغربي والهيئة الاستثمارية السيادية النيجيرية بتمويل المشروع، لكن لم يكشفا عن حجم الاستثمارات التي سيكلفها.
وأوضح أن بعض الدول التي لديها حقول غاز، سيتم ضخ إنتاجها في خط الأنابيب، بينما ستستفيد منه الدول الأخرى غير المنتجة للغاز لأغراض تنموية.
وسيمر الأنبوب من دول بينين وغانا وتوغو وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا ثم المغرب، لمدّ بلدان أفريقية بمصدر الطاقة.
ومن المقرر بناء أنبوب الغاز على عدة مراحل ليستجيب للحاجيات المتزايدة للدول التي سيعبر فيها وأوروبا خلال ربع قرن من بدء عمليات الإنتاج الفعلي بعد استكمال المفاوضات مع مصارف دولية للتنمية بغية الوقوف على مدى استعدادها لتمويل هذا المشروع، وتحضير الوثائق الأولية.
وتقوم المرحلة المقبلة على إشراك الدول التي سيعبرها والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا ومقاربة الزبائن الأوروبيين.
ويقول المغرب، إن المشروع في حال إتمامه، سيشجع على اندماج بين منطقتي شمال وغرب أفريقيا، فضلا عن تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع مد الكهرباء.
ويؤكد خبراء أن الشراكة في قطاع الغاز ستمكن المغرب ونيجيريا من التموقع كرائدين للتعاون جنوب-جنوب على مستوى أفريقيا، كما ستمكن من منح القارة بعدا اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا جديدا لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي مستقبلا.
صحيفة العرب