تحرص الجزائر على متابعة التطوّرات الخطيرة التي يشهدها قطاع غزة جراء القصف الهمجي المتواصل ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، حيث عبرت عن انشغالها العميق على المستويين الرسمي والشعبي لما يحدث في الأراضي المحتلة، من خلال إدانة الممارسات العنصرية والمتطرفة التي يعتمدها الكيان الصهيوني الذي يصر على مواصلة حملات التهويد وطمس الهوية العربية لبيت المقدس.
ويتجلى رد الفعل الرسمي للجزائر عبر دعوتها خلال الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أول أمس، لبحث التحرك العربي في مواجهة جرائم الاحتلال في فلسطين، مشيرة إلى أن حملات التهويد وطمس الهوية العربية لبيت المقدس تمثل جوهر سياسة الاحتلال المقيتة، التي يتم تنفيذها على مرأى ومسمع الجميع في ظل غياب صارخ للمساءلة الدولية.وكانت دعوة رئيس الدبلوماسية صبري بوقدوم صريحة، مؤخرا، عندما شدّد على ضرورة تكثيف الجهود لحمل المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته التاريخية والقانونية والأخلاقية في حماية الشعب الفلسطيني وضمان احترام قواعد القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني وقانون الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، تفاديا لتأزيم الأوضاع في منطقة مثقلة بالنزاعات والصراعات.وهو الموقف الذي تقاسمته التشكيلات الوطنية الممثلة في الأحزاب والجمعيات والنقابات التي تفاعلت مع التطوّرات الخطيرة، حيث ما انفكت تطلق حملة تضامن ودعم للقدس والشعب الفلسطيني، تحت شعار “القدس يدا بيد“، في رد على محاولات التهجير والانتهاكات المتواصلة للاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، خصوصا في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.
ويعكس هذا الموقف، المبادئ الثابتة للجزائر التي يزخر تاريخها بمسار ثري ومشرف في دعم قضية فلسطين، وهو موقف يستكمل موقف رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي سبق لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وأن أعلن عن موقفه بهذا الخصوص بصراحة وجرأة كبيرتين، عندما قال إن الجزائر لن تبارك ولن تشارك في ما سماه “الهرولة نحو التطبيع في رده على توقيع بعض الدول العربية على اتفاقيتي تطبيع مع الكيان الصهيوني خلال الأشهر الماضية، موازاة مع حرصه على عدم التدخل في شؤونها الداخلية. وحسم الرئيس تبون الأمر عندما جدّد تأكيد الموقف الثابت للجزائر إزاء القضية الفلسطينية التي وصفها بـ“القضية المقدسة“ و“ام القضايا للشعب الجزائري، وأن أي مساس بها يعد مساسا بقناعاته، وذلك في الوقت الذي أكد فيه بأن حلها لن يكون إلا من خلال قيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف وأن “مفتاح الشرق الأوسط هو حل القضية الفلسطينية“. وهو الموقف الذي عبر عنه جهارا أمام المحفل الاممي بمناسبة انعقاد الدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أكد رئيس الجمهورية، أن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة عاصمتها القدس غير قابل للمساومة.
وحظي موقف الرئيس تبون بالإشادة من قبل الفلسطينيين الذين أكدوا أن هذا الموقف يعبر عن أصالة الموقف الجزائري تجاه قضيتهم العادلة، حيث جدد سفير دولة فلسطين بالجزائر أمين مقبول مؤخرا تثمينه لموقف الجزائر المتواصل والداعم للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن ذلك يزيد الشعب الفلسطيني إيمانا وعزما على مواصلة النضال. وكانت لتصريحات رئيس الجمهورية الشجاعة بخصوص مسالة رفض التطبيع إثر كبير على الفلسطينيين، حيث تجلى ذلك في تكريمه من قبل مؤسسة سيدة الأرض الفلسطينية بصفته شخصية عام 2020، عبر غرس شجرة زيتون في أعلى منطقة بمدينة القدس بجبل الزيتون باسمه، معتبرة مواقفه بـ“مثابة ضوء ينير الوجدان الفلسطيني والعربي“.