أكدت تقديرات حديثة أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المغرب استطاعت المحافظة على وتيرة نموها ولو أنها كانت بشكل طفيف، رغم الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تفشي الجائحة.
وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية نقلا عن مكتب الصرف التابع لوزارة المالية والاقتصاد قوله في تقرير نشره حديثا إن “صافي تدفق رؤوس الأموال الخارجية ظل شبه مستقر خلال السنة الماضية، حيث بلغ 16.7 مليار درهم (1.87 مليار دولار) مقابل 16.5 مليار درهم (1.85 مليار دولار) في سنة 2019”.
وأوضح المكتب في تقريره السنوي لسنة 2020 عن ميزان الأداءات ووضع الاستثمار الدولي للمغرب أن أسهم المشاركة، التي ارتفعت بنسبة 14 في المئة لتصل إلى 11.4 مليار درهم (1.28 مليار دولار)، تشكل المكون الرئيسي لصافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب بحصة تبلغ 68.2 في المئة.
وتحول المغرب في السنوات الأخيرة إلى ورشة عالمية واسعة للاستثمارات في جميع أنحاء البلاد وهي تمتد من مشاريع تطوير الموانئ والمطارات والطرق إلى المشاريع الثقافية والسياحية، وصولا إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي تعد الأكثر طموحا على مستوى العالم.
وتساهم الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات بشكل كبير في انفتاح البلاد على الأسواق المحلية والدولية وتقديم المغرب كوجهة تنافسية تتميز بمناخ مستقر للأعمال.
ويأتي الإعلان عن حجم الاستثمارات المسجلة في العام الماضي بعد أسابيع من قيام الحكومة باعتماد سياسة مندمجة وأكثر كفاءة بهدف تطوير مناخ الأعمال وتحفيز الشركات على النشاط بشكل أكبر حتى تصبح أكثر إنتاجية وتتمكن من توفير فرص عمل جديدة للمواطنين وتكون أكثر استجابة للمستثمرين المحليين والدوليين.
وتريد الرباط تجاوز تداعيات الأزمة الصحية بأسرع وقت ممكن، بعد أن أحدثت صدمة في قطاع الأعمال المغربي بفعل تأثيره على مناخ الاستثمار والأنشطة الصناعية والتجارية.
وفي أحدث تحركاتها، صادقت الحكومة الجمعة الماضي خلال اجتماع الدورة الـ80 للجنة الوطنية للاستثمارات برئاسة رئيس الحكومة سعدالدين العثماني على 23 مشروع اتفاقية استثمار جديدة بميزانية تبلغ نحو مليار دولار، من شأنها توفير قرابة 8 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وتستهدف المشروعات المقترحة كافة مناطق البلاد وهي وتشمل عدة قطاعات على رأسها الصناعة والسياحة والصناعات الغذائية والطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر والبنية التحتية والتجارة وغيرها.
وكانت لجنة الاستثمارات قد وافقت خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2019 على استثمارات في قطاعات الصناعة والطاقة والصناعة الغذائية والسياحة، بقيمة إجمالية تقدر بـ34 مليار دولار وفرت أكثر من 39 ألف فرصة عمل.
وأظهر تقرير حول حصيلة إنجازات الفترة الفاصلة بين 2017 و2021 والمنشور على المنصة الإلكترونية للحكومة المغربية أنه يتوقع أن يبلغ إجمالي الاستثمارات الحكومية بنهاية هذا العام نحو 25.8 مليار دولار بفضل إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار رغم الظرفية الصعبة الناجمة عن الجائحة.
وحسب التقرير، فإن ضخ الاستثمارات الحكومية يعزز تنافسية الاقتصاد المحلي ويحسن مناخ جلب الاستثمارات الأجنبية وبصفة عامة في صمود النسيج الاقتصادي.
وتضاعفت اعتمادات استثمار الميزانية العامة ثلاث مرات منذ العام 2007، بمتوسط اعتمادات سنوية قدرها 8.5 مليار دولار خلال الفترة بين 2017 و2021 مقابل 6.34 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2012 و2016.
كما تحسنت نسبة تنفيذ استثمار الميزانية العامة للدولة بشكل ملحوظ، حيث انتقلت من 53 في المئة سنة 2012 إلى ما يقرب من 79 في المئة سنة 2018، الأمر الذي يجسد الجهود المبذولة من طرف الدولة لتحسين تنفيذ الاستثمارات العمومية وتقليص آجال الأداء المرتبطة بالطلبيات العمومية.
وشرعت الحكومة في تنفيذ العديد من الخطط في مقدمتها الاستراتيجيات الطموحة التي أطلقها الملك محمد السادس، والمتعلقة بالجيل الأخضر 2020 – 2030 والذي جاء استكمالا لمخطط المغرب الأخضر، والذي يهدف إلى دعم جيل جديد من المزارعين من خلال تعبئة مليون هكتار من الأراضي.
كما بدأت بتنفيذ خطة التسريع الصناعي 2021 – 2023، التي تستهدف تعويض 3.8 مليار دولار من الواردات، إلى جانب تنفيذ خطط لإنعاش قطاعات في مقدمها السياحة والاقتصاد الاجتماعي لتجاوز الأزمة الناتجة عن الجائحة.
وأواخر مايو الماضي أعلن المغرب برنامجه الجديد للتنمية الاقتصادية، والذي يمتد حتى عام 2035، في مسعى لإعادة الزخم للبلد واقتصاده وموقعه الجغرافي بوابة لأفريقيا.
وانكمش الاقتصاد المغربي 6.3 في المئة في العام الماضي، تحت ضغط جائحة كورونا، ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا لاقتصاد البلد بنسبة 4.5 في المئة هذا العام.
العرب