عوامل ضاغطة لتحقيق الوحدة السياسية الائتلافية بين الفصائل الفلسطينية في إطار منظمة التحرير، وبرنامجها ومؤسساتها العاملة : المجلس الوطني، المجلس المركزي، اللجنة التنفيذية، بما يشمل حكومتي «الحكم الذاتي» في رام الله وغزة.
ومقابل ذلك عوامل طاردة تعمل على بقاء الاستئثار الحزبي الأحادي المنفرد، واستمرار الانقسام بين فتح وحماس، بين الضفة والقطاع، وبينهما وبين القدس.
عوامل الانقسام والاستئثار قوية متمكنة لسببين جوهريين:
أولهما الأنانية، ضيق الأفق، المصالح الذاتية، والمكاسب الشخصية التي تحققت لبعض قيادتي فتح في الضفة وحماس في القطاع، فراكموا الامتيازات والثروات والنفوذ، مما يدفع هؤلاء في الضفة، وأولئك في القطاع، لإيجاد كل الأسباب والمبررات والذرائع لتحول دون إنهاء نفوذهم ومكاسبهم وامتيازاتهم.
ثانيهما طرف ثالث يُغذي الانقسام والاستئثار، وفي طليعة هؤلاء المستعمرة الإسرائيلية كما قال نتنياهو في مؤتمر الليكود رداً على منتقديه، أنه يسمح بتمرير المال من الخارج إلى غزة، وهو بذلك يعمل على بقاء حماس وسيطرتها على قطاع غزة فكان رده: «إنني أسمح بتمرير المال إلى حماس من أجل أن تبقى منفردة في غزة حتى نتمكن نحن من البقاء في يهودا والسامرة»، أي أنه يدعم سلطة حماس «المقاومة» في القطاع، من أجل الحفاظ مؤقتاً على سلطة ضعيفة لدى الضفة الفلسطينية، وإضعافها أكثر وصولاً إلى استكمال البرنامج الإسرائيلي التدريجي عبر:
1- أسرلة وعبرنة وتهويد القدس كعاصمة موحدة للمستعمرة.
2- تحويل الضفة الفلسطينية إلى يهودا والسامرة، كجزء من خارطة المستعمرة، عبر زيادة الاستيطان والمستوطنين التراكمي، وتقليص الوجود الفلسطيني، وإلغاء تدريجي للسلطة الفلسطينية ومظاهرها في إدارة الحكم الذاتي.
الذين تطاولوا على الجزائر، أو حاولوا التشكيك بدوافعها، إما أنهم لا يعرفون الوقائع والتاريخ، أو يعملون لصالح أطرافاً أخرى، لا تستجيب دوافعها مع المصالح الوطنية الفلسطينية.
الجزائر أول بلد فتحت مكتبا لحركة فتح في منتصف الستينات وقدمتها لقوى التحرر في العالم، مثلما رافق الراحل ياسر عرفات للرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلى موسكو وقدمه للسوفيت، كما رافق خليل الوزير الرئيس الراحل أحمد بن بله إلى بكين وقدمه إلى الصينيين.
وحينما كان أبو عمار مطارداً من محاولات الاغتيال الإسرائيلية، قدم له الرئيس الراحل هواري بو مدين طائرته الرئاسية للوصول إلى نيويورك، وألقى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 1974.
وفي الإنقسام الفلسطيني بين صفوف منظمة التحرير في أواسط الثمانينات كان للجزائر وعدن الفضل في إعادة لملمة الوضع الفلسطيني، وعقد المجلس الوطني التوحيدي عام 1986 في الجزائر.
وفي 15/11/1988 أعلن أبو عمار الدولة الفلسطينية في المجلس الوطني، الذي عقد أيضاً في الجزائر.
الكرة في ملعب الفلسطينيين، فهل يستجيبوا مع مصالحهم الوطنية في إنهاء حالتي الاستئثار والانقسام، بعد أن وصل طرفا المعادلة فتح وحماس إلى طريق مسدود، كل منهما لبرنامجه، وفشلتا في تحقيق أي تطلعات وطنية جدية لشعبهما.
كما كان يقول أبو عمار ويصف الشعب الفلسطيني «أنه أكبر من قياداته»، ها هم شباب الأسود وكتائب نابلس وجنين أكبر من عزيمة المستفيدين المتسلطين المستأثرين لدى سلطتي رام الله وغزة.
بقلم: حمادة فراعنة
الدستور