السيّد عُمر بن مُختار بن عُمر المنفي الهلالي، الشهير بعُمر المُختار، المُلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المُجاهدين، وأسد الصحراء، هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمُسلمين. ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة.
ولد عمر بن المختار بن عمر المنفي عام 1862 في قرية جنزور (منطقة الجبل الأخضر ببرقة) شرقي ليبيا لأسرة تنتمي إلى قبيلة “المنفة”. توفي والده حاجّاً بمكة، فتولى الشيخ حسين الغرياني (شيخ زاوية جنزور السنوسية) رعايته بوصية من أبيه، فأدخله مدرسة القرآن الكريم بالزاوية.
شارك عمر المختار أثناء وجوده بتشاد في المعارك التي خاضتها كتائب السنوسية 1899-1902 ضد الفرنسيين الذين احتلوا المنطقة، وكانت لا تزال وقتذاك ضمن الأراضي الليبية.
وفي سنة 1908 دُعي للمشاركة في المعارك بين السنوسيين والقوات البريطانية على الحدود الليبية المصرية.
وفي 29 سبتمبر/أيلول 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية التي كانت ليبيا حينذاك جزءا منها، وبدأت السفن الحربية تقصف مدن الساحل الليبي.
حارب عُمر المُختار الطليان “الإيطاليين” مذ كان عمره 53 عامًا لأكثر من عشرين عامًا في عدد كبير من المعارك، ولأن المختار كان رجل سلام قبل بعرض الحاكم العسكري الإيطالي بادوليو يناير عام 1929 بإبرام هدنة لشهرين مقابل عودة الأمير محمد إدريس السنوسي وانسحاب الإيطاليين من الجغبوب والعفو العام عن كل المعتقلين السياسيين وإطلاق سراحهم، ولكن الإيطاليين لم ينفذوا بنود الهدنة.
وعندما اكتشف المختار أن الإيطاليين يريدون كسب الوقت صعد من عمليات المقاومة وقال جملته الشهيرة “ما أردتم السلام أبدا إنما أردتم الوقت”.
بعد ذلك عين حاكم إيطاليا حينها بينيتو أندريا موسوليني الجنرال غراتسيانى محل بادوليو واشتدت المعارك إلى أن نجح الإيطاليون في 11 سبتمبر 1931 في أسر عمر المختار بعد معركة قتل فيها حصانه وكسرت نظارته.
ونقل المختار إلى بنغازي حيث انعقدت محكمة خاصة في 15 سبتمبر وصدر حكم الإعدام شنقا، وفي صباح اليوم التالي تم التنفيذ أمام القرويين.
استلهم الليبيون في ثورة 17 فبراير/شباط 2011 -وفي الذكرى المائة للاحتلال الإيطالي- تجربة عمر المختار الجهادية، فأطلقوا اسمه على جماعات مشاركة في المظاهرات الشعبية، ثم على ألوية عسكرية قاتلت كتائب العقيد الراحل معمر القذافي، كما ضمّنوا عَلمه الأسود ذا النجمة والهلال في علم الدولة بعد نجاح الثورة.
وفي سبتمبر/أيلول 2008 انحنى رئيس الوزراء الإيطالي وقتها سيلفيو برلسكوني أمام محمد نجل عمر المختار معتذرا عن فظائع بلاده بحق الشعب الليبي، وقورنت صورة انحائه ذلك بصورة التقِطت لعمر المختار مكبلا بالأغلال قـُبيل إعدامه.
حصد عُمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، فأخبار الشيخ الطاعن في السن الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نير الاحتلال الأوروبي في حينها، وحثّت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّقٌ على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالَمَين الشرقي والغربي على حد سواء، فَكَبُرَ المُختار في أذهان الناس وأصبح بطلًا شهيدًا. رثا عدد من الشُعراء المُختار بعد إعدامه، وظهرت شخصيَّته في فيلم من إخراج مصطفى العقَّاد من عام 1981 حمل عنوان “أسد الصحراء”، وفيه جسَّد الممثل المكسيكي – الأمريكي أنطوني كوين دور عُمر المُختار.