كشفت آخر إحصائيات 2022 الصادرة عن منظمة الفرانكوفونية، عن أرقام صادمة تتعلق باستعمال اللغة الفرنسية في الجزائر مقارنة بجيرانها في المغرب العربي، إذ تعتبر أقل احتضانا للغة الفرنسية مقارنة بكل من تونس والمغرب، وذلك بالرغم من الاعتبارات التاريخية، التي يفترض أن تلعب لصالح استمرار سيطرة لغة فولتير على المشهد اللساني في الجزائر.
وفي عملية إحصائية للمنظمة، تبين أن تأثير اللغة الفرنسية في الجزائر أقل مقارنة بجيرانها، وأكدت الإحصائية أن أكثر من نصف التونسيين يتحدثون اللغة الفرنسية، وبالضبط 52 بالمائة، أي ما يعادل ستة ملايين و321 ألف، من مجموع السكان.
أما الدولة المغاربية الأكثر تأثرا باللغة الفرنسية بعد تونس، فهي المملكة المغربية، بواقعة 36 بالمائة من مجموع الشعب المغربي، أي ما يعادل 13 مليونا و454 ألف نسمة من مجموع 37.7 مليون نسمة، ثم الجزائر بواقع 33 بالمائة أو ما يعادل 14 مليونا و904 ألف نسمة، من مجموع عدد السكان البالغ 45.3 مليون نسمة.
وفي المرتبة الرابعة، تأتي موريتانيا بما يعادل 13 بالمائة من سكان هذا البلد، أي ما يعادل 656 ألف شخص يتحدث الفرنسية، من مجموع 4.9 مليون نسمة، يشكلون التعداد السكاني لهذه الدولة الواقعة في الخاصرة الغربية لمنطقة المغرب العربي.
ولا تعتبر الجزائر عضوا في منظمة الفرانكوفونية التي تضم 89 دولة، على عكس كل من جيرانها في المغرب العربي، تونس والمغرب وموريتانيا، ومع ذلك فهي تشارك في قمم الفرانكوفونية كضيف خاص، الأمر الذي لم يعجب الكثير من الفرنسيين.
وقبل أيام، أثار الكشف عن ورقة نقدية جزائرية بقيمة 2000 دينار، تضمنت عبارة باللغة الإنجليزية، نقاشا سياسيا وإعلاميا في فرنسا، تأسف على استمرار تراجع اللغة الفرنسية في المشهد الجزائري مقابل تقدم اللغة الإنجليزية التي أصبحت تدرس في الطور الابتدائي، وفهم البعض ذلك على أنه وخزة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي بالكاد تمكن من إعادة العلاقات الثنائية مع الجزائر على الاستقرار بعد أشهر طويلة من أزمة كبيرة.
وتنسجم هذه الأرقام مع التصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال لقاء له مع السفراء الشباب للفرنكوفونية في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس، مساء السبت، على هامش الدورة الثامنة عشرة لقمة الفرنكوفونية، وفق مقطع مصور بثته الرئاسة الفرنسية.
وأوضح الرئيس الفرنسي أن استعمال اللغة الفرنسية في تراجع مستمر في دول المغرب العربي، مقارنة بوضعها قبل 20 أو 30 عاما، ورافع ماكرون من أجل تركيز الجهود على أمل استعادة مكانة لغة المستعمر السابقة في المنطقة المغاربية.
وخلال رده على سؤال حول وضع اللغة الفرنسية في مستعمراتها السابقة، اعترف ماكرون بأن “اللغة الفرنسية تتمدد ديمغرافيا في بعض البلدان الفرنكوفونية، ولكن يجب أن نكون واضحين أن هناك تراجعا حقيقيا للغة الفرنسية في دول المغرب العربي”.
أما عن الأسباب التي أدت إلى تقهقر اللغة الفرنسية في مناطق نفوذها، ولا سيما في المنطقة المغاربية، فقدر الرئيس الفرنسي بأن لذلك علاقة ببعض الأسباب السياسية، من بينها رغبة بعض الدول في التوجه إلى لغات أخرى، فضلا عن “وجود لغة إنجليزية سهلة الاستعمال”.
وتحدث الرئيس الفرنسي عما سماه برنامج “استرداد لمكانة اللغة الفرنسية”، واقترح تعزيز برامج التعليم والثقافة والرياضة وشبكة تعليم الفرنسية في العالم، كما قدر بأن “التحدي الحقيقي أمام الفرنكوفونية هو تعزيز استخدام اللغة الفرنسية خصوصا في قارة أفريقيا، حيث تُستخدم على نطاق واسع”.
الشروق