دعا السفير الأميركي السابق في تونس غوردون غراي إدارة الرئيس جو بايدن إلى مساعدة تونس على العودة إلى المسار الديمقراطي المتعثر بسبب التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، والتي سمحت بتجميع السلطات في يده.
وقال غراي في مقال له نشرته صحيفة “ذا هيل” (The Hill) الأميركية إن النهج الذي ينبغي أن تتبعه الولايات المتحدة تجاه تونس ردا على تجميع السلطات بيد الرئيس سعيد يجب أن يحكمه مبدآن، أولهما إحجام إدارة بايدن عن قطع المساعدات الموجهة لتونس، إذ إن حجم المساعدات التي كرستها الإدارة الأميركية لتونس هذا العام لا تتجاوز 197.1 مليون دولار، وهو مبلغ لا يسد احتياجاتها الكبيرة جدا، لذا فإنه من غير المرجح أن يغير تجميد أو قطع تلك المساعدات حسابات سعيد.
كما أن تلك المساعدات مصممة لتلبية احتياجات الشعب التونسي من خلال التركيز على الأمن والحكم الرشيد والنمو الاقتصادي، لذلك فإن تقليصها لا يخدم الشعب التونسي ولا يعزز المصالح الأميركية.
أما المبدأ الثاني الذي ينبغي أن يوجه تعاطي الإدارة الأميركية مع إجراءات سعيد الاستثنائية التي أضرت بمسار البلد الديمقراطي فهو أن تكون سياستها المتعلقة بتونس مبنية على الأهمية القصوى لسيادة القانون.
شروط
وفي هذا الصدد، يرى الدبلوماسي الأميركي أن على الولايات المتحدة استخدام نفوذها في المؤسسات المالية الدولية -خاصة صندوق النقد الدولي الذي يدرس منح تونس قرضا لإخراجها من أزمتها المالية- لإدراج هذا المبدأ ضمن أي برنامج مساعدات لها متعدد الأطراف في المستقبل.
كما يرى أن على الولايات المتحدة وغيرها من المدافعين عن الديمقراطية في تونس أن يشترطوا قبل تقديم أي مساعدات للسلطات التونسية وجود جدول زمني واضح ومتسارع للعودة إلى النظام الدستوري، وأن يوضحوا أن أي برامج كبرى للمساعدات ستكون مشروطة بتقديم خطة إصلاح اقتصادي تحظى بتأييد واضح من البرلمان والقوى المعنية مثل نقابة العمال التونسيين.
وحث غراي بلاده على اتخاذ خطوات محددة لتشجيع العودة إلى سيادة القانون ومعالجة المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها تونس.
وفي هذا الصدد، اقترح جملة من الإجراءات، من بينها مواصلة شجب الإجراءات غير الدستورية التي أقدم عليها سعيد، وثني بقية قادة العالم عن التعبير عن دعمهم خرق سعيد الدستور التونسي، إضافة إلى تمويل وتنفيذ برامج مصممة لتوسيع الإقراض التجاري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التونسية.
أصبحنا مثل كوريا الشمالية
وفي معرض الحديث عن فداحة التعثر الذي لحق بالمسار الديمقراطي في ظل حكم قيس سعيد، قال غراي إن صديقا تونسيا أخبره -على سبيل المزاح المقرون بالجد- أن الحكم في تونس في ظل تكريس سعيد جميع السلطات في يده أصبح الآن شبيها بنظام الحكم في كوريا الشمالية، إذ إن زعيمها “كيم جونغ أون هو الشخص الآخر الوحيد في العالم الذي يسيطر على كل السلطات الثلاث في الحكومة”.
وختم غراي بالتأكيد على أن الدفاع عن الديمقراطية في تونس يدخل في إطار التزامات الولايات المتحدة، فقد صرح الرئيس جو بايدن خلال قمة الديمقراطية بأن “علينا أن ندافع عن العدالة وسيادة القانون”، مستشهدا بمقولة عضو الكونغرس الراحل جون لويس إن “الديمقراطية ليست دولة، بل هي فعل.”
واختتم السفير الأميركي السابق في تونس مقاله بأن على الولايات المتحدة أن تتحرك للدفاع عن سيادة القانون في تونس، لأن ذلك أقل ما يستحقه الشعب التونسي.