وقلل وزير المالية سابقا من تأثير توقيف خط الغاز الجزائري المار من المغرب، موضحا أن الأخير لم تكن تربطه علاقات كثيرة مع الجزائر، رغم أن بعض العلاقات التجارية بدأت لما يفوق ثلاثين سنة، نافيا أهميتها بالنسبة للمملكة، ومؤكدا أن “الخاسر هي الجزائر في هكذا قرارات، في حين أن المغرب يسير في طريقه، بفضل سياسة صاحب الجلالة القاضية بإحداث الطاقة الشمسية وغيرها من البدائل الذاتية الكافية”.
وأشار برادة إلى أن “التاريخ يشهد أن الإنسان الشجاع دائما يبحث إمكانية التطور وخلق إمكانيات جديدة لتجاوز الأزمات”، مقدما مجموعة من الأمثلة عن الأزمات التي مر منها المغرب وخرج منها أكثر قوة؛ كما أكد أهمية التعليم ومكانة الإنسان المغربي في هذه القطاع، مشددا على تعليم المغاربة منذ الصغر في إطار التعليم الأولي.
واستحضر المتحدث ذاته، خلال درسه الافتتاحي، خصوصية أزمة “كورونا”، باعتبارها أزمة غير مسبوقة من حيث خطورتها على الاقتصاد العالمي، مبررا ذلك بكونها أدت إلى تجميد شبه كلي للآلة الإنتاجية (أزمة العرض)، خصوصا أنها وقعت في سياق العولمة، التي تتميز بارتباطات مفتقرة إلى أي صورة من صور التضامن، ومركزا على “حدّة وسرعة انتشار هذه الأزمة، وهو ما نتج عنه جو من انعدام الثقة والشك والقلق، في غياب معلومات عن كيفية التغيرات والتطورات التي يعرفها هذه المرض بفعل تناسل الأخبار الجديدة حوله يوميا”، وفق تعبيره.
وركز الأستاذ المحاضر خلال مداخلته، في ما يخص فترة ما بعد “كورونا”، على ثقل مديونية المقاولات الصغرى، مشددا على تقويم الأسواق المالية قصد تمويل المقاولات التي تواجه صعوبات متواصلة، ومشيدا في الوقت نفسه بعدد من “الإجراءات الإيجابية المتخذة على الصعيد الوطني في مواجهة الأزمة، كالتركيز على تعميم اللقاح”؛ كما أشار إلى الانتعاشة التي بدأ يعرفها الاقتصاد الوطني، متفائلا بخصوص نوع النموذج الاقتصادي الذي ستتبعه الحكومة الحالية.
ورصد محمد برادة “اختلالات النموذج التنموي الوطني التي تتعلق بالقدرة المحدودة للاستثمار على خلق فرص الشغل من الناحية الكمية والنوعية، فضلا عن عدم التحكم في نموذج النمو الاقتصادي، وهو ما سيساهم في تعميق التفاوتات الاجتماعية؛ زيادة على أثر الأمية وضعف التعليم الأولي”، مستدركا بأن “المغرب الآن أحسن من عدد من الدول التي توجد في وضعية مؤسفة، سواء على المستوى الإفريقي أو الأوروبي”.
وبخصوص الفرص المتاحة للمغرب أكد وزير المالية سابقا على “ضرورة تشجيع الاستثمارات في سياق الأزمة، بهدف تحديث واستدامة الآلة الإنتاجية الوطنية، للحد من الواردات”، مقترحا “توجيه الاهتمام إلى الاستثمار في رأس المال اللامادي لتطوير إنتاجية النسيج الاقتصادي؛ وذلك بالرجوع إلى التخطيط الإستراتيجي وخلق سلاسل القيمة الجهوية”، ونافيا وجود أي إجراء يمكن أن يعطي نتائج سريعة، “باستثناء النموذج التنموي الذي أطلقه ملك البلاد لتحقيق النتائج على مدى سنتين أو ثلاث حتى نكون واقعيين”، على حد قوله.
كما أكد برادة على “الدور الاستباقي المهم والكبير للدولة لإنقاذ عدد من المقاولات من الإفلاس الذي يقودها إلى الإغلاق، وذلك بتمكينها من قروض بطريقة شجاعة، ونسبة قليلة مشجعة، دون إغراقها في الديون، بل بهدف تقديم المساعدة أمام ضعف العمل في الوقت الراهن، كالفنادق السياحية التي تعيش مشاكل كثيرة في غياب الزبائن”.
المصدر هسبريس