قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن تونس شهدت تآكلا مقلقا للمعايير الديمقراطية على مدار العام الماضي، وإن عددا من المكاسب التي حققها الشعب التونسي منذ عام 2011 تم التراجع عنها، في حين أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن مقاطعة 75% على الأقل من المسجلين في الاستفتاء على الدستور تعني سقوطه رسميا.
وقال بلينكن إن بلاده تشاطر العديد من التونسيين مخاوفهم من أن عملية صياغة الدستور الجديد حدت من نطاق النقاش الحقيقي، مشددا على أن بلاده تدعم بقوة الديمقراطية في تونس وتطلعات الشعب التونسي نحو مستقبل آمن ومزدهر.
وأشار بلينكن -في بيان- إلى أن استفتاء 25 يوليو/تموز الجاري شهد انخفاضاً مشاركة الناخبين.
وأضاف أن تعليق الحكم الدستوري وتوطيد السلطة التنفيذية وإضعاف المؤسسات المستقلة كل ذلك أدى إلى إثارة تساؤلات عميقة حول المسار الديمقراطي لتونس.
ودعا بلينكن إلى إجراء عملية إصلاح شاملة وشفافة لاستعادة ثقة ملايين التونسيين الذين لم يشاركوا في الاستفتاء أو عارضوا الدستور الجديد.
وأكد دعم بلاده للتونسيين من أجل تشكيل حكومة ديمقراطية وخاضعة للمساءلة.
سقوط مشروع الدستور
من جهته، قال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي إن مقاطعة 75% من التونسيين الاستفتاء تعبر عن رفض الشعب التونسي هذا المشروع الذي أعطى فيه الرئيس قيس سعيد لنفسه صلاحيات فرعونية، وفق تعبيره.
وأضاف الغنوشي -في بيان- أن الانقلاب ومؤيديه ماضون في طريق إغراق البلاد في الاستبداد السياسي والإفلاس.
وأكد البيان أن تعنت سعيد وتماديه في ما وصفه البيان بالمشروع الاستبدادي يزيدان تعميق أزمة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعزلتها الدولية.
وفي السياق ذاته، أقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس رئيس ديوان الهيئة على خلفية ما اعتبرتها أخطاء تسربت إلى جدول الأصوات المحتسبة في عملية الاقتراع على الاستفتاء، حسب ما أكد ماهر الجديد نائب رئيس الهيئة في اتصال مع الجزيرة.
وكانت قوى معارضة وهيئات مدنية شككت في نسب وأرقام منشورة على صفحة الهيئة، قبل سحبها، واعتبرتها دليلا على غياب شفافية المسار الانتخابي، وشددت على أن الهيئة المعينة من قبل الرئيس قيس سعيد غير مستقلة، على حد تعبير هذه الهيئات.
يذكر أن منظمة “أنا يقظ” طالبت بإعادة فرز الأصوات من قبل منظمات مستقلة وتحت إشراف قضائي من محكمة المحاسبات.
وبالمقابل، قال الناطق باسم هيئة الانتخابات التونسية للجزيرة مباشر إن الإجراءات القانونية سليمة وليس هناك تضارب في أرقام التصويت، ونفى وجود خلل في نتائج الاستفتاء، ولكنه أكد وجود خلل في “إجراء إداري جانبي”.
وكانت هيئة الانتخابات في تونس قد واجهت سيلا جارفا من الانتقادات والاتهامات بتزوير نسب المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور، في حين أكدت الهيئة أن النتائج التي أعلنتها صحيحة، وأن نتائجها الأولية قابلة للطعن أمام القضاء.
وقد نشرت الهيئة مساء أول أمس الثلاثاء نتائج أولية للاستفتاء، قبل أن تقوم صباح الأربعاء بحذفها ونشر نتائج أخرى تتضمن تغييرا كبيرا في الأرقام المعلنة بالنسبة لأغلب الدوائر الانتخابية (25 دائرة من أصل 33).
ونتيجة لذلك تفجر جدل واسع النطاق على شبكات التواصل بعدما تم اكتشاف هذا التضارب في الأرقام التي أعلنتها هيئة الانتخابات أول أمس وبين الأرقام التي نشرتها صباح أمس الأربعاء.
في المقابل، أكدت هيئة الانتخابات أن عملية تجميع النتائج الخاصة باستفتاء 2022 تمت طبقا للقانون، لكنها أقرت في الوقت ذاته بتسرب خطأ مادي بإلحاق جدول غير معين من المشاركين في الاستفتاء ضمن ملحقات قرار النتائج المعلنة عنها.
وأكدت هيئة الانتخابات -في بيان لها اليوم الخميس- أن النتائج التي أعلنتها “صحيحة ولا تشوبها أي أخطاء، وأنها نشرت جميع التفاصيل التي تم عرضها بالمركز الإعلامي للهيئة (بقصر المؤتمرات في العاصمة) مباشرة بعد الانتهاء من الإعلان عن النتائج الأولية”.
وبلغت نسبة الناخبين الذين صوتوا على مشروع الدستور في 25 يوليو/تموز الجاري 30.5% من جسم انتخابي يقدر بأكثر من 9 ملايين، وبلغت نسبة الناخبين الذين صوتوا بنعم 94.60% مقابل 5.40% صوتوا بلا، وفق هيئة الانتخابات.
وشارك في عملية التصويت على مشروع الدستور أكثر من مليونين و830 ألف ناخب، فيما قاطع أكثر من 6 ملايين و400 ألف ناخب لاعتبارات مختلفة.