تعقد لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي جلسة استماع بشأن تونس، في 14 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. ستتناول الجلسة استعراض السياسة الداخلية للرئيس قيس سعيّد، وموقفه من الإدارة الأميركية، بدءاً من 25 يوليو/تموز الماضي وصولاً إلى الحالة الراهنة.
هذه الجلسة لن تكون عادية، وقد تترتب عنها قرارات من شأنها أن تمس بروح الصداقة التي تميز العلاقات الثنائية بين البلدين، بسبب التوجه الذي يعتمده الرئيس التونسي من أجل إعادة ترتيب البيت الداخلي بعيداً عن التدخل الخارجي، ومن دون مراعاة ما تعتبره الولايات المتحدة ثوابت الديمقراطية. فعنوان الجلسة سيكون “تونس: فحص حالة الديمقراطية والخطوة التالية للسياسة الأميركية”.
على الرغم من زحمة الأحداث الدولية والإقليمية وتعقّدها، فقد تابع الرئيس الأميركي جو بايدن تطورات المشهد التونسي عن كثب. وكان من بين السياسيين الأميركيين الذين تفاعلوا إيجابياً مع الثورة التونسية، وربطته بالرئيس السابق الباجي قائد السبسي علاقة صداقة، انطلقت شرارتها بعد الفطور الذي أعده الأخير خلال زيارته إلى الولايات المتحدة إثر توليه منصب رئاسة الجمهورية. في تلك الجلسة، خاطب السبسي مضيفه بالقول “أنصحك بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنا واثق من أنك ستصبح رئيساً للولايات المتحدة”. ضحك بايدن، وافترق الرجلان.
لا يتعاطف الأميركيون مع تونس كرمى لعيون أهلها، وإنما نظراً لموقعها الاستراتيجي، الذي جعل منها نقطة تقاطع جيوسياسي وحضاري هامة، عربياً وأفريقياً ومتوسطياً. كما أن نخبتها، بمختلف تناقضاتها، تبقى متميزة وعقلانية إلى حد ما، وبقيت سياساتها الداخلية والخارجية أكثر ميلاً للعقلانية وتجنباً للعنف والراديكالية. لهذا ليس من مصلحة تونس الدخول في مغامرة من شأنها أن تكون لها كلفة عالية وقاسية على بلد هش وقليل الموارد. فحجم المخاطر التي تحيط بها من كل الجهات تقتضي الحذر الشديد، وتجنّب الصراعات الإقليمية والدولية. تكفي الإشارة إلى أن الصحراء الكبرى شمال أفريقيا، تعج بالتحديات والمخاطر الاستراتيجية التي يمكن أن يتعرض لها الأمن الحيوي لحلف شمال الأطلسي بشكل مباشر.
العربي الجديد