ظلت المرأة الريفية في الجزائر تلعب دورها البارز في مختلف المحطات والمجالات، رغم إمكانياتها البسيطة، حتى تمكنت عبر هذه العزيمة “الحديدية” من تحقيق نجاحات بقيت بعيدة عن الأضواء.
وفي تجربة نجاح اقتصادي هي الأولى من نوعها، استطاعت مؤخرا، مجموعة من النساء الريفيات من محافظة خنشلة الواقعة في قلب منطقة الأوراس شرقي الجزائر (تبعد بحوالي 600 كم عن العاصمة الجزائرية) من كسب رهان تصدير 20 ألف علبة طماطم وفلفل هريسة إلى مرسيليا في فرنسا.
نساء بـ”أنامل من ذهب”
تبادر رئيسة “جمعية أنامل المرأة الريفية” بخنشلة، زليخة خوني، التي كانت قائمة على تأطير هذا النجاح الاقتصادي من خلال الجمعية التي ترأسها، لتعبر عن سعادتها البالغة بهذه الخطوة المهمة، حيث استطاعت نساء من منطقتها البعيدة اختراق البحر الأبيض المتوسط بإنتاجهن الغذائي حتى وصل أسواق فرنسا.
وفي هذا السياق، اعترفت زليخة خوني لـ”موقع دوت الخليج” والابتسامة تعلو محياها قائلة: “في الحقيقة.. مع البداية لم أكن أتصور هذا النجاح الكبير في تصدير كل هذه الكمية من علب الطماطم، إلا أنه في الأخير تذوقنا طعم النجاح”.
وتعود السيدة زليخة خوني إلى بداية قصة النجاح لتروي التجربة خطوة بخطوة، حيث أشارت إلى أنه في إطار مشروع برنامج بتمويل أممي، شاركت جمعيتها في تدريب 30 امرأة ريفية تحت إشراف مؤطرين مختصين في تجفيف وتصبير الطماطم والفلفل، وكذلك في التسويق لدى المؤسسات المصغرة.
وتضيف المتحدثة أن “التدريب النظري لا بد أن يكون له مجال تطبيقي، وبالتالي تم أخذ هؤلاء النسوة في خرجة ميدانية إلى مزرعة نموذجية ناجحة بمحافظة بسكرة حتى يلمسن بأنفسهن أسرار تفوقها في التصدير الذي يعتزمن اقتحامه”.
وأردفت رئيسة الجمعية قائلة “ثم قمنا بشراء عتاد لكل امرأة، حيث قامت كل واحدة منهن بفتح ورشة في بيتها الواقعة ببلدية بابار (جنوب محافظة خنشلة)، كما قمنا بفتح ورشة لتعليب المنتوج”.
لكنها بالمقابل، أشارت محدثتنا إلى أدوات ومعدات بسيطة بين أيديهن، من “شوايات” للجمر، و”طابونات” (أفران صغيرة)، وطنجرة الضغط، إضافة إلى أواني المطبخ المعروفة.
استطاع إنتاج هؤلاء النسوة بعد مدة من الاجتهاد والعمل المكثف، أن يفرض نفسه بعد استيفائه للشروط، لتأتي مرحلة النجاح من خلال طلبه من الخارج من طرف شركة مختصة في الاستيراد والتصدير، فتنتقل في المرحلة الأولى 20 ألف علبة طماطم، و500 علبة مجففة إضافة إلى الهريسة (الفلفل الحار المرحي) إلى فرنسا، في حين أن هناك طلبات أخرى مستقبلا.
أيد ناعمة وعزيمة فولاذية
وتعزيزا لحضورها في المشهد الاقتصادي للبلاد، تم إطلاق برنامج شهر فبراير الماضي، يهدف إلى تمكين ومواكبة المرأة الريفية المتواجدة في مناطق نائية من الانخراط في الإنتاج الوطني.
ووفق أرقام رسمية، استفادت 602 ألف امرأة من دعم جهاز القرض المصغر خلال 2020، حيث مكّن من إحداث نحو 722 ألف فرصة عمل، كما تم إطلاق 1500 مشروع مصغر لذوي الاحتياجات الخاصة؛ من بينهم نساء ريفيات.
غير أن رئيسة “جمعية أنامل المرأة الريفية” بخنشلة، زوليخة خوني، أبرزت أن المرأة الريفية في مختلف محافظات الجزائر في حاجة إلى منحها “الفرصة والإمكانيات إضافة إلى الدعم”.
واعتبرت خوني أن “النظرة التقليدية للمرأة لا زالت مسيطرة على المجتمع”، ولذلك دعت إلى منح النساء الريفيات الدعم “وسيرون منهنّ صورا فريدة من نوعها في تطوير الاقتصاد المحلي” -على حد تعبيرها-.
وفي الأخير، دعت رئيسة جمعية أنامل المرأة الريفية بخنشلة إلى “التخلي عن الشروط التعجيزية بخصوص برامج دعم المرأة الريفية؛ من قبيل تقديم شهادات تدريب للحصول على الدعم”.
المصدر دوت الخليج