تصاعدت موجة الغضب لدى قضاة تونس بسبب التصعيد الجديد من السلطة، من خلال رفع الحصانة عن رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، تمهيداً لإجراءات عقابية منتظرة.
جاء هذا في ظل تأخر إصدار الحركة (التعديلات) القضائية السنوية من رئيس الجمهورية، وتأخير إعادة القضاة المعزولين الذين أنصفتهم المحكمة الإدارية.
واستنكرت جمعية القضاة التونسيين، مساء الخميس، تصعيد السلطة التنفيذية تجاه القضاة ورفع الحصانة عن رئيسها أنس الحمادي. ويأتي هذا الرد في ظل تأخر الحركة القضائية وتصريحات رئيس الجمهورية التي يرى البعض أنها تندرج في إطار مزيد من الضغط على القضاة.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد استقبل، الأربعاء، وزيرة العدل ليلى جفال، وتم النظر في سير المرفق العمومي للعدالة، وخاصة الحركة المتعلقة بالقضاة.
وقال بيان للرئاسة إن “المرسوم يمنحه حقّ الاعتراض وإعادة الحركة إلى المجلس الأعلى للقضاء بناء على التقارير التي تُبرّر هذا الاعتراض، وهي تقارير تقوم على أدلة واضحة لا على قرائن مفترضة”، وهو ما فُهم منه أنه رفض لحركة النقَل وإعادة القضاة إلى مواقعهم.
فيما أكد المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين في بيانه أن صدور قرار رفع الحصانة ضد رئيس جمعية القضاة التونسيين بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول، من قبل المجلس الأعلى للقضاء المؤقت، يُعتبر تطوراً تصعيدياً، ويأتي ضمن سلسلة من ممارسات الضغط التي شرعت فيها وزيرة العدل بواسطة التفقدية العامة ضد رئيس جمعية القضاة التونسيين، وانتهت بإحالة ملف رفع الحصانة على عجل خلال العطلة القضائية.
كما ويذكر البيان أن رفع الحصانة جاء على خلفية نشاط نقابي، في خضم تحركات القضاة وتعليق العمل بالمحاكم وإضراب الجوع تصدياً لقرارات إعفاء 57 قاضياً بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 516 الصادر في مطلع يونيو/حزيران، وجاء القرار من دون كفالة حق الدفاع والمواجهة ومن دون ملفات مؤسسة ومثبتة.
وأوضحت الجمعية أن “هذا التحريك للإجراءات التأديبية والجزائية ضد رئيس الجمعية يأتي على أثر إنصاف الأغلبية من القضاة المعفيين من المحكمة الإدارية بقبول مطالب توقيف التنفيذ في حق 49 قاضيًا وقاضية، من بين 57 قاضيًا، بناء على ما ثبت للمحكمة الإدارية من كون قرارات الإعفاء لا تستند إلى أي وقائع ثابتة، ولعدم وجود تتبعات وأحكام جزائية ضد القضاة المعنيين بها، ولعدم مراعاتها لحقوق الدفاع بما يؤكّد شرعية ومشروعية التحركات التي خاضها القضاة وعدالة القضية التي تثار على خلفيتها التتبعات ضد رئيس الجمعية”.
وقال رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “كافة القضاة يتعرضون إلى ضغوطات خلال هذه الفترة من قبل وزارة العدل، إذ يجرى استدعائهم للتفقدية بسبب الإضراب الشرعي أو بسبب مواقفهم تجاه مبادئ استقلالية القضاء”، مشيراً إلى أنه “يُنكّل بالقضاة من خلال رفع الحصانة عن رئيس جمعية القضاة التونسيين”.
فيما أشار إلى أن “هذا الإجراء كان على ضوء نشاط رئيس الجمعية النقابي، وبدعوى أنه اقتحم جلسة وقام بإخراج رئيس الدائرة، إلا أن رئيس الدائرة أنكر كل هذه الادعاءات”.
وأضاف المسعودي أن “رفع الحصانة ليس قراراً نهائياً وهو قابل للطعن من قبل المحكمة الإدارية، خاصة أنه قرار غير وجيه وكيدي وظالم”.
وبين المتحدث أن “هذه التجاوزات تُطاول جميع المحاكم، لبث الرعب في صفوف القضاة بهدف تمرير سياسة معينة من السلطة التنفيذية”، كما أن “هذا الوضع سيولد النقمة لدى القضاة ويعطي نتائج عكسية”، داعياً إلى مزيد من “التضامن في صفوف القضاة من أجل كسر كل هذه الحملات الممنهجة”.
وحول لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة العدل والحركة القضائية، قال المتحدث إنه “من خلال البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية في صفحتها الرسمية، فإن هناك تأكيداً لبعض الإشاعات المتداولة وهي أن رئيس الجمهورية رفض الحركة القضائية بغاية إدماج القضاة المعفيين، وهو أيضاً تأكيد لما يُتداول من أن قرار الإعفاء الأول تم على ضوء تقارير أمنية استخباراتية، وعملية تنصت على القضاة”.
وأوضح أنه “بحسب ما يُتداول، فإن الرئيس سيعدّل الحركة بحسب التقارير المقدمة”، كما أن “الاعتماد على هذه التقارير غير قانوني، ومن شأنه أن يمس من استقلال القضاء، وتدخل رئيس الجمهورية في الحركة وتعديلها وفق ما يريده وعلى ضوء تقارير مجهولة المصدر، هو ظاهرة غير سليمة”.
وأفاد بأنه “يبدو أن الحركة القضائية تم تقسيمها إلى أقسام، وسيتم تعديل بعض المسائل، وهو أمر غير مقبول وسيتم التصدي له”.
العربي الجديد