أثرت زيارة الحج اليهودية إلى جزيرة جربة في تونس على برودي سعدة لدرجة أنه تعهد بتكرارها مع بعض الأقرباء والأصدقاء.
لذلك، عاد سعدة، وهو صحفي يهودي فرنسي يعيش في باريس وزار جربة لأول مرة العام الماضي، هذا الأسبوع إلى الجزيرة وكنيس الغريبة فيها مع والديه المولودين في تونس.
ولكن اتخذت عودته منعطفا آخرا: ليل الثلاثاء، بعد دقائق من مغادرة سعدة للكنيس، قتل مسلح اثنين من المصلين ورجلي أمن وأصاب آخرين في أكبر هجوم على معلم يهودي في تونس منذ أكثر من 20 عاما.
أثرت زيارة الحج اليهودية إلى جزيرة جربة في تونس على برودي سعدة لدرجة أنه تعهد بتكرارها مع بعض الأقرباء والأصدقاء.
لذلك، عاد سعدة، وهو صحفي يهودي فرنسي يعيش في باريس وزار جربة لأول مرة العام الماضي، هذا الأسبوع إلى الجزيرة وكنيس الغريبة فيها مع والديه المولودين في تونس.
ولكن اتخذت عودته منعطفا آخرا: ليل الثلاثاء، بعد دقائق من مغادرة سعدة للكنيس، قتل مسلح اثنين من المصلين ورجلي أمن وأصاب آخرين في أكبر هجوم على معلم يهودي في تونس منذ أكثر من 20 عاما.
أدى الهجوم، الذي لم تُعرف تفاصيله بالكامل ولكنه حدث على الرغم من الترتيبات الأمنية المشددة، إلى صدمة وفزع بين أعضاء المجتمع المتنامي من الحجاج إلى الغريبة، أقدم كنيس يهودي لا يزال يعمل في إفريقيا، وأكبر دائرة لليهود التونسيين. كما أنه يمثل نكسة كبيرة لمنظمي رحلات الحج وداعميها، التي تُعتبر مثالا نادرا على بقاء القرابة اليهودية العربية في بلد عربي.
قال سعدة لـ”تايمز أوف إسرائيل” يوم الأربعاء: “تردد دوي إطلاق النار بعد دقائق من مغادرتي أنا ومعظم اليهود الأجانب الكنيس إلى فنادقهم”. بعد التأكد من سلامة والديه، اللذين عادا بالفعل إلى فندقهما، عاد سعدة في اتجاه الكنيس لتقديم تقرير عن الوضع لراديو RCJ، وهي محطة إذاعية فرنسية يهودية مقرها في باريس.
كان معظم السائحين قد غادروا بالفعل الكنيس اليهودي، الذي يستقبل حوالي 8000 زائر سنويا في عيد “لاغ بعومر”، عندما أطلق مهاجم واحد على الأقل النار وقتل أفيئل وبنيامين حداد، وهما أبناء عمومة أقاما في إسرائيل وفرنسا تباعا، بالإضافة إلى رجل أمن واحد على الأقل، حسبما قال سعدة. وتوفي رجل أمن الأربعاء متأثرا بجراح أصيب بها في تبادل إطلاق النار مع الجاني، وفق ما أفادت وكالة “رويترز”.
وقال سعدة إن “المصلين الذين بقوا حول المعبد عند وقوع الهجوم كانوا على وجه الحصر تقريبا من الجالية اليهودية المحلية المكونة من عدة مئات من الأشخاص، والذين هم من بين عدد قليل فقط من الجاليات اليهودية الموجودة في العالم العربي”.
وقال سعدة (41 عاما)، الذي يرأس قسم الأخبار في راديو RCJ: “تحولت العادة الفولكلورية الملونة المليئة بالأمل والفرح إلى مأساة. إنها نكسة كبيرة للحج، الذي يُعتبر مصدر فخر للسلطات وعلاقة مهمة ونادرة تربط اليهود التونسيين وأحفادهم من جميع أنحاء العالم ببلدهم الأصلي”.
يسافر اليهود، من أصول تونسية بمعظمهم، إلى جربة على مدار العام ولكن بشكل خاص في “لاغ بعومر”، الذي احتُفل فيه هذا العام في 9 مايو؛ الآلاف من اليهود يتجمعون في الجزيرة الجنوبية، التي اعتادت أن تضم الآلاف من اليهود ولا يزال فيه حتى يومنا هذا عدد آخذ بالتضاؤل من السكان اليهود الذين يبلغ عددهم نحو 1000 نسمة.
وبشكل استثنائي، يتم إصدار تأشيرات دخول للإسرائيليين في “لاغ بعومر” على الرغم من أن تونس وإسرائيل لا تقيمان علاقات دبلوماسية؛ انهارت هذه العلاقات خلال الانتفاضة الثانية بعد أقل من عقد من إنشائها في أعقاب اتفاق أوسلو عام 1994.
تحافظ سلطات الدولة ذات الغالبية المسلمة – حيث استهدف مسلح بالفعل كنيس الغريبة في عام 2002، مما أسفر عن مقتل 19 شخصا – على وجود قوي لقوات الأمن في جربة.
