رغم أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا بعيدة عن الجزائر جغرافيا، إلا أن لها آثارا إيجابية وسلبية عليها كما على مختلف دول العالم. فما هي آثار هذه الحرب؟ وما طبيعتها؟ وكيف ستتأثر الجزائر بها؟
حتى قبل أن تعلن موسكو الحرب على كييف، كانت الجزائر قد استفادت من هذه الأزمة، وذلك من خلال تأثيرها على أسعار النفط والغاز، حيث قاربت الـ100 دولار لبرميل خام سلة برانت، والتي يعتبر النفط الجزائري (صحاري بلاند) أحد مكوناتها.
ومباشرة بعد اندلاع الحرب قفزت أسعار برميل النفط إلى أكثر من 105 دولار للبرميل، ما يعني أن الجزائر “استفادت” كثيرا من هذه الحرب على الصعيد الاقتصادي، لأن تجاوز سعر البرميل الـ100 دولار، سيزيد من غلة الجباية النفطية، في وقت تعيش فيه البلاد على وقع صعوبات اقتصادية، منذ انهيار أسعار الذهب الأسود في العام 2014.
كما قفزت أسعار الغاز بنحو 35 بالمائة مع بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا لتصل إلى 1400 دولار لكل ألف متر مكعب، وهو معطى ستستفيد منه الجزائر أيضا، التي تضعها الإحصائيات الرسمية في المرتبة الرابعة بواقع 10.2 بالمائة من حيث تصير الغاز المسال نحو أوروبا، بعد كل من الولايات المتحدة بواقع 24.2 بالمائة وقطر بـ16.2 بالمائة وروسيا بواقع 13.7 بالمائة.
ويشكل ارتفاع أسعار النفط والغاز متنفسا كبيرا للسلطات الجزائرية من أجل تجاوز الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، والتي بدأت في العام 2014، إذ تساعد الإيرادات المتأتية من ارتفاع أسعار الطاقة (النفط والغاز معا)، في الحد من الاختلال الحاصل في ميزانية الدولة.
وعلى النقيض من ذلك، تسببت الحرب في أوكرانيا في ارتفاع صاروخي لأسعار بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع، وفي مقدمتها الحبوب، التي تعتبر الجزائر من أكثر المستوردين لها في العالم، إلى جانب منتوج آخر مطلوب بقوة في السوق الوطنية وهي مادة الذرة، التي تستعمل في تغذية الدواجن والأنعام في الجزائر.
وشهدت أسعار القمح والذرة ارتفاعا صاروخيا مباشرة بعد بداية الحرب، ووصل سعر الطن الواحد من القمح إلى ما لا يقل عن 344 أورو، وهو مستوى لم تصل إليه على الإطلاق، علما أن أوكرانيا تسيطر إلى جانب روسيا على ثلثي الإنتاج العالمي من هذه المادة.
وتستورد الجزائر الحبوب بنوعيها، القمح اللين والصلب، ويتخوف من أن يؤدي طول عمر هذه الحرب إلى التأثير على تموين السوق العالمية بالحبوب، وهو ما رفع من المخاوف التي ستزيد من احتمالات وصول الأسعار إلى مستويات أخرى غير مسبوقة في الأيام والأسابيع المقبلة.
كما من شأن ارتفاع أسعار الذرة في الأسواق العالمية أن تؤثر على الأسعار في الداخل، ولا سيما أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء المرتفعة أصلا، في وقت لم يتبق على موعد حلول شهر رمضان، سوى نحو شهر.
على صعيد آخر، توجد بأوكرانيا جالية جزائرية تقلصت مع مرور الزمن، باعتبار أن هذا البلد كان جزءا من الاتحاد السوفياتي، وهم يتشكلون في عمومهم من الطلبة الذين يدرسون في هذا البلد، ما يضع ذوي وعائلات هذه الجالية تحت الضغط والخوف، الأمر الذي يتطلب من سفارة الجزائر في كييف، التقرب من الرعايا هناك لتقديم النصح لهم، أو تقديم المساعدة اللازمة إن تطلب الأمر.
المصدر: الشروق أون لاين