ستجري الانتخابات التشريعية والبلدية في المغرب خلال يوم واحد، هو 8 أيلول/سبتمبر، ويصادف هذا التاريخ يوم الأربعاء، الذي أقرته وزارة الداخلية المغربية للاقتراع، استجابة لطلب عدد من الأحزاب المغربية، عوض يوم الجمعة الذي جرت العادة أن يكون تاريخاً للانتخابات خلال الاستحقاقات السابقة.
التغيير الحالي لم يأت اعتباطاً، وإنما رغبة في تفويت الفرصة على بعض الأحزاب لاستغلال تجمّع المصلّين خلال يوم الجمعة من أجل حثّهم على التصويت لمرشحيهم في مناسبة الاقتراع نفسه، وهي التهمة التي كانت توجّه خاصة إلى حزب “العدالة والتنمية” ذي المرجعية الدينية.
الأوقاف تصدر تعليمات صارمة
وتأكيدًا على النأي عن الدعاية لفائدة أو ضد المرشحين، وجّهت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رسالة إلى إداراتها المحلية في أقاليم المغرب، تضمنت الدعوة لتذكير رجال الدين بوجوب تفادي كل ما قد يفهم منه، صراحة أو ضمنياً، قيامهم بدعاية لفائدة أو ضد أي مترشح أو هيئة سياسية أو نقابية، طبقاً لمقتضيات الظهير الشريف المتعلق بتنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم. كما أكدت الرسالة على منع ترشح أيّ قيم ديني للانتخابات.
الرسالة التي اطلعت “القدس العربي” على صورة لها والتي تحمل توقيع الوزير
أحمد التوفيق، جاء فيها “أذكّركم بهذه التعليمات التي يتعين السهر على تطبيقها بما يلزم من الدقة والصرامة، وإخبار الوزارة فوراً بترشح أي قيم ديني للانتخابات حتى يتم إعفاؤه من مهامه”.
على صعيد آخر، عممت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” توجيهاً لأعضائها حول الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة في أيلول/ سبتمبر المقبل، لعدم التعبير عن مواقف حول الانتخابات باسمها والاكتفاء بعملية ملاحظة سير العملية.
وجاء هذا القرار بناء على كون الجمعية منخرطة في النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، وانطلاقاً من تجربتها في مجال ملاحظة الانتخابات كمهمة دأبت على القيام بها منذ سنوات، وقامت في إطارها برصد الخروقات وتتبعها وإصدار التقارير بشأنها، وتستعد لملاحظة الانتخابات المقبلة، مما يستدعي الالتزام بعدد من الشروط ضماناً لمصداقيتها وموضوعية الملاحظة التي ستقوم بها.
ودعت الجمعيات الحقوقية المغربية مسؤوليها وأعضاءها إلى “عدم الزج بالجمعية في أي موقف أو رأي سياسي، والالتزام بالمواقف الحقوقية التي تصدرها مختلف أجهزتها بخصوص المشاركة السياسية، المستندة إلى مرجعيتها الكونية والمتماشية مع مهامها كجمعية حقوقية مستقلة،” وفق ما جاء في التوجيه الذي أوردته صحيفة “هسبريس” الإلكترونية.
وناشدت الجمعية المنتمين إليها من أجل “الحرص على عدم ذكر الانتماء إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” بالنسبة إلى المترشحين والمقاطعين على حد سواء، مع “عدم المزاوجة بين الملاحظة والرصد والمشاركة في الانتخابات أو في حملات الدعوة لمقاطعتها”.
حضور للجانب الحقوقي
وإضافة إلى هذا التوجيه الداخلي، فإن الجمعية بصدد إعداد مذكرة حول الانتخابات، ستعمم خلال الأيام القليلة المقبلة على الأحزاب السياسية، هدفها “أن يكون الجانب الحقوقي حاضراً في البرامج الانتخابية، وتولاه أهمية”.
وقال إبراهيم ميسور، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن المذكرة التوجيهية “مرتبطة بأعضاء الجمعية الذين من الممكن أن يكونوا مرشحات ومرشحين في الاستحقاقات المقبلة، والأعضاء الذين لديهم موقف المقاطعة، حتى لا يتعرضوا لانتمائهم إلى الجمعية”.
وأضاف ميسور في تصريح للموقع المذكور: “ارتأت الجمعية أن صفة المسؤولية فيها، أو العضوية، يجب عدم الإشارة إليها في الحملة الانتخابية، وحتى لمن عندهم موقف سياسي بالمقاطعة، لتبقى الجمعية على الحياد”.
في سياق متصل، شدد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، على منع تسخير الوسائل والأدوات المملوكة للهيئات العامة والمجالس المحلية المنتخبة والشركات والمقاولات العمومية في الحملة الانتخابية للمترشحين بأي شكل من الأشكال، داعياً لضرورة إنجاح الانتخابات المقبلة وكسب رهانها باعتبارها محطة مهمة في المسار الديمقراطي في المغرب.
