تعتبر حضارة الرومانيين من الحضارات المهمّة التي بسطت سيطرتها على الكثير من الدول وخصوصاً تلك التي تُشرف على البحر الأبيض المتوسط، ومن بين هذه الدول هي تونس الخضراء التي تَحتضن مدينة نابل العريقة التي كانت تُعتبر مستعمرةً رومانية. حافظت نابل على أصالة عاداتها وموروثاتها الحضارية واليوم ترتبط بأصالة وشرف صناعة الخزف التونسي، ولنابل حكاية لا بدّ من التعمق للمعرفة أكثر عن هذه المدينة العريقة التي تعتبر أكبر مدينة سياحية في تونس.
تقع مدينة نابل التونسية في الناحية الشمالية الشرقية من الجمهورية على ساحل الناحية الجنوبية لشبه جزيرة الوطن القبلي، بين إحداثيات ′27°36 شمالاً، و′44°10 شرقاً، تبعد عن العاصمة تونس حوالي 60كم، و30كم من شمال شرق مدينة الحمامات، وهي مركز ولاية نابل. بلغ عدد سكانها نحو 36.878 نسمةً حسب إحصائية عام 2014م، وذكرت في المراجع اليونانية منذ القرن الخامس قبل الميلاد باسم نيابلوليس؛ أي المدينة الجديدة، ولها توأمة مع مدينة الجديدة المغربية منذ عام 1985م، ويعود تاريخها إلى 2400 سنة من الآن، وهي بذلك ثاني مدينة في الشمال الإفريقي بعد قرطاج.
في نابل، يحلو التجول في سوق المدينة المحاط بأروقة ومحلات تجارية لمختلف الصناعات التقليدية. و إذا رغبت في مشاهدة حرفيين أثناء عملهم، فعليك بزيارة قرية الحرفيين في مدخل المدينة حيث الحدادون، ونساجو الحصيرو الخزافون و ناقشو النحاس.و لا تفوتك زيارة السوق المغطاة أين يمكنك إقتناء التوابل و الهريسة النابلية الشهيرة و كذالك الفواكه والخضروات والأسماك: الوطن القبلي هو منطقة فلاحية هامة. و بالتنقل إلى قليبية، توقف عند قلعتها الزيرية -المشيدة في القرن الثاني عشر، وهي الأكبر في تونس. إشرب الشاي بالنعناع في مقهى محلي مجاور يطل على البحر مع نزهة على طول ميناء الصيد. في الهوارية، أقصى نقطة بالوطن القبلي، إملأ أنفاسك بالهواء النقي والبري ، وزر الكهوف الغريبة التي حفرها الرومان لاستخراج حجارة البناء. ثم لا تفوتك زيارة قربص، مدينة المياه المعدنية السخنة المحاطة بشواطئ وبخلجان غاية في الجمال
تتركز الزراعة في نابل على أشجار الفاكهة منها البرتقال والليمون البلدي والبرتقال المر. وهكذا، فإن السكان يقومون بتقطير الزهور ويبيعون الإنتاج بكميات كبيرة. معظمها موجه للسوق المحلي، والباقي موجه للتصدير.
وتشتهر نابل أيضًا بالهريسة، حيث بدأت ثقافتها في تونس بعد وصول الموريسكيين ، بداية القرن الـ17 مما ساهم في تعميم وانتشار زراعة الفلفل وتكثيف الإنتاج حتى غدت عادة التصقت أساسًا بساكني جهة الوطن القبلي التي استقروا بها خلال الهجرة الأندلسية، كما كان لليهود التونسيين دور كبير في استغلال الفلفل وإعداد الهريسة وتحويلها إلى عادة غذائية مقترنة بجميع أنواع الوجبات الغذائية. حيث يخزن السكان كميات كبيرة على مدار العام، ويمارسون العولة، والتي تتمثل في إعداد المكونات المختلفة خلال الموسم والحفاظ عليها للاستهلاك طويل الأجل 18.
المنطقة الأثرية لنيابوليس: وتعرف بنابل القديمة، وكُشف عنها عام 1965م صدفة، وعثرت الحفريات في المنطقة على مؤسسة صناعيّة رومانية تختص بصنع نوع من مرق السّمك يدعى (garum)، ورجح المختصون أن المؤسسة خاصة بالتصدير، وذلك لأنها تحتضن أحواضاً كبيرةً لنقع أحشاء الأسماك وصغارها، كما عثر على حي سكني جميل ومنزل فخم. متحف نابل: وهو منزل متواضع في الأصل، جُدّد ورمم وفتح للجمهور على أنه متحف يحتوي العديد من المقابر والأثاث الجنائزي، بالإضافة إلى اللوحات الفسيفسائية، والمنحوتات المرمرية الرومانية. المساجد: الجامع الكبير، مسجد النورية ومسجد السبتية. الأسواق المسقوفة: سوق البلغة، وسوق الذهب. المقامات: مقامي سيدي سليمان، وسيدي المحرصي على الساحل، ومقامات سيدي عبد القادر، وسيدي علي عزوز، وسيدي الحلفاوي، وسيدي بن عيسى في المدينة. معالم أخرى: الكنيس الكبير، والنصب التذكاري للشهداء، ومنطقة الحمامات والينابيع الدافئة على بعد ستين كيلومتراً شرقي العاصمة.
بجانب صناعة الفخار هناك حرف أخرى تبرع بها نابل، وهي صناعة الحصير الذي يُصنع من مادة السمار، وصنع الحصير بألوان متعدّدة ومخصص لفرش الأرضيات، وأيضاً صناعة النحاس الذي يزداد الطلب عليه كأحد أهم أدوات جهاز العروس، والتطريز الذي يحافظ عليه التونسيون في مناسبة الأفراح وتجهيز العروس، وتقطير الزهر لصنع ماء الورد الذي يُستخرج من زهر شجر النارنج، وكذلك صنع العطور.
الشواطئ الرملية والفنادق الجميلة من نابل إلى قربة تعد بعطلة احلام. إستلقى تحت مضلة شمسية، أو استمتع بالرياضات والأنشطة الترفيهية ، تنزه على متن سفينة القراصنة أو إلعب الجولف في الحمامات، أو مارس الغوص بعدها تمتع بعلاجات في مركز صحي بمياه البحر. على طول الساحل، المشاهد البحرية رائعة تنشرح لها صدور المصطافين وهواة السياحة البحرية ( ميناء قليبية يستقبل سفن التنزة). الوطن القبلي، بتلاله و بساتينه وغاباته، وجهة للمتنزهين وكذالك لصيادين الخنزير البري الذي يتواجد بكثرة بالمنطقة . الوطن القبلي هو ايضا جهة محبذة لمشاهدة الطيور التي تتجمع في البحيرات الساحلية بالقرب من مضيق صقلية. أما إذا كنت من محبي التاريخ، اكتشف الموقع الأثري الاستثنائي في كركوان، المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي (منازل قرطاجية). واستمتع أيضا بقلعة قليبية من القرن 12، والفسيفساء في متحف نابل والمحاجر الرومانية بالهوارية.