لا يزال زعيم الطائفة اليهودية في فرنسا، الحاخام حاييم كورسيه، يأمل في زيارة الجزائر يوما ما، بعد فشل محاولته الأولى التي كانت في شهر أوت من السنة المنصرمة، عندما حاول التسلل إليها، ضمن الوفد الذي كان يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
حاييم كورسيه يرفع اليوم لواء إعادة تأهيل المقابر اليهودية في الجزائر، التي يقول إنها في حالة سيئة، وهي مقابر تعرف في الجزائر بالمقابر المسيحية (الفرنسية) وتعكف على صيانتها الكنيسة الكاثوليكية بالتعاون مع كل من السفارة الفرنسية والسلطات الجزائرية، وهو المنفذ الذي يحاول من خلاله تكرار محاولة زيارته للجزائر، التي يبدو أنها مستعصية بالنسبة إليه، بالنظر لمواقفه الداعمة للكيان الصهيوني.
وقبل أيام التقى الحاخام كورسيه بوزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا خصص لهذا الملف، وجاء في تغريدة للوزيرة الفرنسية على حسابها في “تويتر”، أن هذا اللقاء تم خلاله “تبادل أطراف الحديث حول معاداة السامية، وكذا ما تعلق بوضعية قبور الأشخاص الذين كانوا يدينون بالديانة اليهودية، والمدفونين في المقابر الفرنسية في الجزائر”.
وفي تصريحات للنسخة الفرنسية من قناة “إسرائيل 24″، قال زعيم الطائفة اليهودية في فرنسا: “كانت هناك خطة كبيرة لإعادة تهيئة المقابر الفرنسية في الجزائر. تمت تهيئة المقابر المسيحية، وبعض المقابر اليهودية ولكن ليس كلها”.
وأوضح أنه خلال رحلة الرئيس ماكرون في أوت الماضي، والتي لم أتمكن من حضورها بسبب إصابتي بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، كنت قد طلبت من الرئيس الحفاظ على زيارته إلى مقبرة سانتوجان اليهودية في الجزائر العاصمة، وقد وقف الوفد على الحالة المزرية للمقبرة”.
ولإعطاء دفعة لمشروعه، أشار الحاخام الفرنسي إلى ما قال إنه اتفاق بين الرئيس الفرنسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، خلال زيارة الأول للجزائر في صائفة 2022، من أجل تأهيل القبور اليهودية، واستغل الفرصة ليطالب وزيرة الخارجية الفرنسية بغلاف مالي من أجل صيانة المقابر، وذلك بالتنسيق مع الجمعيات التي تريد المساعدة على صيانة القبور المتدهورة، والتي قال إنها موزعة على نحو 314 فضاء مخصص لدفن اليهود.
وكان الحاخام حاييم كورسيه، قاب قوسين أو أدنى من زيارة الجزائر ضمن وفد ماكرون ما بين 25 و27 أوت من السنة المنصرمة، قبل أن يجهض حلمه ويسقط اسمه من البعثة الرسمية الفرنسية في آخر لحظة، بعد ثبوت إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وهو الكابوس الذي لا يزال لم يصدق حدوثه، بل إنه يلمح إلى التشكيك في صدقية تلك التحاليل.
وقد عبر عن ضياع الحالم بقوله في تصريحات سابقة له: “أجريت الاختبار، لأنه كان يجب إجراءه في بروتوكول السفر (زيارة الجزائر) ولم أعتقد حتى أنني كنت مصابا بالفيروس، لأنني لم أكن أعاني من أي أعراض.. في النهاية، أدركت أنني يجب أن ألتزم بالقواعد المتعارف عليها”. كما قال إنه أدرك أن: “هناك الكثير من الأشخاص الذين يحلمون بالذهاب إلى قبور الأجداد، إنه شيء يجب القيام به، لا يمكنني الذهاب إلى هناك الآن، لكنني آمل أن أذهب إلى هناك يومًا ما”.
ويعتبر حاييم كورسيه من المدافعين عن نظام الكيان الصهيوني الذي تقوم عقيدته على انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، وسلب ممتلكاته، وهو ما يجعله يتقاطع مع المغني الفرنسي الصهيوني ذي الأصول الجزائرية، أنريكو ماسياس، الذي لا يزال يحلم بزيارة الجزائر من دون أن يتمكن من ذلك، عكس المغني الآخر من بني جلدته، جاك برال، الذي تمكن مؤخرا من زيارة مسقط رأسه في تلمسان، الذي يختلف مع الحاخام كورسيه وماسياس في دعم جرائم الجيش الصهيوني في فلسطين.
يشار إلى أن قناة صهيونية كانت قد استضافت إلى جانب الحاخام كرسيه، إثنين من الفرنسيين يدينون بالديانة اليهودية، قالا إن لديهما أقارب مدفونين في كل من قسنطينة وعين تيموشنت، غير أن جواز سفرهما الإسرائيلي، يحول دون تمكنهم من زيارة الجزائر، كما قالت إحداهما.
الشروق