وأكد أن العدد الكبير للهيئات المشرفة على عملية الاقتراع والعمليات الأخرى المتصلة به، من مكاتب للتصويت ومكاتب مركزية، والتي يفوق عددها 45 ألف مكتب، يتطلب تعبئة كل الإمكانات المادية المتوفرة على صعيد أقاليم البلاد لدى كافة الإدارات والمؤسسات التابعة للدولة.
تحديد فترة إيداع الترشيحات
من جهة أخرى، أفاد بيان لوزارة الداخلية المغربية بأن الفترة المخصصة لإيداع الترشيحات برسم الانتخابات العامة لثامن أيلول/ سبتمبر المقبل تبتدئ من الاثنين 16 آب/ أغسطس، وستستمر إلى غاية الساعة الثانية عشرة من زوال يوم الأربعاء 25 آب/ أغسطس 2021.
وأوضح المصدر ذاته أن الترشيحات ستودع بالنسبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب في شكل لوائح ترشيح من طرف وكيل كل لائحة ترشيح بمقر العمالة أو الإقليم أو عمالة (محافظة) المقاطعات المعنية برسم الدوائر الانتخابية المحلية وبمقر ولاية الجهة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية.
وأطلق “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” وآليته الوطنية “لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة”، حملة رقمية للنهوض بحق الأشخاص في وضعية إعاقة في المشاركة السياسية، للمساهمة في تعزيز الحق في المشاركة السياسية، عشية الاستحقاقات الانتخابية، إعمالاً لأحكام الدستور المغربي، الذي يكرس تصديره عدم التمييز على أساس الإعاقة، والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها والقوانين التنظيمية ذات الصلة بالانتخابات.
ونقل الموقع الرسمي للمجلس عن آمنة بوعياش، رئيسة هذه الهيئة الرسمية: “نسعى من هذه الحملة الرقمية التحسيسية إلى تسليط الضوء على حق مواطنات ومواطنين في وضعية إعاقة في المشاركة في الحياة السياسية وفي الشأن العام، على قدم المساواة مع الجميع، على أن لا نترك أحداً خلفنا ونحن نوطد مسار المواطنة، كما يكرس ذلك دستور المملكة في الفصل 34 والمادة 29 من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها المغرب سنة 2009”.
وتهدف الحملة إلى النهوض بالحق في المشاركة السياسية للأشخاص في وضعية إعاقة وتعزيز سبل ممارسة هذا الحق على قدم المساواة وبدون تمييز. كما تبتغي التنبيه بشأن كلفة عدم مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في الحياة السياسية والعامة وانعكاسات حرمان هذه الفئة من ممارسة هذا الحق، بالإضافة إلى تسليط الضوء على العوائق والحواجز التي تحول دون التمتع الكامل به.
وأضافت المسؤولة الحقوقية قائلة: “لقد ارتأينا، من خلال هذه الحملة، إثارة الانتباه إلى أهمية وضرورة كفالة المشاركة السياسية الكاملة للأشخاص في وضعية إعاقة، عشية استحقاقات انتخابية نطمح إلى أن تكون محطة كبرى تسهم نتائجها، خلال السنوات المقبلة، في تعزيز وتكريس دولة الحق والقانون والمساواة وعدم التمييز، بشكل فعلي وفعال.
وتستهدف هذه الحملة مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي، بالعربية والأمازيغية وبلغة الإشارة.
منح تسهيلات للمرشحين
وأصدر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، منشوراً يدعو من خلاله إلى منح تسهيلات للكوادر والموظفين والأعوان بمناسبة إجراء الانتخابات المقبلة.
وأوضح المنشور أن التسهيلات تتجلى في توفير الظروف المواتية والمتكافئة من خلال تمكين الراغبين في الترشيح من إعداد ملفات الترشيح، وإيداعها لدى السلطات المكلفة بتلقيها، وكذا منح رخص استثنائية للتغيب طيلة مدة الحملة الانتخابية، بالنسبة للمرشحين للانتخابات المذكورة، شريطة ألا يخل ذلك بالسير العادي للمرافق العمومية.
كما سمح المنشور بالترخيص بالتغيب، طيلة يوم الاقتراع، بالنسبة للموظفين والأعوان الذين سيُنتدبون من طرف وكلاء اللوائح الانتخابية، أو المرشحين لتمثيلهم بمكاتب التصويت قصد مراقبة عملية الاقتراع والفرز وإحصاء الأصوات والإعلان عن النتائج، إلى جانب تمكين كافة الكوادر والموظفين والأعوان العاملين في الإدارات والمؤسسات العمومية من أداء واجبهم الوطني وممارسة حقهم في المشاركة في عملية التصويت.
وأكد رئيس الحكومة أن الانتخابات المقبلة تشكل محطة مهمة في مسار المغرب الديمقراطي، وأن الحاجة ماسة لكسب رهانها، لاسيما من خلال التدبير الجيد والتنظيم المحكم لتأمين إجرائها في أحسن الظروف، مع الحرص على تطبيق الأحكام الواردة في مختلف النصوص القانونية المنظمة لهذه العمليات الانتخابية، بما يضمن نزاهتها ومصداقيتها.