أثار الرئيس التونسي قيس سعيد موجة سخرية عبر منصات التواصل الاجتماعي في البلاد، بعد مطالبته بفرض قيود على واردات المواد الكمالية بهدف خفض عجز الميزان التجاري مع عدد من الدول.
وقال سعيد -لدى لقائه رئيسة الوزراء نجلاء بودن- إن الهدف من هذا الإجراء هو الحد من الإضرار بالمالية العمومية.
وجاء في بيان الرئاسة “كيف يمكن تفسير توريد الأكلات الخاصة للحيوانات الأهلية أو توريد مواد التجميل من دور العطور الأجنبية وتوجد وقتها العملة الصعبة (الأجنبية) في حين أن المواطنين يشكون في أغلبهم الحد الأدنى من ضروريات الحياة”.
وتابع البيان “إذا كانت هناك صعوبات، والعالم كله يشهد صعوبات في عديد من القطاعات، فيجب أن تتحمل المجموعة الوطنية كلها على قاعدة العدل الاجتماعي هذه الأوضاع”.
جدل وامتعاض
وأثار حديث الرئيس سعيد جدلا واسعا على منصات التواصل، حيث عبّر تونسيون عن امتعاضهم من ربط الأزمة الاقتصادية بطعام الحيوانات ومواد التجميل.
وعقب بث صفحة رئاسة الجمهورية للخبر، بدأ المتابعون بالتعليق، وتراوحت مواقفهم بين الاستياء والسخرية والتساؤل.
واتفق كثيرون على أن حديث الرئيس مع بودن “أشبه بحديث أصدقاء في المقهى” حيث إن ما يقال من استنتاجات وتصريحات “لا يرقى إلى حديث قائد للبلاد” حسب قول البعض.
واعتبر أحد المعلقين أن “حديث المقاهي أفضل بكثير” معتبرا أن العاملين أو العاطلين عن العمل “يناقشون وضع البلاد يوميا ويضعون حلولا أفضل من التي يقترحها أعلى هرم السلطة”.
ومما أثار ردود فعل قوية، حديث الرئيس عن مسألة الاحتكار، ويرى كثيرون أنه بذلك يعتبر أن ما يحدث من أزمات غذائية ونقص في السلع والمواد الأساسية ما هو إلا أمر مدبّر.
وتكررت لقاءات سعيد برئيسة الحكومة ووزراء التجارة والداخلية، لكنه يصر على اتهام خصومه بالوقوف وراء النقص الحاد بالمواد الأساسية من أجل تجييش الشارع ضده، بينما يرى خصومه أن شح السيولة ونقص العملة الصعبة سبب أزمة توريد السلع، بحسب عدد من المختصين وخصوم الرئيس.
سلع مفقودة
وتشهد تونس ندرة في عدد من السلع والمنتجات الغذائية أبرزها السكر والقهوة والدقيق والزيوت والأرز، مما دفع المحال التجارية الكبرى إلى تحديد الكميات الممنوحة من تلك السلع للأفراد.
وتعاني البلاد من تردي الأوضاع الاقتصادية التي تتفاقم مع تفجّر أزمة سياسية عقب 25 يوليو/تموز الماضي، حين فرضت إجراءات “استثنائية” أبرزها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
ورأى بعض المعلقين على صفحة الرئاسة في فيسبوك أن الرئيس عاجز عن إيجاد حلول للأزمة المتفاقمة، ونصحوه “بإعادة السلطة للشعب لينتخب من هم قادرون على الخروج بتونس من مأزقها”.
وطغت السخرية “السوداء” على عدد من التعليقات، حيث ذكر عدة مستخدمين أن قرار الرئيس منع استيراد مواد التجميل قد يدفع بالنساء والفتيات إلى ارتداء النقاب.
وعلّقت إحدى المتابعات قائلة “إذا لم نمت من الجوع سنموت من الروائح، فمن دون عطور وسوائل استحمام ومع انقطاع المياه سنتحول إلى زومبي”.
انتقادات وعجز
ولم يفت المعلقين انتقاد اللغة التي كتب بها بيان الرئاسة، معتبرين أنا “ركيكة وبنفس أسلوب الرئيس الشعبوي والإنشائي”.
وعلى موقع تويتر، قالت الصحفية وجدان بوعبد الله إن كاتب بيان الرئاسة “لا يفهم كيف تدار السوق ولا التصدير والتوريد: يشن حربا على توريد العطور وكأنها سبب اندثار السكر والزيت وعلى طعام الحيوانات، كذلك بيان كُتب بلغة ركيكة وكلمة (وقتها) العامية تجد مكانها في هذا البيان. نكسة اقتصادية ولغوية”.
واعتبر حساب آخر بأن سعيد “لا يصلح حتى لإدارة محل بقالة صغير”.
ومما يزيد من خطورة الأوضاع -الاقتصادية خاصة- أن الواردات تستنزف احتياطي النقد الأجنبي بخزينة الدولة.
وبلغ العجز التجاري خلال 8 أشهر من العام الجاري 16.9 مليار دينار (5.10 مليارات دولار) مقابل 10.14 مليارات دينار (3.06 مليارات دولار) خلال الفترة ذاتها من 2021، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.
وتصدرت الصين وتركيا والجزائر وروسيا قائمة الدول التي تعاني تونس من عجز تجاري معها.