“الجزائر وليبيا.. خاوة خاوة”. شعار يُتداول بغزارة هذه الأيام على مواقع التواصل، من ليبيين اكتشفوا جمال الوجهة الجزائرية وجزائريين سعداء باستقبال زوار جدد في بلادهم التي ظلت مظلومة سياحيا في منطقة المتوسط لسنوات طويلة.
لا يمكن لزائر الولايات الساحلية الشرقية الكبرى في الجزائر، ألا ينتبه للحضور اللافت للسيارات الليبية من لوحات ترقيمها البيضاء. ظاهرة لم تكن معهودة لدى الجزائريين الذين لا يستقبلون عادة سياحا من خارج البلاد بهذه الكثافة عدا المهاجرين الذين يعودون لقضاء عطلة الصيف. لذلك، كان الاحتفاء كبيرا بالليبيين الذين عبروا عن سعادتهم بهذا الاستقبال ومدحوا كثيرا الطيبة التي تميز الجزائريين.
صانع المحتوى الليبي الشهير “رحاليستا”، قال إنه لم يستطع مقاومة المجيء للجزائر لأن الكل يتحدث عنها ولأنه اشتاق إليها. وذكر في منشور له لقي تفاعلا كبيرا أنه لا أحد كان يتوقع بعد فتح الحدود الجزائرية التونسية أن السياحة ستكون بالاتجاه التالي وهو أن “الكثير من الليبيين يزورون الجزائر والعدد في تزايد وأغلبهم أول مرة يزورونها أصلاً”.
وأضاف رحاليستا مادحا ترحاب الجزائريين: “اوكي خليني نقوللكم حاجة من قلب الحدث الآن. المرة الماضية ماجيتش بسيارة، المرة هذي انا وصديقي جينا بسيارة طارقة ليبية (لوحة السيارة) وما حدث معنا لما عبرنا الحدود وحتى داخل المدن ان ناس كثيرة ترحب بنا بصوت الكلاكس (زمور السيارة) وفي الشارع كل من يلاقينا يقول انتم اخوتنا ونورتو بلادكم الثانية”.ولخص المدون الشهير أسباب إقبال الليبيين على الجزائر في 3 نقاط، الأولى أن “الشعب كريم مضياف بصدق وليس لأنه يريد مصلحة من خلف الترحيب بك”. والثانية أن “البلاد قارة، فيها البحر والصحراء والجبال والمدن القديمة المليئة بالقصص والحكايات”. والثالثة أن “الأسعار رخيصة وتستمتع بوقتك بتكاليف معقولة جداً”.
وأمام الشغف بالوجهة الجزائرية، بدأت صفحات ليبية كبيرة على مواقع التواصل، تقدم معلومات عن كيفية الوصول للجزائر وسعر عملتها وتكاليف الإقامة بها. وذكرت صفحة “عاجل ليبيا” التي يتابعها نصف مليون على فيسبوك، “الطريق من طرابلس الى عنابة حوالي 1100 كيلومتر تقريبا عن طريق تونس العاصمة باجة طبرقة”. أما أقرب طريق على تونس، فهو عبر راس اجدير قابس بالاتجاه جنوبا لقفصه وفريانه على منفذ بوشبكه الحدودي، حيث تقابلك مدينة تبسة الجزائرية التي تبعد 40 كلم على الحدود. ونصحت الصفحة بالاتجاه بعد ذلك إلى قسنطينة مدينة الجسور المعلقة ومدن عنابة سكيكدة والقل وجيجل وبجاية الساحلية.
ولحد الآن تعد تونس ممرا ضروريا للوصول للجزائر، لكن معبر الدبداب غدامس الجزائري الليبي، أصبح جاهزا بشكل كامل للافتتاح ما سيختصر مسافة الوصول للجزائر. ومع أن السلطات الجزائرية والليبية اتفقتا على فتح المعبر للنشاط التجاري، إلا أن إقبال الليبيين على زيارة الجزائر سيعيد النظر في إمكانية السماح للأشخاص بالعبور أيضا. وكان التلفزيون الجزائري قد بث منتصف شهر تموز/جويلية الجاري، صورا لتجهيز المعبر في وقت تحدثت جهات ليبية عن احتمال افتتاحه قبل نهاية الشهر.
ومن عوامل جذب الوجهة الجزائرية، وفق الصفحات الليبية تكلفة المعيشة المنخفضة في الجزائرية، فثمن فنجان قهوة 60 قرشا ووجبة غذاء أو عشاء ممتازة بـ 30 دينارا ليبيا والفنادق من 40 دينار حتى 100 دينار خمسة نجوم، أما إيجار الشقق فمن 70 حتى 150 دينار ليبي. ولتغطية التكاليف، يقول الليبيون إنه يجب الدخول بالأورو للجزائر لأن سعره مرتفع ويعادل 210 دينار جزائري، وهو ما يجعل 500 أورو كافية لقضاء أسبوع للفرد الواحد في فنادق أو شقق مريحة على الشاطئ مع كل متطلبات المعيشة الأخرى.
وفي الواقع، يقول المختصون إن الوجهة الجزائرية تسجل نموا معتبرا هذه السنة في منطقة المتوسط. وذكرت صليحة حاج جيلاني رئيسة تحرير مجلة “إيسكاباد” الفرنسية المتخصصة في السياحة، أن طلبا على الوجهة الجزائرية في فرنسا من أشخاص يبحثون عن سياحة مغايرة تقوم على المغامرة الاكتشاف وليس فقط التكدس في الفنادق مثلما هو الدارج في المنطقة. وأبرزت حاج جيلاني في تصريح لقناة “فرانس 24″، أن الجزائر وعت لهذا الاهتمام المتزايد وأصبحت تقدم تسهيلات في التأشيرة التي يمكن الحصول عليها في 15 يوما، علما أن التأشيرة الجزائرية كانت في السابق تصنف من بين الأعقد، وهو عامل منفر للسائحين.
ولعل من أبرز ما ساهم في الترويج للجزائر مؤخرا، تنظيم ألعاب البحر المتوسط بمدينة وهران الساحلية غرب البلاد. وكانت هذه المناسبة فرصة لقنوات غربية لاكتشاف الجزائر والترويج لها. وعلى مواقع التواصل، أعطى الكليب الذي أنجزه الموسيقي العالمي “دي جي سنايك” دفعا قويا لاكتشاف الجزائر، بعد تسجيله نحو 40 مليون مشاهدة، وهو كليب يعرض مشاهد من كل مناطق الجزائر مصحوبة بموسيقى محلية تقليدية.
كما ساهم يوتيوبرز مصريون في الفترة الأخيرة في الترويج للسياحة بالجزائر، بعد أن استضافتهم وزارة السياحة ومكنتهم من زيارة عدة مدن، وهي استراتيجية جديدة في بيع الوجهة الجزائرية لم تكن معهودة من قبل.
ورغم ما تزخر به الجزائر من إمكانيات طبيعية، لا تزال حظيرتها الفندقية والخدمية تحتاج إلى التطوير، فخارج عواصم الولايات الساحلية الكبرى تغيب الفنادق التي يمكنها استيعاب تدفق كبير للسياح. وتحاول الحكومة استدراك التأخر، بتشجيع الاستثمار في قطاع السياحة الذي أدرجته مؤخرا ضمن القطاعات ذات الأولوية في قانون الاستثمار الجديد، بحيث يستفيد المستثمر من إعفاءات جبائية تصل إلى 10 سنوات ناهيك عن تسهيلات في الحصول على العقار.
وكالات