يحل هذا الإثنين، وفد من رجال الأعمال من “الميديف”، وهو أكبر تجمع لأرباب العمل والباترونا في فرنسا، بالعاصمة الجزائر، للقاء رجال أعمال جزائريين من تنظيمات مختلفة، وعقد مجلس أعمال بين رجال أعمال البلدين.
ويتضمن برنامج الزيارة التي ستدوم يومين فطور عمل مع الكنفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين برئاسة سامي عقلي، ولقاء آخر مساء بالغرفة الجزائرية الفرنسية للتجارة والصناعة، ثم عشاء عمل مع نقابة المجلس الوطني للتجديد الاقتصادي برئاسة كمال مولى، ليلتقي عددا من الوزراء في الحكومة الثلاثاء المقبل.
وبحسب ما علمته “الشروق” من مصادر مؤكدة، سيتم خلال اللقاءات التي يرتقب أن يحتضنها فندق “الأوراسي” مناقشة فرص الشراكة بين الجزائر وفرنسا للمرحلة المقبلة، والتي مرت بالعديد من المطبّات والمشاكل خلال الأشهر الأخيرة، عكست واقع التوتّر السياسي بين الطرفين.
وعادت العلاقات لتشهد نوعا من الدفء خلال الأيام الماضية، في أعقاب انتخاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعهدة ثانية، حيث تسرّبت أحاديث من الجهتين عن فتح صفحة جديدة بين الطرفين، وهو ما يندرج في صلب اللقاء المرتقب الأحد بالعاصمة الجزائرية، والذي سيفرج عن ورقة طريق لتحديد معالم وشروط الشراكة خلال المرحلة المقبلة، ودراسة ملف اللجنة رفيعة المستوى بين البلدين، والتي بقيت عالقة منذ بداية تفشي وباء كورونا.
وتمنح السوق الجزائرية اليوم فرصا ذهبية للاستثمار أمام المتعاملين الأجانب، عشية مناقشة قانون جديد يمنح عدة امتيازات جبائية وتسهيلات في الآجال وتخفيف الأعباء ومجابهة البيروقراطية عبر الرد على ملف المستثمر في أجل أقصاه شهر وإيداع الوثائق دفعة واحدة لدى الشباك الوحيد، دون الركض بين الإدارات والهيئات بحثا عن الرخص والتصاريح، والتي كانت أحد أسباب نفور المتعاملين الأجانب من السوق الجزائرية في الماضي.
ويأتي ذلك أيضا في سياق دولي يتسم باستحواذ الجزائر على أوراق هامة للضغط في مفاوضاتها مع المستثمرين الأجانب أهمها الغاز، في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار هذا المورد الطاقوي، حيث سيتسنى للجزائر اليوم العودة بقوة إلى فرض منطق المصلحة والبراغماتية في علاقاتها مع شركائها الاقتصاديين عبر إلزامهم بالاستثمار الجدي ونقل الخبرة والتكنولوجيا وخلق فرص العمل وجلب رؤوس الأموال.
ويعقب زيارة رجال أعمال من تنظيم “الميديف” الفرنسي إلى الجزائر عقد مجلس أعمال جزائري تركي بإسطنبول برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الأسبوع المنصرم في زيارة دولة قادته إلى تركيا بدعوة من الرئيس الطيب رجب أردوغان دامت 3 أيام، وأفرجت عن توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الطرفين، توحي بتمهيد الطريق لإبرام شراكات استراتيجية في الأفق وتمتين العلاقات الاقتصادية الجزائرية التركية.
كما يحضّر وفد من رجال الأعمال الأتراك لزيارة الجزائر قريبا لتنفيذ فحوى هذه المذكرات، في حين يستعد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لزيارة روما نهاية الشهر، مع الإعداد لعقد مجلس أعمال جزائري إيطالي شهر جويلية المقبل بالعاصمة الجزائر.
وتركّز الجزائر في ملف الاتفاقيات الاقتصادية مستقبلا على تنويع الأصدقاء والشركاء بناء على المصلحة وما يخدم الاقتصاد الوطني، بعيدا عن العقود التي اكتفت في الماضي بتحويل السوق الجزائرية إلى مجرد فضاء لتصريف فائض السلع الأوروبية دون أي قيمة مضافة، حيث تعتمد الشراكة مستقبلا على مبدأ الندية والمفاوضات الأفقية، دون منح الحصرية لأي شريك.
الشروق