كشفت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية تحوّل تونس إلى بلد عبور رئيسي في المنطقة للمهاجرين الذين يغادرون إلى إيطاليا على متن قوارب ضمن موجات الهجرة غير الشرعية.
وتفيد الأرقام التي نقلتها وكالة “نوفا” الإيطالية للأنباء بمغادرة 12083 شخصاً السواحل التونسية منذ بداية العام الحالي، وحتى يوم 13 آذار/مارس الجاري، مقارنةً بـ1360 وافداً فقط في الفترة نفسها من العام الماضي.
وقالت الوكالة الإيطالية إنّ من المحتمل أن يهاجر أكثر من 60 ألف شخص بشكل سري من تونس وحدها خلال هذا العام، وهم تونسيون ومهاجرون قادمون من دول أفريقيا جنوب الصحراء، من دون احتساب الارتفاع الطبيعي للتدفقات في الصيف في ضوء تحسّن الظروف المناخية.
وتُعادل أعداد المهاجرين لهذا العام أكثر من ثلث إجمالي الوافدين غير النظاميين من السواحل التونسية طيلة عام 2022، البالغ عددهم 32101 شخص.
يعود ذلك إلى تزايد أعداد الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء بشكل لافت هذا العام إلى تونس، إذ لا يتعدى عدد التونسيين من بين تلك الأعداد المغادرة إلى إيطاليا 1328 شخصاً.
وسبّب هذا التحوّل أزمة دبلوماسية عاصفة بين تونس وعدد من دول القارة السمراء بسبب تصريحات للرئيس التونسي قيس سعيّد، دعا فيها إلى تشديد القيود على المهاجرين المقيمين بطرق غير قانونية في الأراضي التونسية.
وكان سعيد قد نادى باتخاذ “إجراءات عاجلة” لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، واصفاً الظاهرة بأنّها مؤامرة “لتغيير التركيبة الديموغرافية” في تونس.
وأبدى الرئيس التونسي تشدداً كبيراً حيال تدفق “جحافل المهاجرين غير النظاميين”، مع ما يؤدي إليه من “عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلاً عن أنّها مجرّمة قانوناً”.
وكانت السلطات التونسية اعتقلت، في شباط/فبراير الماضي، عشرات المهاجرين الذين وصلوا إلى تونس. وقال سعيّد في تصريحاته إنّ جهات لم يذكر اسمها قامت خلال العقد الماضي بتوطين مهاجرين أفارقة في تونس في مقابل المال.
وبعد خطابه الذي وصفته منظّمات غير حكومية بأنّه “عنصري” و”يحض على الكراهية”، أبلغ رعايا دول أفريقيا جنوب الصحراء باعتداءات متزايدة تعرّضوا لها ولجأوا في إثرها بالعشرات إلى سفارات دولهم لإعادتهم إلى بلادهم.
ودان الاتحاد الأفريقي التصريحات “الصادمة” لسعيّد، داعياً دوله الأعضاء إلى “الامتناع عن أيّ خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الضرر بأشخاص، وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الأساسية”.
وفي ما بدا أنّه مسعى منه للتهدئة، أكّد سعيّد لدى استقباله الأسبوع الماضي في قصر قرطاج رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو امبالو أنّ أفارقة جنوب الصحراء “إخوتنا”.
وندّد الرئيس التونسي بمحاولة البعض تأويل تصريحاته و”إطلاق حملة غير بريئة للإضرار بعلاقة تونس بعدد من الدول الأفريقية”.
يذكر أنّ تونس تقدّمت على ليبيا التي شهدت تدفُّق 7057 شخصاً عبر سواحلها نحو إيطاليا خلال العام الحالي. وكانت قد شهدت طيلة 2022 مغادرة أكثر من 53 ألفاً من سواحلها، متصدِّرةً بذلك دول المنطقة في عبور المهاجرين.
الميادين