يوما بعد يوم تزداد معاناة العشرات من المغاربة العالقين بدولة موريتانيا منذ صدور القرار الحكومي القاضي بتعليق الرحلات الجوية للمسافرين شهر نونبر الماضي.
وفيما يتفرق المغاربة العالقون بالديار الموريتانية بين نواكشوط ونواديبو، فإنهم يجتمعون على معاناة واحدة يمكن اختزالها في تردي الأوضاع المالية والصحية الناجمة عن استقرارهم مكرهين حوالي شهرين ببلاد “المليون شاعر”.
ومن أجل المطالبة بترحيلهم نحو المغرب، نفذ المواطنون الذين يتحدر أغلبهم من الأقاليم الجنوبية للمملكة، طيلة الأسابيع الماضية، العديد من الأشكال الاحتجاجية، على رأسها الاعتصام بسفارة وقنصلية المغرب بنواكشوط ونواديبو، والمبيت بالحدود المغربية الموريتانية عدة أيام، دون جدوى.
وضع مزرٍ
يقول رشيد صيكا، وهو فنان من مدينة كلميم عالق رفقة مجموعته الغنائية بدولة موريتانيا، إن “أوضاع العالقين بموريتانيا تتأزم يوما بعد يوم، ولا جديد يذكر بخصوص فتح الحدود أمامهم للرجوع نحو المغرب، خصوصا أن الجهات المسؤولة ما زالت تنهج سياسة الآذان الصماء حيال هذا الملف”.
وأضاف في تصريح لهسبريس “اعتصمنا بالحدود يومين كاملين بدون جدوى قبل أن نعود مجددا إلى قنصلية نواديبو، التي اعتصمنا فيها أسبوعا كاملا، وها نحن اليوم نقيم بأحد المنازل يجمعنا كعالقين وننتظر قرارا يرأف بنا ويمكننا من دخول الأراضي المغربية”.
وتابع صيكا قائلا: “وضعيتنا مزرية ماديا ونفسيا وصحيا، وأضحى البقاء على نفس الحالة لا يطاق، ومن أجل ذلك لم نعد نبني أمل تسهيل العودة سوى على الملك محمد السادس نصره الله”.
حالات مرضية
من بين العالقين العديد من الحالات المرضية التي تعاني الأمرين بسبب صعوبة الولوج الى التطبيب وارتفاع تكلفة الأدوية بدولة موريتانيا، خصوصا لدى مرضى السكري والضغط الدموي ومختلف الأمراض المزمنة، إضافة إلى حالة شخص مصاب بالتشمع الكبدي.
وفي هذا الصدد أكد ابن المصاب بالتشمع الكبدي والمتحدر من مدينة فاس، في تصريح لهسبريس، أن حياة والده صارت في خطر ويمكن فقدانه في أي لحظة، مشيرا إلى أنه حصل على توجيه طبي من إحدى المصحات بموريتانيا قصد نقل أبيه في أقرب وقت للاستشفاء بإحدى الدول التي تتوفر على إمكانيات لإجراء عمليات جراحية من هذا النوع.
“كنا قد ولجنا الأراضي الموريتانية قصد دخول المغرب عبر بوابتها بعدما كنا في رحلة استشفاء بتركيا. لكننا للأسف بقينا هنا أزيد من شهر رغم أن حالة والدي مستعجلة. ومن أجل ذلك نناشد المسؤولين فتح الحدود أمامنا”، يضيف المتحدث ذاته.
تعنيف وتنكيل
وفي تصريح لجريدة هسبريس قالت نبيلة حميد، وهي واحدة من العالقات بالعاصمة نواكشوط: “تعرضنا يوم الخميس الماضي للتعنيف والركل والرفس من طرف القوات الأمنية الموريتانية، التي ننفذ داخل أسوارها اعتصامنا الداعي إلى إعادتنا إلى وطننا، وها نحن اليوم نقطن بفندق تنعدم فيه أبسط شروط العيش”.
وأضافت المتحدثة ذاتها أن “الأمن الموريتاني قام بنزع وتمزيق لافتة مرفوعة من قبل المعتصمات، وتتضمن صورة الملك محمد السادس وخريطة المملكة المغربية، وهو أمر لن نقبله لأن المقدسات الوطنية تبقى خطا أحمر ولن نسمح بإهانتها مهما كانت الظروف”.
وطالبت نبيلة، في ختام تصريحها لهسبريس، الجهات المسؤولة بالتدخل لإيجاد حل عاجل للعالقين بموريتانيا لتمكينهم من الالتحاق بعائلاتهم، التي أثقلوا كاهلها بمصاريف الإيواء قرابة شهرين ولم تعد قادرة على التحمل فترات إضافية.
هسبريس