ارتفعت وتيرة الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الجزائر، بينما لا تزال حدودها مقفلة، في إطار الإغلاق الشامل الذي انتهجته الحكومة لمواجهة الوباء.
ولم تفتح البلاد حدودها البرية ولا البحرية، بينما سمحت ببعض الرحلات الجوية، ولا سيما من باريس الفرنسية، التي تقيم بها جالية جزائرية كبيرة.
رغم ذلك، دقت وسائل إعلام محلية ناقوس الخطر، بالنظر إلى تسارع وتيرة الإصابات، مقارنة بعمليات التلقيح “التي لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب” وفق نصر الدين شايبي، ممرض بأحد مستشفيات العاصمة.
وكشفت وزارة الصحة الجزائرية، الأحد، عن تسجيل 464 إصابة جديدة و 10 وفيات خلال الـ24 ساعة الأخيرة.
وأحصت الجزائر إجمالا، 141.741 إصابة، وأكثر من 3700 وفاة، في حصيلة يقول عنها شايبي إنها كبيرة، بالنظر إلى الإغلاق الشامل الذي فرضته السلطات.
موجة ثالثة
ونقلت وسائل إعلام عن خبراء قولهم بأن البلاد ربما في مواجهة موجة ثالثة من وباء كورونا.
وفي مارس 2020، قرّرت الجزائر غلق حدودها البرية والبحرية ومجالها الجوي بسبب الجائحة، لكنّها استمرت في إجلاء رعاياها العالقين في الخارج. وتوقفت رحلات الإجلاء رسميا في نهاية مارس 2021.
شايبي يرى أن “عدم تقيد الممواطنين بارتداء الكمامة، والتباعد الجسماني، “هو ما رفع من وتيرة الإصابات”.
وفي اتصال مع موقع “الحرة” نوّه شايبي لما أتاحته السلطات من إمكانات للإعلام حول المرض وتدبير عملية التكفل بالمصابين، لكنه انتقد في المقابل ما وصفه بـ “عدم اهتمام البعض” واستمرارهم في نفس السلوكيات التي عهدوها قبل الوباء.
مشكلة التكفل
لكن عبد الواحد سيدهم، وهو مواطن خمسيني من العاصمة، يرى بأن الدولة “لم توفق في التكفل بالمرضى، وهو ما تظهره عدة مقاطع فيديو” وفق تعبيره.
وأصيب عبد الواحد بفيروس كورونا، لكنه تعافى منه بعد أن أمضى نحو 20 يوما في مستشفى مصطفى باشا الجامعي، وفق قوله.
وهناك، سجل عبد الواحد “نقصا في الإمكانيات الخاصة بمواجهة المرض مثل ماكنات المساعدة التنفسية، بالإضافة إلى مشاكل هيكلية، قال إنه لاحظها بحكم تكوينه.
وعبد الواحد، إطار في إحدى المؤسسات العمومية، أصيب بالفيروس في صيف 2020.
يقول في حديث لموقع “الحرة” إن الإشكال يكمن في كون القائمين على المستشفيات “منقطعين عن واقع الهياكل التي يسيرونها” ويضيف متسائلا “كيف تقبل مريضا وأنت ليست لديك الإمكانيات؟”.
كما لفت الرجل إلى أن كثيرا من المستشفيات لم تكن مستعدة لامتصاص كل تلك الأعداد من المصابين “لكن الحكومة حاولت فرض مرضى كوفيد على الجميع دون تخصيص مبالغ مالية إضافية لتجهيز وتسيير المستشفيات” وفق رأيه.
وتشارك جزائرين خلال المرحلة الأولى من الوباء عدة مقاطع فيديو تصور واقع المستشفيات في ظل بدء المنحنى التصاعدي للإصابات.
من جانبه، قال ناصر سليماني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، إن “أغلبية الجزائريين منهمكون في مشاغل الحياة، وأكثرهم تناسى الوباء”
وفي اتصال مع موقع “الحرة” أشار سليماني إلى أن ارتفاع عدد الإصابات راجع، وفقه، إلى تناسي الجزائريين لهذا المرض بينما يعيشون أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
وتعيش الجزائر على وقع مظاهرات أسبوعية مطالبة بالتغيير، بينما دخلت البلاد في مرحلة اقتصادية حرجة، جراء تراجع أسعار المحروقات التي تعتمد عليها الجزائر في اقتصادها.
سليماني اشترط في السياق، أن يعود الجزائريون إلى احترام تدابير التباعد وارتداء الكمامات والغسل المتكرر “وهي سلوكيات بالكاد احترموها قبل سنة” حتى نشهد تراجعا في وتيرة الإصابات.
وقال: “لا بد من تظافر جميع المختصين للتكفل بهذه الإشكالية، وإلا سنشهد وضعا يصعب التحكم فيه”.
والأحد، ذكرت اللجنة الوزارية للفتوى، المواطنين بأن العودة إلى الالتزام الكلي بالإجراءات الاحترازية تعد “واجبا شرعيا” في ظل تزايد عدد الإصابات والوفيات، مشددة على “عدم جواز” الاستهانة بتدابير الوقاية الرامية الى الحد من تفشي هذه الجائحة، وفق ما نقله موقع صحيفة “المسار”.
سياسة التطعيم
أما جميلة بسعد، وهي مديرة فرعية سابقة في إحدى المستشفيات الجزائرية، فترى بأن المسؤولية في ارتفاع عدد الإصابات “مشتركة”.
وفي حديث لموقع “الحرة” قالت إن المواطنين لا يحترمون شروط التباعد الجسماني، بينما لم تستطع الحكومة التكفل بطريقة سليمة بجميع جوانب مواجهة الوباء.
وتساءلت عن السبب وراء عدم تخصيص مستشفيات “متنقلة” أو فرض سياسة تطعيمية على جميع الموظفين للوصول إلى نوع من المناعة “يمنكننا من صنع الفارق”.
ورفضت المتحدثة “إلقاء اللوم على المواطنين فقط، قائلة: “صحيح أن المواطن مسؤول، لكن أغلبية المسؤولين في المؤسسات الصحية، لا يهتمون بعملهم بقدر اهتمامهم بمناصبهم” وفق قولها، ثم أردفت “المسؤولية مشتركة”.
كما لفتت إلى بطئ وتيرة التلقيح في القرى والمناطق النائية، مرجحة أن يؤثر ذلك على سعي الحكومة في مواجهة المرض في كل ولايات الوطن”.
يُشار إلى أن عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد وباء كورونا، رياض مهياوي، قال في وقت سابق من الأحد، إن الوضعية الوبائية في الجزائر مقلقة جدا بسبب التصاعد الرهيب في عدد الإصابات.
يُذكر أن الولايات المتحدة أعلنت قبل نحو شهرين تبرعها بكمية من اللقاحات لصالح الجزائر، وفق ما نقلته صفحة سفارتها بالعاصمة الجزائرية.