شكّلت استجابة جامعة الدول العربية لمقترح الجزائر القاضي بعقد القمة المقبلة في الفاتح والثاني من نوفمبر المقبل، انتكاسة جديدة لدبلوماسية نظام المخزن المغربي، الذي عمل كل ما بوسعه من أجل وأد هذه القمة لمجرد أنها تحتضنها الجزائر، حتى قبل انعقادها.
وبينما كانت الجزائر تبذل جهودا من أجل تقريب وجهات النظر بين الفرقاء العرب بشأن القمة العربية المقبلة، خرج وزير خارجية نظام المخزن المغربي، ناصر بوريطة، بتصريحات حاول من خلالها إفشال جهود الجزائر عبر توجيه رسائل تعجيزية، بهدف واحد وهو إلغاء “قمة الجزائر”، مدفوعا بحساسية الرباط من كل ما هو جزائري أو له علاقة بها.
بوريطة وفي مقابلة تلفزيونية سابقة مع قناة “فرانس 24” الفرنسية، قال: “مسألة تاريخ القمة بالنسبة لنا هو مسألة نصوص، وإذا رغبنا في تغيير الموعد يجب تغيير الميثاق، لأن النص تم اعتماده قبل 7 أو 8 سنوات إبان إصلاح بيت الجامعة العربية، كان هناك ملحق بميثاق الجامعة ينص على أن دوريات القمة يتم عقدها في شهر مارس، قرار اتخذ على مستوى الملوك والأمراء ورؤساء الدول العربية، واليوم هو جزء من الميثاق”.
كلام بوريطة كان موجّها مباشرة إلى الجزائر، وهو يستهدف تعجيزها من خلال إصراره على عقد القمة في شهر مارس دون سواه، مع علمه بأن تنظيم القمة في موعدها المحدد سلفا لم يكن ممكنا، على الأقل بسبب تداعيات فيروس كورونا وأمور تنظيمية أخرى، من بينها سعي الجزائر إلى البحث عن توافق عربي يجعل من هذه القمة مرجعية، وليس مصدر خلاف يزيد من تشتيت الصف العربي، وتجلى ذلك من خلال تأكيد الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، على وحدة الصف العربي في جولاتهما إلى العربية.
الرسالة التي أراد توجيهها بوريطة في حواره لقناة “فرانس 24″، مفادها أن الجامعة العربية ليست حديقة خلفية للجزائر، تفعل فيها ما تشاء كما تفعل في مؤسسات الاتحاد الإفريقي، كما زعم المسؤول بنظام المخزن، عندما قال إن “الحديث بكل سهولة عن التواريخ كأنها مسألة إجرائية، هي ذات المنطق الذي رأيناه بالاتحاد الإفريقي”.
غير أن الضربة جاءته من حيث لم يكن يتوقع، بتجاوب وزراء الخارجية العرب مع المقترح الجزائري الذي قدمه الرئيس تبون شخصيا، باعتماد يومي الفاتح والثاني من نوفمبر المقبل، وهو ما لم يهضمه ممثل المخزن في هذا الاجتماع، ممثلا في بوريطة، الذي سارع في كلمة له في هذا الاجتماع، إلى الاعتراض على هذا التاريخ بحجة أن موعد انعقاد القمم العربية هو مارس وليس نوفمبر، عندما قال إن “القادة العرب أبانوا سنة 2000 من خلال اعتمادهم الملحق الخاص بتاريخ ودورية وانتظام القمم العربية شهر مارس من كل سنة”.
احتجاج بوريطة على اعتماد مقترح الجزائر لم يغير شيئا في واقع الأمر، لتتلقى بذلك الدبلوماسية المغربية نكسة جديدة في صراعها مع الجزائر، رغم أن اعتماد المقترح الجزائري ليس للمغرب فيه ناقة ولا جمل، كونه لا يمس بالوحدة الترابية المزعومة للجارة الغربية، وهو الشعار الذي اعتاد مسؤولو المخزن رفعه في كل مرة.
ما حدث نهاية الأسبوع بالقاهرة يضاف إلى انتكاسات أخرى، مثل تعليق عضوية الكيان الصهيوني في الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب، وهي المعركة التي كان فيها نظام المخزن إلى جانب المعسكر الخاسر، يضاف إلى ذلك مشاركة رئيس الجمهورية العربية الصحراوية، إبراهيم غالي، في قمة الأوروبية الإفريقية ببروكسل الشهر المنصرم، وقبل ذلك إسقاط العدالة الأوروبية لاتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في انتظار ما هو قادم.
الشروق