قالت السلطات المحلية في جيب مليلية الإسباني شمال المغرب إن نحو ألف مهاجر حاولوا صباح أمس الثلاثاء عبور السياج الحدودي من المغرب، دون أن ينجحوا في ذلك. تأتي تلك المحاولة بعد أيام من محاولة الآلاف من المهاجرين عبور السياج الحدودي، حيث تمكن 871 منهم من العبور.
أعلنت سلطات مليلية، الجيب الإسباني شمال المغرب، عن رصد محاولة نحو ألف مهاجر عبور السياج الحدودي من جهة المغرب صباح أمس الثلاثاء 8 آذار\مارس. محافظة الجيب تحدثت عن محاولة منظمة من قبل هؤلاء لعبور السياج بشكل منظم وعبر عدة مناطق.
وجاء في بيان السلطات “حوالي الساعة 6 صباحا، كشف جهاز منع التسلل التابع لقيادة الحرس المدني عن مجموعة كبيرة من المهاجرين، تتكون من حوالي ألف مهاجر، يقتربون من السياج (مليلية) بطريقة منسقة ومنظمة تماما، قبل أن يتوزعوا على عدة مناطق فرعية”.
وأوردت المحافظة أنه حوالي الساعة الثامنة صباحا “تمكن نحو 400 شخص من إحدى هذه المجموعات الفرعية من الوصول إلى السياج”، لكن الشرطة المغربية أوقفتهم. ولم يتمكن أي من هؤلاء الأشخاص من عبور السياج ودخول مليلية.
أكثر من 870 مهاجرا تمكنوا من عبور السياج الأسبوع الماضي
وكان الجيب قد شهد يوم الأربعاء الماضي الأول من آذار\مارس، أكبر محاولة عبور على الإطلاق، وفقا للسلطات المحلية، التي تحدثت عن محاولة أكثر من 2500 شخص عبور السياج. وتبع ذلك محاولتان أخريان يومي الخميس والجمعة، ضمت 1200 و1000 شخص على التوالي.
كانت حصيلة تلك المحاولات أن تمكن ما مجموعه 871 مهاجرا من دخول مليلية يومي الأربعاء والخميس. وفي نظرة على إحصاءات عمليات العبور، قاربت تلك الأعداد ما تم تسجيله خلال 2021، حيث عبر حينها 1092 مهاجرا إلى الجيب.
مار سوريانو، مساعد قانوني في منظمة “سوليداري ويلز” غير الحكومية العاملة في مليلية، قال لمهاجر نيوز “لا نعرف السبب الدقيق لقيام المهاجرين بهذه المحاولات على نطاق واسع… يمكن القول إن ظروف الجائحة كان لها تأثير كبير من ناحية إغلاق الحدود. منذ عامين، كان المهاجرون يتجمعون بالقرب من الحدود، في جبل غوروغو تحديدا. يوجد الآن تركيز كبير جدًا من الناس هناك، يعيشون في ظروف مروعة”.
ويضيف “أيضا، تسعى السلطات لإضافة أجزاء جديدة للسياج من الجهة الإسبانية، ما سيجعله أعلى، وسيجعل القفز فوقه أكثر صعوبة. نعتقد أن المهاجرين يحاولون العبور الآن قبل إضافة هذا الجزء الجديد”.
عنف على جانبي السياج
أحد المهاجرين السودانيين ممن شاركوا بمحاولة عبور السياج الأخيرة إلى مليلية، قال لمهاجر نيوز “لا خيارات أخرى أمامي، سأعاود المحاولة بالتأكيد”.
المهاجر الذي فضل عدم الكشف عن هويته خوفا من السلطات المغربية، ذكر أنه أمضى أكثر من أربعة أشهر في غابة في منطقة الناظور “في ظروف غير إنسانية بتاتا، نحاول طوال الوقت التخفي عن أعين الشرطة والأمن. طبعا هذه ليست الحياة التي أطمح لها، سأحاول العبور في وقت آخر”.
