لا تزال السياحة في المغرب العربي متأثرة بجائحة كورونا، وهذا ما أدى إلى جمود شبه تام على الحركة الاقتصادية لهذه المدن، وجمود في الرحلات الجوية بين المغرب والدول التي تقصدها سياحياً، للاستمتاع بناظر المدن الجميلة ذات التاريخ العريق.
الحديث اليوم عن مدينة مغربية سياحية، كانت من أطماع الغرب سابقاً وعاصرت أجيال كثيرة، وهي مدينة أكادير، والتي تقع على بعد 520 كلم جنوب العاصمة الرباط و509 كيلومترات جنوب مدينة الدار البيضاء. ويبلغ عدد سُكان المدينة 844,421 نسمة في إحصاء سنة 2014، ويتحدث غالبيتهم لغة تشلحيت، وهي و هي فرع من فروع الأمازيغية إحدى اللغتين الرسميتين في المغرب. تُطل المدينة على ساحل المحيط الأطلسي وتقع على سفح جبال الأطلس الكبير، شمال مصب وادي سوس في المحيط الأطلسي. أكادير هي عاصمة عمالة أكادير إداوتنان وجهة سوس ماسة. كانت المدينة موقع حدوث أزمة أكادير سنة 1911 بين فرنسا وألمانيا والتي سبقت الحرب العالمية الأولى.
أڭادير هو اسم أمازيغي يعني الحصن المنيع وفي تفسير آخر مخزن الممتلكات أو مخزن الحبوب، وقد أطلقت على المدينة عدة أسماء مختلفة منذ نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، منها ما هو محلي مثل أكدير إيغير، وأكدير لعربا، ولعين لعربا، وفونتي وتكمي أوكدير لعربا، وتكمي أورومي. وهناك بضعة أسماء أخرى وجدت في الخرائط والوثائق الرسمية الدولية أشهرها اسم بورطو ميسكينوم (ميناء قبيلة مسكينة). وقد بلغ مجموع هذه الأسماء حوالي عشرين إسماً، إلا أن السواد الأعظم منها إندثر بمرور الزمن.
تجعل الرمال البيضاء الناعمة التي تحيط بالشاطئ أكادير من المنتجعات المغربية الأكثر شهرةً، التي تستقطب هواة البحر، والراغبين في زيارة بعض المعالم السياحية ذات الطابع التاريخي، مع الإشارة إلى أن أكادير هي قاعدة رائعة للرحلات الاستكشافية والرحلات اليومية إلى جنوب المغرب، إذ يمكن اللانطلاق منها، للوصول بسهولة، إلى قرية الصويرة للصيد التي تبدو المشاهد فيها كأنها مستلة من البطاقات البريدية، كما هي الحال في القرى الجبلية الداخلية.
أسوار القصبة الضخمة هي من عوامل الجذب التاريخية في أكادير؛ الأسوار هي الوحيدة الناجية من مدينة أكادير المحصنة، والتي بُنيت للدفاع عن الميناء البحري ضد الهجوم. يعود تاريخ القصبة إلى منتصف القرن السادس عشر، وهي كانت تأوي عدداً كبيراً من السكان داخل أسوارها.
يلاحظ أن الجدران والبوابة محفوظة جيداً، مع مناظر بانورامية ممتازة في هذا الموقع المجاور للتلّ، مطلة على أقسام أخرى من أكادير والساحل الأطلسي. يحلو قصد المكان، في وقت متأخر بعد الظهر، للحصول على أفضل ظروف التصوير.
كما يحتوي المركز الحديث في أكادير على عدد قليل من المعالم، كالمسجد الكبير، الذي هو عبارة عن هيكل من الطراز الحديث.
من جهة ثانية، يمكن مشاهدة معروضات المتحف الأمازيغي (ممر آيت سوس).
أما متحف أكادير التذكاري (شارع الرئيس كينيدي) فهو يذكر بزلزال أغادير المأسوي (سنة 1960)، والذي سوى المدينة بالأرض، ويحتوي على مجموعة مثيرة للاهتمام من الصور بالأبيض والأسود لأكادير في أوائل القرن العشرين.
تقع محمية الحياة البرية، على بعد 14 كيلومتراً شرقي أغادير، وهي موطن لتماسيح النيل التي كانت حتى أوائل القرن العشرين مستوطنة في المغرب، ولكن تم القضاء عليها منذ ذلك الحين عن طريق الصيد. وفي هذه الحديقة الخاصة بحماية التماسيح، يمكن رؤية التماسيح عن قرب، في بيئة معدة بعناية حتى تحاكي بيئة التماسيح الطبيعية.
تستضيف حدائق المنتزه مجموعة واسعة من النباتات المحلية في منطقة أكادير، بالإضافة إلى الغريبة منها، والموظفون (الذين يقومون بجولات في الموقع) على دراية كبيرة بكل من التماسيح والنباتات.
وفي الخاتمة لا لنا أن نشير إلى نقطة مهمة، وهي أن كل مدينة لها قيمة سياحية أو اقتصادية أو جغرافية، تكون تحت أنظار ومطامع الاستعمار سابقاً وإلى الآن، وهناك لمحة بسيطة عن حدث تاريخي يخص هذه المدينة.
ففي عام 1911، رست المدمرة الألمانية بانثر بالمدينة لحماية الجالية الألمانية المقيمة فيها مما أحدث ما يعرف بأزمة أكادير بين فرنسا وألمانيا، والتي أدت لاحقا إلى إعلان المغرب كله محمية فرنسية في عام 1912.