وقال سعدة: “كان حجم وانتشار القوات الأمنية حتى قبل الهجوم لافتا للنظر. عكس ذلك مستوى الأهمية الذي توليه السلطات للحج، مما يعني مصدرا ضخما للدخل لجزيرة ذات مصادر دخل قليلة أو معدومة باستثناء السياحة”. من الناحية العملية، “نحن نتحدث عن شرطي عند كل زاوية شارع”، على حد قوله.
لكن حتى ذلك ترك السلطات والحجاج عرضة لهجوم الثلاثاء، الذي بدا، جزئيا على الأقل، أنه كان عملا داخليا: رجل وصفته وزارة الداخلية التونسية في بيان بأنه مساعد في المركز البحري للحرس الوطني التونسي في جربة الذي فتح النار وقتل شرطيا، وأخذ ذخيرة الشرطي وأطلق النار على المصلين قبل أن يُقتل بنفسه بنيران رجال أمن آخرين. وأصيب ستة من عناصر الشرطة على الأقل في تبادل إطلاق النار.
وقال آفي حانا،وهو يهودي فرنسي-إسرائيلي وُلد في تونس وزار الغريبة آخر مرة خلال فترة الحج قبل عدة سنوات إن حقيقة أن الهجوم حدث على الرغم من الترتيبات الأمنية “يوحي بانطباع قدر محتوم”، مضيفا “أعتقد أنها ضربة قاتلة، على الأقل في المستقبل المنظور، لتقليد جميل وللحج، وهذا يسبب ألما محسوسا، ويوجه ضربة قاتلة للحج”.
وقالت الدكتورة ميريام غيز-أفيغال، رئيسة الاتحاد العالمي ليهود تونس في إسرائيل، إنها تشعر بـ”ألم شديد”. لكن غيز-أفيغال، التي ولدت في إسرائيل وزارت جربة 17 مرة على الأقل، لم تتفاجأ تماما بالهجوم.
وقالت: “في الآونة الأخيرة، شعرت بالتوتر، مما جعلني أقرر عدم تنظيم وفد رسمي من قبل الاتحاد في العام الماضي وهذا العام. أنا شخصيا لا أخشى الذهاب إلى تونس، حيث يرحب السكان إلى حد كبير باليهود وهم يدعمون اليهود وحتى إسرائيل. لكن الوفد والحج هما هدفان أكبر لهامش راديكالي صغير ولكنه متزايد”. توقفت مجموعتها عن تنظيم الوفود إلى الغريبة بعد الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19 في عام 2020.
وصفت غيز-أفيغال التوتر بأنه خفي. “أصدقاء ومعارف لا يردون على الرسائل ولا ينشرون مشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي كما اعتادوا. إنه ليس شيئا يخبرونك به بشكل مباشر ولكن تشعر مع عدة أشخاص بوجود توتر في العلاقة، وهو الخوف”، كما تقول.
وفي السنوات الأخيرة – وسط الاضطرابات السياسية الداخلية التي أعقبت ثورة 2011 التي أشعلت “الربيع العربي” وأدت إلى صعود حزب إسلامي وسقوطه لاحقا – أصبح التطبيع مع إسرائيل، والذي يرى الكثيرون أنه ينعكس في وجود الإسرائيليين في جربة، نقط جذب لانتقادات من المتشددين.
سعت السلطات في عهد الرئيس قيس سعيد إلى فصل الحج، الذي وصفه المسؤولون التونسيون بأنه يتعلق بعنصر من التراث المحلي، عن المناقشات حول إسرائيل وموقف تونس من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
سعدة أفاد أيضا بشعور بالقلق قبل الهجوم وقال “كانت الشرطة متوترة، والأجواء كانت متوترة، ولسبب وجيه: على ما يبدو تم العثور على ثغرة في الدرع”.
مارتين كوهين، وهي سيدة فرنسية تونسية المولد تبلغ من العمر 70 عاما وتقيم في باريس، ردت بغضب على الأخبار بشأن الهجوم – ليس فقط تجاه المجتمع التونسي، الذي قالت إنه “مصاب بشكل ميؤوس منه بمعاداة السامية”، ولكن أيضا تجاه اليهود الذين يذهبون إلى هناك بأعداد كبيرة.
قالت كوهين، التي غادرت تونس عندما كانت طفلة مع أسرتها بعد حرب “الأيام الستة” في عام 1967، في خضم ما وصفه العديد من المهاجرين اليهود بأنه جو من المشاعر المعادية لليهود التي أدت إلى العديد من أعمال الشغب اللا سامية، “لا أفهم جنون الحج في تونس… هذا الحنين إلى تونس القديمة الجيدة لا يمكن أن يشاركه إلا أولئك الذين لا يعرفون المكان أو نسوا. إذا كانت للمأساة، التي تحزنني كثيرا، جانب مضيء، فهو ربما توقف الحج الذي يعرض الكثير من الناس للخطر بلا داع”.
وقال الحاخام بنحاس غولدشميت، رئيس مؤتمر الحاخامات الأوروبيين، الذي زار جربة مع قيادة منظمته في عام 2018، إنه وسط الحزن على ضحايا الهجوم، “نعرب عن امتناننا وتقديرنا للأجهزة الأمنية التي لولا تدخلها لكانت هذه المأساة ستكون أكبر”.
وأضاف غولدشميت: “يجب على العالم أن يتحد ويدين بشدة هجوما جبانا آخر على اليهود خلال العبادة”.