تغيب الأرقام الرسمية المتعلقة بأعداد أبناء المهاجرين السريين في تونس. وتشير منظمات مدنية إلى صعوبة حصر أعداد أطفال المهاجرين في سن الدراسة بسبب التنقل المتواصل لهذه الفئة. ويعد أبناء اللاجئين وطالبي اللجوء أكثر حظاً في الحصول على التعليم، لكون إقامتهم في تونس قانونية. وتقول أندرا، وهي مهاجرة من ساحل الحاج قدمت إلى تونس منذ أكثر من 18 شهراً، إنها “لا تعرف ما إذا كان ابنها سيحصل على تعليم أم لا”، مشيرة إلى أنها لم تفكر في الأمر على الرغم من أن عمر ابنها هو خمس سنوات، وتوضح أن “الدراسة بالنسبة إليها ليست بأهمية النجاح في الهجرة نحو دولة أوروبية”، تضيف في حديثها لـ”العربي الجديد”، أن “التعليم بالنسبة للأطفال أمر مهم، إلا أن الاستقرار في بلد يضمن لهم عيشاً كريماً أهم”، وتؤكد أن “العديد من المهاجرين يحاولون إدماج أبنائهم في مدارس حكومية بعدما قرروا الاستقرار في تونس، إلا أنهم يواجهون صعوبات كبيرة، أبرزها أنهم لا يملكون هويات رسمية”، منتقدة “عدم اهتمام السلطات لأمر أطفالهم على عكس الدول الأوروبية”.
وتتحدث أندرا عن صعوبات كثيرة تعترض المهاجرين، منها التضييق على حق التنقل بين المحافظات، وضعف الرعاية الصحية لأطفالهم ومرضاهم، ما يجعل الحق في التعليم أمراً ثانوياً بالنسبة إليهم، وتشير إلى أن الأولوية بالنسبة للكثير من المهاجرات هو الحصول على عمل وسكن، بالتالي فإن الحق في تعليم أطفالهن مؤجل.
ويعدّ أطفال اللاجئين من الجنسيات الناطقة بالعربية أكثر حظاً في التعلم من تلك الناطقة بالفرنسية أو الإنكليزية، الذين لا تستطيع المدارس الحكومية استيعابهم، علماً أنها تدمج فعلياً المئات من أبناء اللاجئين سنوياً بالتنسيق مع وزارة التربية، في محاولة لتسهيل اندماجهم في المجتمع والحدّ من نسبة التسرب المدرسي، وخصوصاً الأشخاص الذين انقطعوا عن عائلاتهم بعدما غادروا أوطانهم بحثاً عن الأمان أو رغبة في حياة أفضل.
في الوقت الحالي، يقدر عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بنحو 9 آلاف، 22 في المائة منهم أطفال، منهم 669 أطفال تراوح أعمارهم ما بين 5 و10 سنوات. وتقول مصادر من بعثة منظمة الهجرة الدولية في تونس إنها زادت هذا العام عدد الأطفال المهاجرين الذين تتولى رعايتهم، والذين يصلون إلى تونس من دون مرافقة، إلى 431 طفلاً بعدما كان حوالي 90 خلال السنوات الماضية.
ويقول رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في تونس عزوز السامري إن البلاد تحتاج إلى مساعدة دولية وخطة حكومية تواكب الوضع الجديد للمهاجرين وتمكنهم اجتماعياً واقتصادياً، ويؤكد في تصريح سابق لـ”العربي الجديد”، أن المنظمة بصدد التنسيق مع السلطات التونسية من أجل في إنجاز أول مسح ميداني لحصر أعداد المهاجرين السريين على أرضها ومراكز توزعهم داخل البلاد بعد الارتفاع الكبير في نسبة المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء بالمقارنة مع السنوات الماضية.
وفي وقت سابق، حذّر التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لعام 2021 من مخاطر دولية تجعل الأطفال أكثر عرضة للاستغلال من قبل شبكات الاتجار بالبشر. وأشار التقرير إلى رصد 1100 عملية اتجار بالبشر خلال العام الماضي، نصف ضحاياها من النساء والأطفال الذين يتم استغلالهم خلال عملية الهجرة، ويدمجون في شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالأعضاء، بما يجعل من الطفل مشروع جريمة عابرة للقارات والدول. وأوصى التقرير بتعاون دولي أكبر لحماية أطفال المهاجرين من مخاطر الجرائم الإلكترونية وجرائم الاتجار بالبشر، مؤكداً أن جهود دولة واحدة لن تكون كافية لكبح الجريمة.