بعد انتظار طال 12 عاماً، استقبل جرحى وعائلات شهداء الثورة في تونس إطلاق مؤسسة “فداء” بفرحة منقوصة، لأنّ خدماتها لن تشمل الذين استُثنوا من القوائم وعددهم بالمئات. وكان رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد قد أعلن في بيان، أمس الجمعة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السادسة والستين لتأسيس الجيش الوطني، عن إطلاق “فداء” التي سوف تتولّى الإحاطة الكاملة بجرحى وأهالي شهداء الثورة وفقاً لمقتضيات المرسوم 20 الصادر في التاسع من إبريل/ نيسان 2022.
وأوضح بيان رئاسة الجمهورية أنّ مبنى من بين العقارات المصادرة سوف يضمّ مقرّ مؤسسة “فداء” بعد أن رُمّم وجُهّز في ظرف قياسي لم يتجاوز خمسة أيام من قبل المؤسسة العسكرية، بعدما كان مهملاً لمدة تزيد عن عشر سنوات.
يقول جريح الثورة علاء القيزاني لـ”العربي الجديد”: “انتظرنا طويلاً إطلاق هذه المؤسسة للإحاطة بجرحى الثورة وعائلات الشهداء ومنحهم حقوقهم بالقانون وفق المرسوم الرئاسي الصادر. ومن شأن هذه الخطوة أن تقطع المجال أمام السماسرة والمتاجرين بالملف”. يضيف القيزاني أنّ “هذه المؤسسة أتت بعد تعب كبير وتحرّكات عديدة خاضها الجرحى الذين ظلّ ملفّهم لسنوات يُنقَل من مؤسسة إلى أخرى، من دون وجود جهة واضحة تهتمّ بالملف”.
ويرى القيزاني أنّ “وجود مؤسسة قانونية تتعامل مع قائمة واضحة من شأنه أن يسهّل علينا نيل حقوقنا والحصول على العلاج. وسوف يكون في إمكان أيّ جريح يحتاج إلى شيء ما أو يبحث عن استفسار معيّن أن يتوجّه إلى مؤسسة فداء، وهو ما يكفله القانون والمرسوم”. ويتابع القيزاني أنّه تلقّى اتّصالات كشفت عن سعادة عدد كبير من عائلات شهداء وجرحى الثورة بهذه الخطوة، لافتاً إلى أنّه “على الرغم من ذلك، ما زالت ثمّة استفسارات عن فحوى المرسوم وعن كيفية عمل مؤسسة فداء”.
من جهته، يقول جريح الثورة محمد السنوسي لـ”العربي الجديد”: “كنّا نأمل بأن تكون مؤسسة فداء مستقلة بذاتها عن المؤسسة الأمنية والعسكرية، لأنّ ثمّة محاكمات لم تُستكمل بالنسبة إلى عائلات الشهداء وجرحى الثورة. وتُضاف إلى ذلك حساسية لدى الجرحى، خصوصاً الذين يعانون من إصابات بليغة، وكذلك لدى العائلات”. ويرى أنّه “كان من الأنسب إنشاء مؤسسة لشهداء المؤسسة الأمنية وأخرى للمؤسسة العسكرية في إطار وزارتَي الدفاع والداخلية، فيما تُخصّص مؤسسة ثالثة للمدنيين. لكنّ الرئيس (سعيّد) أنشأ مؤسسة واحدة للجميع”.
يتابع السنوسي أنّه “على الرغم من الاعتراف بالقوائم الأولية في المحافظات والمحاكم العسكرية والتي تضمّ أكثر من 3600 جريح وأكثر من 300 شهيد، فقد كان الاعتماد على قائمة تضمّ فقط 634 جريحاً و134 شهيداً. بالتالي تأتي القائمة الصادرة منقوصة، من دون اعتماد المعايير المنصوص عليها ومن دون احترام المرسوم 97”.
ويكمل السنوسي أنّ “مئات الجرحى يحملون أثر رصاص ويعاني عدد منهم من عجز جسدي يصل إلى 90 في المائة، ويعانون كذلك من آلام ولا يجدون أبسط المرافق ولا الدواء، فيما لا أحد يعترف بهم”، سائلاً: إلى من يتوجّه هؤلاء؟”. ويوضح أنّ “الاعتراضات في المحكمة الإدارية التي قدّمها الأشخاص الذين لم تشملهم القائمة الرسمية تكثر، وقد يمتدّ الأمر سنوات عدّة قبل أن يُقَرّ حقهم وتصدر قائمة تكميلية. وبالتالي هم غير قادرين على الاستفادة من أيّ خدمات طيلة هذه الفترة”. ويشير السنوسي إلى أنّ “هؤلاء سوف يخوضون تحركات عدّة في شهر يوليو/ تموز المقبل، وسوف يكون اعتصام مفتوح للمطالبة بأمر ترتيبي وضمّ القوائم للاعتراف بهم أوّلاً وللمطالبة بحقوقهم”.
العربي الجديد