أثار قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تخفيض سنّ توظيف أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بالمغرب إلى 30 سنة احتجاجات ينتظر أن تتصاعد خلال الأيام القادمة، في ظل موجة تذمر وغضب في صفوف المترشحين والنقابات التعليمية والأحزاب السياسية المعارضة.
وانطلق أول الاحتجاجات ضد قرار وزير التربية الوطنية، ليل أمس الجمعة، بعد ساعات قليلة من إصدار القرار، حيث نظم مئات الطلبة وقفة احتجاجية بمدينة فاس (وسط المغرب) سرعان ما تحولت إلى مسيرة جابت العديد من أحياء المدينة ضد ما وصفوه بـ” القرارات التصفوية والإقصائية في حق أبناء الشعب المغربي والمتعلقة بطبيعة سياسة التشغيل الطبقية (مباريات التعليم نموذجاً)”.
وكان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، قد أصدر أمس الجمعة قراراً حدّد السن الأقصى لاجتياز المباريات (مسابقات التوظيف) بـ30 سنة “بغية جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهن التدريس، وبهدف ضمان التزامهم الدائم في خدمة المدرسة العمومية، علاوة على الاستثمار الأنجع في التكوين وفي مساراتهم المهنية”.
وكشف توضيح للوزارة، صدر أمس الجمعة، أنه تم “وضع إجراءات للانتقاء القبلي لاجتياز المباريات الكتابية بناء على معايير موضوعية وصارمة بغية ترسيخ الانتقاء ودعم جاذبية مهن التدريس لفائدة المترشحات والمترشحين الأكفاء. وتأخذ هذه المعايير بعين الاعتبار الميزة المحصل عليها في البكالوريا والميزة المحصل عليها في الإجازة (البكالوريوس) وسنة الحصول على هذه الأخيرة”.
وقالت الوزارة إنّ المباريات المبرمجة هذه السنة تندرج في صلب سياسة الارتقاء بالمنظومة التعليمية التي أكد عليها القانون الإطار 17-51، والتي جعلها النموذج التنموي الجديد في صدارة أولوياته ومثلما اعتمدها أيضا، وبشكل صريح، البرنامج الحكومي.
بالمقابل، اعتبر معارضو قرار الوزارة تحديد سن الترشح في 30 سنة مخالفاً للقانون والدستور، كما أنه يهدد بمفاقمة أزمة البطالة التي زادت نسبتها جراء تداعيات تفشي فيروس كورونا الجديد في البلاد، حيث انتقلت من 12.3 في المائة خلال الفصل الثاني من عام 2020 إلى 12.8 في المائة خلال الفصل الثاني من السنة الحالية، مع تسجيل ارتفاع حاد في الوسط الحضري، الذي قفز فيه المعدل من 15.6 في المائة إلى 18.2 في المائة بسبب فقدان العديد من الشبان لعملهم جراء الوباء، بحسب المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط).
إلى ذلك، أعرب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم -التوجه الديمقراطي (تنظيم عمالي) عبد الرزاق الإدريسي، عن رفضه التام لما وصفه بالقرار “الانفرداي واللاشعبي، الذي يقصي جزءاً كبيراً من العاطلين حاملي الشهادات وخريجي وطلبة الجامعات من حقهم في اجتياز مباراة التعليم”.
واعتبر المسؤول النقابي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن القرار “غير دستوري وغير قانوني وإقصائي”، لافتاً إلى أن قرارات من هذا النوع لا يمكن ولا يقبل أن يتم اتخاذها دون إشراك النقابات واستشارتها، خاصة أن الوزارة حضرت للقرار وأعلنت عنه في الوقت الذي تعقد فيه سلسلة اجتماعات مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية.
من جهته، انتقد الكاتب الأول لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” المعارض، إدريس لشكر، اليوم السبت، خلال انعقاد المجلس الوطني (برلمان الحزب)، الخطوة الحكومية بتحديد سن الولوج إلى مهن التدريس في 30 سنة، معتبراً ذلك “غير معقول وإقصاء لفئة تراكم الإحساس بالإحباط، خصوصاً خريجي الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح الذين يعانون قلة فرص العمل”.
يشار إلى أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين كانت تشترط في السابق ألا يتجاوز عمر المرشحين 45 سنة عند تاريخ التحاقهم بمقرات عملهم.
المصدر العربي الجديد