مدينة سطيف هي مدينة عربيّة جزائريّة تتبع إداريّاً لولايةَ سطيف، وتُعدّ العاصمة الإداريّة لها، والعاصمة الاقتصاديّة لجمهوريّة الجزائر، وتحتلّ المركز الثّاني من حيث عدد السّكان في الدّولة؛ إذ يبلغ عدد سكّانها 288,461 نسمة حسب إحصائيّات عام 2008م، ولغتاها الرّسميّتان هما: اللغة العربيّة، واللغة الأمازيغيّة، ويتميّز مناخها بأنه ماطر وبارد في فصل الشّتاء، وجاف حارّ نسبياً في فصل الصّيف.
تقع في هضاب الجهة الشماليّة الشرقيّة للجزائر في جنوب جبال الأطلس التلي، وتُشرف على هضبتي جبال مغرس وبابور. سمح لها موقعها بأن تكون العاصمة الاقتصادية للوطن الجزائري.
واختلفت الأقوال حول ما إذا كانت سطيف تابعة لمملكة ماسينسا أو مملكة سيفاكس، والأرجح أنها كانت تابعة لمملكة ماسيسيل النوميديّة. بالقرب من سطيف قام يوغرطة بحملته وخسر ضد ماريوس عام 105 قبل الميلاد. ُنقل على إثرها إلى روما حيث تم إعدامه في سجن توليانوم. لم يُعثر على بقايا من هذه الفترة. كانت المدينة صغيرة تحت حكم الملوك النوميديين.
يعتمد اقتصاد سطيف على قطاعات: الزراعة، وتربية المواشي، والصّناعة، والسّياحة، ومن أبرز معالمها السياحيّة: حمام السخنة، ومنطقة المهدية، وصرح جميلة، ومنطقة بني عزيز، ومنطقة قجال، وحمام قرقور، وحديقة التسلية، ومنطقة إيكجان.
عود تاريخ مدينة سطيف إلى عصور ما قبل التّاريخ؛ إذ نُسب إليها نموذج أقدم إنسان واسمه إنسان عين الحنش. بعد القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد برزت على أرضها مملكتان، هما: مملكة مسيليا وحاكمها مسينيسا، ومملكة مسياسلية وحاكمها سيفاكس. في عام 105 قبل الميلاد دخلها الرّومان، واستمروا في حكمهم عليها حتى عام 42م. في أواخر القرن الثّالث للميلاد أصبحت مدينة سطيف عاصمةً لموريطانيا السطائفية، وفي العام 429م غزاها الونداليون وحكموها حتى عام 539م. شهدت المدينة أيّام الحكم العثمانيّ اهتماماً كبيراً؛ حيث ازدهرت بالعمران والتّطور، كما أنّها شهدت في حكمهم عدّة معارك كبيرة بين باي قسنطينة، وباي تونس. بعد الاحتلال الفرنسيّ للجزائر في العام 1830م احتُلّت المدينة بقيادة الجنرال غالبوا في العام 1848م، وفي العام 1918م بعد انتهاء الحرب العالميّة الأولى رجعت إلى المدينة الأهميّة الاستراتيجية بعد أن جعلها الاحتلال مركزاً لسيطرته وبسط نفوذه على المناطق كافّة. في العام 1938م اكتسب سكان المدينة الوعي السياسيّ، وذلك بعد ظهور الكشّافة الإسلامية الجزائرية، وتأسيس الأحزاب السياسيّة الحديثة ذات الاتجاه الاستقلاليّ.
في عام 647 بعد الميلاد، بدأت أول رحلة استكشافية للمسلمين إلى إفريقيا وبحلول نهاية هذا القرن، بدأ تعمير المنطقة. في الواقع، دمر عقبة بن نافع سيتيفيس جزئيا في غارة عام 680 ميلادية، عندما احتلت قواته في مكان قريب من صالداي (بجاية حاليًا)، في الوقت الذي قاتل للوصول إلى المحيط الأطلسي . انتهى عهد سيتيفيس البيزنطي. بحلول عام 702 م، فتحت المنطقة بالكامل من قبل الخلافة الأموية.
أجريت حفريات من 1977 إلى 1982 بالقلعة البيزنطية – حديقة التسلية – كشفت لأول مرة عن وجود حي إسلامي يعود تاريخه إلى القرنين 9 و 10 م يعكس بداية العمارة الإسلامية ويؤكد ما وصفه الجغرافيون والمؤرخون العرب خلال القرون الوسطى على أن المدينة كانت في أوج تطورها وازدهارها حيث كانت نقطة عبور لنشاط تجاري مكثف، ويتمثل فيها المستوى العمراني الإسلامي في تجمع عدد كبير من المنازل مخططة ومربعة الشكل، كل منزل له فناء مركزي وأربع جهات نظمت على شكل أجنحة تحيط بالفناء وتتمثل هذه الأجنحة في قاعة الاستقبال، غرفة النوم، المطبخ، الإسطبلات… إلخ.
ووفقًا لخليفة عبد الرحمن، فإن نتائج هذه الحفريات مثيرة جدًا للاهتمام: «لم تكن المدينة مهجورة تمامًا فبقايا الحمامات الحرارية كانت تستخدم مأوى عرضي للرجال. والماشية. يقال إن تطوير المدينة الإسلامية قد حدث شمال القلعة البيزنطية.»[11]
أظهرت هذه الحفريات أن المنازل الإسلامية الأولى قد بنيت مع إعادة استخدامات الأحجار المقصوصة والموقواة على وجوهها الداخلية بالحصى المرتبطة بالتراب المدك. يشير تأريخ الكربون 14 إلى فترة ما بين 655 و 970. كشفت الحفريات عن تسعة مبانٍ يرجع تاريخها إلى عام 810 (في زمن الأغالبة) و 974 (في عهد الخلافة الفاطمية). عُثر على قطعة نقود معدنية للخليفة الفاطمي المعز بقشرة خزفية مجسمة في اليوم الثالث. ووفقًا لخليفة عبد الرحمن، فإن الشيء المهم هو أن الحفريات تمكنت من تحديد نمط سكان القرن العاشر والحادي عشر لهذه المنطقة، مع غرف أطول مما كانت عليه.
تتميّز مدينة سطيف بإقامة الفعاليّات الدينية والفكريّة والفلسفية في أرضها، وبالهضاب العالية. من أبرز أعلامها: الرّوائي عبد العزيز غرمول، والشّاعر عاشور فني. يدين معظم سكّان المدينة بالدّين الإسلاميّ. تُشتَهر المدينة بكثرة المساجد فيها، مثل: مسجد مالك بن نبي، ومسجد أبي بكر الصديق، ومسجد بلال بن رباح الحبشيّ، ومسجد خالد بن الوليد، ومسجد أنس بن مالك، ومسجد أبي ذر الغفاريّ، ومسجد محمد الشريف التلمساني، ومسجد فضيل الورثلاني.