يدق منتجو التمور في منطقة الجريد جنوبي تونس ناقوس الخطر أمام العراقيل والمشكلات اليومية التي تواجههم مع بداية كل موسم.
فإنتاج هذه المنطقة يغطي أكثر من 60 ألف طن من طلبات السوق المحلية من التمور، وخصوصا المعروفة بـ «دقلة نور».
ويقول مزارعو التمور أنهم يواجهون صعوبات عدة، منها تراكم ديونهم تجاه البنوك وضعف أداء الجمعيات المائية المتخصصة بتنظيم توزيع مياه الري، وكذلك بطء عمليات بيع التمورعلى رؤوس أشجار النخيل لتجار الجملة، إضافة إلى مشكلات التخزين والترويج.
ورغم أن هذه المشكلات سنوية، فإنها تضاعفت هذا العام إثر الأضرار التي لحقت بالتمور جراء الإصابات بعنكبوت الغبار «بوفروة» وهو مرض يصيب التمور، والتي تتفاوت من واحة إلى أخرى بسبب التأثير السلبي للتغيّرات المناخيّة. تبلغ مساحة واحات التمور التونسية أكثر من 40 ألف هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع) تضم نحو 5.4 مليون نخلة، منها 3.55 مليون نخلة من الأصناف الجيدة.
وتعد واحتا نفزاوة (في محافظة قبلي) والجريد (في محافظة توزر) أهم الواحات المنتجة للتمور الجيدة، إذ تنتج الأولى قرابة 60 في المئة من الإنتاج التونسي، لتأتي الجريد في المرتبة الثانية.
وتنتج تونس حاليا نحو 200 نوع من التمور، من أهمها «دقلة نور» و»الفطيمي» و»لخوات» و»الكنتة» و»العليق» وتصنّف «دقلة نور» الأفضل من بينها، وتضم محافظة توزر (غرب) وحدها قرابة مليوني شجرة منها.
ويشير عارف ناجي، رئيس الاتحاد المحلي للفلاحين في توزر، إلى أن واحات المحافظة تنتج أكثر من 62 ألف طن، منها 45 ألفاً من «دقلة نور» و15 ألف طن من «العليق» و»الكنتة»
ويوضح في مقابلة أن «أزمة الإنتاج والبيع بدأت تتفاقم عام 2016، لكنها تعمقت تماماً مع تداعيات جائحة كورونا، إذ كانت تونس تصدر ما قيمته أكثر من 317 مليون دولار سنوياً».
ويشير إلى «تراجع أسعار التمور، إذ لم يعد يحقق حتى كلفة الإنتاج» مردفاً «كنا نعتقد أن أزمة ترويج المنتج تعود إلى تراجع التصدير، لكن تبين ان التصدير متواصل، وهو ما يدل على أن الجهات المتحكمة هي التي وراء هذا التلاعب».
ويرى سالم بن سالمة، وهو مزارع وعضو في جمعية «المنحلة للمواطنة الفاعلة» أن «موسم التمور متعثر وغير منتظم على مستوى عمليات الجني والبيع، فضلاً عن أن الجفاف والتغيرات المناخية عمقت الأزمة بانتشار الأمراض، وخصوصا عنكبوت الغبار الذي يصيب حبات التمر في مرحلة الاخضرار».
ويعزو ذلك إلى عدم اتخاذ السلطات المعنية إجراءات استثنائية وعاجلة لعلاج الأمر، «فأغلب المنتج أمس لا يزال على رؤوس النخيل، وهي من النوعية التي يصعب ترويجها في السوق المحلية».
من جهته، يقول سالم معتوق، ناشط مجتمعي من مدينة حزوة المحاذية للحدود الجزائرية، إن «نسبة كبيرة من الدقلة ما زالت معلقة على رؤوس النخيل. ورغم تدني الأسعار، هناك ركود في عمليات البيع بسبب رداءة نوعيتها».
ويعزو معتوق تراجع جودة التمور هذه السنة إلى عامل الجفاف وشح الأمطار، فضلاً عن التجار الموسميين الذين لم تتوافر لهم السيولة الكافية لإتمام عمليات الشراء، ما أثر سلبا على الحركة الاقتصادية في البلاد عموماً، ويقول «وعدتنا الحكومات المتعاقبة بإحداث مجمع مهني مشترك للتمور في ولاية توزر، لتسهيل عملية الترويج. لكن، رغم إنشائه عام 2018، بقي المجمع في تونس كما هو، ولم يقدم الحلول للمزارعين».
ويشير إلى أن «المعنيين بالأمر يتابعون الملف بشكل موسمي، فيما يجب إيجاد حلول عاجلة وطويلة الأمد لهذا القطاع الحيوي».
ويلفت إلى أن «كبار التجار هم من يتحكمون بالسوق، وهؤلاء لا هَمّ لهم إلا مصلحتهم. أما صغار الفلاحين، فيجب أن تحميهم الدولة بتكوين تعاونيات وتنظيم دورات للتوعية».
وأدى شح الموارد المائية في مناطق الإنتاج، بسبب التراجع الحاد في مستوى المياه جراء الإفراط في الاستغلال غير الرشيد لسقي الواحات، وعدم تدخل السلطات لإيجاد الحلول الناجعة، إلى إعاقة إنتاج التمور في تونس خلال السنوات الأخيرة.
المصدر القدس العربي