المهاجر الشاب ذو الـ24 ربيعا فر من الحرب في دارفور، مصمما على الوصول لأوروبا لأنها “المكان الوحيد الذي يمكنني أن أعيش فيه بكرامة”.
محمد محجوب، مهاجر سوداني آخر، تحدث لمهاجر نيوز عن العنف الذي يتعرض له المهاجرون من قبل الشرطة المغربية والإسبانية على السواء. يقول “الآن وأنا أتحدث إليكم، أختبئ في الغابة برفقة المئات من المهاجرين الآخرين، في أسفل الجبل يمكننا أن نرى بوضوح سيارات الشرطة ونسمعهم يتحدثون. ليست هذه هي الحياة التي أردتها، أعيش كمذنب مطارد، ذنبي الوحيد هو عزمي على العيش بكرامة”.
سوريانو أكد لمهاجر نيوز وقوع اعتداءات ضد المهاجرين من قبل شرطة البلدين.
“رأينا أشخاصا لم يتمكنوا من العبور، على الجانب المغربي، كانوا في ظروف مروعة، بعضهم لم يتمكن من السير أو الحديث. يوم الأربعاء الثاني من آذار\مارس ، كان هناك 3 رجال من شبه الصحراء علقين على السياج، من جهة كانت الشرطة المغربية وعلى الجانب الآخر الشرطة الإسبانية. كانوا يصرخون ‘أرجوك لا تؤذينا‘. وفي النهاية أعيدوا بشكل غير قانوني إلى المغرب”.
وكانت وسائل التواصل الإسبانية والمغربية قد تداولت الأسبوع الماضي فيديو لعناصر من الشرطة الإسبانية، يضربون شابا يبدو أنه أفريقي، بعد أن تمكن من تسلق السياج مع مليلية.
ويظهر في الفيديو، الذي التقطته عدسات الإذاعة الوطنية الإسبانية (RTVE)، الشاب وهو يتعرض للضرب أثناء نزوله عن السياج، ثم بعد وصوله الأراضي الإسبانية، حيث استلقى على الأرض وتناوب على ضربه ما لا يقل عن خمسة من ضباط الشرطة.
وزير الداخلية الإسبانية دافع عن سلوك رجال الشرطة، واصفا العنف الذي استخدموه بأنه “متناسب” مع الحالة العامة.
بدورها، أعربت فيرجينيا ألفاريز، الخبيرة في شؤون اللاجئين والهجرة في منظمة العفو الدولية بإسبانيا، عن انزعاجها من تلك الصور، خاصة أنها تأتي بعد إعلان إسبانيا استعدادها لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين.
وقالت “يعاقب المهاجرون على حدودنا بوحشية شديدة. هل هذه هي الصورة التي نريد عرضها؟ هل هذه هي الطريقة التي سنستقبل بها الأشخاص الذين يفرون أيضا من الصراع والاضطهاد…؟”.
أزمة مستمرة
وكان جيب سبتة قد شهد في أيار\مايو الماضي دخول أكثر من 10 آلاف مهاجر بشكل مفاجئ، معظمهم من الجنسية المغربية، وذلك إما عبر البحر سباحة أو من فوق السياج الحدودي.
وكان لتلك الحادثة ارتباطا مباشرا بخلاف دبلوماسي حاد نشأ بين الرباط ومدريد، عقب استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو الصحراوية إبراهيم غالي، لتلقي العلاج.
وعلى الرغم من أن التوترات في العلاقة بين البلدين قد خفت إلى حد كبير منذ ذلك الحين، إلا أنها لم تنته بعد. فالسلطات المغربية كانت قد استدعت سفيرها في مدريد للتشاور في أيار\مايو، الذي لم يعد حتى الآن لاستئناف أعماله في إسبانيا.
ويعتبر جيب مليلية، وجيب سبتة الإسباني الواقع أيضا شمال المغرب، الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع القارة الأفريقية، وهما يخضعان بانتظام لمحاولات اجتياز الحدود من قبل المهاجرين المتواجدين في المغرب لدخول أوروبا.
مهاجر نيوز